كبُر وأصبح رجلاً رغم أنه في نظر كثيرين لا يزال طفلاً. لم يبلغ سن الحلم بعد، تلاطم الأفكار رأسه كأمواج عاتية تضرب صخراً. ها قد كبرتُ وأصبحت شاباً وسأبدأ في رسم معالم حياتى وأبدأ أولى خطوات الرجولة! سأشتري دراجة نارية موتو وأصبح كباقي الشباب أسابق الريح وأخترق بها عباب السماء. علي أن ألفت نظر أصحاب الرؤى الضيقة الذين يرمقونني بنظرة طفولية عرجاء وأريهم ماذا أفعل! هكذا يحلم شبابنا أصبح أكبر همهم دراجة نارية. تلك التي أصبحت ظاهرة دخيلة في مجتمعنا الفلسطيني. تنظرها من بعيد فتسر لرؤيتها، فهي أنهت حقبة قديمة من زمن وسائل النقل البدائية، ولكن هيهات. ليت هذه الحقبة لم تذهب، فعشرات القتلى والمصابين جراء حوادث هذه الآلة البغيضة آلة الموت، التي أصبحت هاجساً يؤرق أرباب الأسر خوفاً على أطفالهم وأنفسهم حتى عند سماع صوتها فما بالك حين السير بقربها وسماع هديرها. في مستشفى غزة الأوروبي يتجاور المصابون، يتهامسون ويصرخون من شر ما وقع بهم، تعددت الإصابات والوسيلة واحدة رغم اختلاف المكان والزمان إلا أن الموت كان قريباً لولا مشيئة الله ولطفه. إن الظواهر السيئة التي تنتقل من مجتمع إلى آخر سرعان ما تتلاشى وتنتهي إن وجدت سبل الحل والمعالجة على رغم أنها تخلف أضراراً معنوية ومادية تبقى راسخة في الأذهان. ومع اختلافنا مع كثيرين يرفضون تصنيفها كظاهرة سلبية أيضاً، إلا أننا نتفق على بعض الجوانب الإيجابية لها على رغم اتفاقنا أيضاً على الأضرار التي تتركها، فشعبنا في غنى عن مسببات القتل وجلب الأحزان، ألا تكفي صواريخ العدو وهمجيته، لذا يجب علينا حماية آدمية الناس وحقهم في الحياة لأنها قيمة عظيمة وهبها الخالق نعمة يجب الحفاظ عليها. سليم البريم - بريد إلكتروني