تقاسيم في حُبّ بيروت بيروت رائحةُ انثى خرجت لتوّها من حبّات المطر وجنةُ النهار وشامةُ العرب إغفاءةُ موج على زند اليابسة طعنة البرّ في خاصرة الزبد. بيروت وترٌ مائيٌّ في ربابة المتوسط آهة عميقة في نايات المدن تنهيدةُ ليل في صدر الصباح خيطُ فجر يرتق ثوب المنامات كلما عصفت بها ريحٌ تحصّنت باللهب كلما اشرأب عنق الدهر ليلقي نظرة عليها سال رخام العمر نهراً من صهيل وعسل وتدفقت مياه الحياة في عروق الزمن. بيروت زهرةُ الصوان اقحوانةُ التعب شهوة الغيب على خدّ التراب تمد يداً لكل غريق، تراقص كل حريق فاتحةً ذراعيها لنوتة شاردة من سمفونية الظلام أو يمامة مهاجرة من سراب البلاد وغزالة أضناها رحيل العشب والعنب. بيروت جنائنُ موسيقى وجحيمُ نزوات رقصة دائمة على فوهة الردى تانغو الحياة والموت معانقةُ السيف للندى وغيثُ جمرة في القلب لا تترمد كأنها تدفع عن عشاقها قواطع الاشتياق وسيوف العطر في حومة الغياب. وحيدةً تسهر كي لا تجرح وردةٌ دمعةَ عاشقة ولا تُزفّ عروسٌ بلا تاج زغاريد أو نشيد مطر. بيروت نشيد الاناشيد الحياةُ اذ تدبُّ في حناجر الحجر كلُّ ما فيها ناطقٌ حتى الموت والصمت والعتم والحطب جدرانها مرايا الذاكرة على جبينها ندوبُ الذين مروا من هنا تعاقبوا على حُبّها وحربها على جلدها وجرحها على صيف نهديها وشتاء عينيها أيقظوها من خدر أحلامها وأيقظتهم من يباس سباتهم في كتاب أوجاعها تفسيرُ الحُبّ وما قتل تعانقني كأنها كلّ النساء اللاتي عرفتهن تخاصمني كأمّ لا تجيد الزعل تمسح جبيني كلّ مساء بيدين من ضوء مملّح برائحة البحر تشدّ أزري بهتافات الشمس في ساحات النهار وغلالات النور في شعاب الغمام. عاشقةٌ معشوقة تحترف الانتظار كي يظل لبقائها معنى تنظر من ثقب الزمان لرؤية نجم خارج المدار أو لقطف وردة النار من مواقد الغضب. بيروت مُرَاودةُ الرمل لإناث الموج غجريةٌ تقرأ كفَّ المياه صوتُ الله اذ تجلى في شهقة الريح وفحيح الرغبات حواء الخطايا وناسكة الصبر مريم الباكية ومجدليتها عذراء المدائن وامرأة العزيز تَلاطمُ الأضداد وتَلاقحُ كلّ نقيضين من جنازات فراشاتها تبتكر أجنحةً ومن رماد قتلاها تزداد نعومة أرجوحةُ الضوء على حبال الكرى رمانةُ القلب وتفاحةُ الربّ المُشتهاة كم في غواياتها جُنّت شعوبٌ تاه عشٌاقٌ ارتد كيدٌ الى نحر صنّاعه وانشق صدر الثريا شوقاً لإبنة الثرى وَلاّدةُ الحياة من أحشاء الفناء حبلُ سرّتها سرُّها وسريرتها وسيرةُ ولاداتها الدائمة سليلةُ الملح والجرح والوردةُ الدهريةُ في حديقة الأبد.