أعلن مستشار رئيس الوزراء التركي، إبراهيم قالن، تكثيف الجهود والاتصالات من أجل فتح مكتب تمثيل لحركة طالبان في إسطنبول. ويبدو الأمر عند سماعه للوهلة الأولى مقيتاً ومستهجناً. فطالبان حركة متطرفة دموية قتلت من غير رحمة أو شفقة الأطفال والنساء والشيوخ. وتولي حكومة جذورها إسلامية الحكم في تركيا يحمل كثر على انتقاد الخطوة هذه. فحكومة"العدالة والتنمية"لم تنف يوماً تعاطفها مع"حزب الله"أو"حماس". ولا يخفى على أحد أن ثمة متطرفين إسلاميين في قاعدة حزب العدالة والتنمية الحاكم يدعون للجهاد في أفغانستان. وفتح مكتب تمثيل لهذه المنظمة الإرهابية الدموية في تركيا هو اعتراف بها وبحقها في التمثيل السياسي. والخطوة هذه تضع أنقرة أمام تحديات صعبة. فماذا يكون موقفها إذا فتح حزب"العمال الكردستاني"ممثليات سياسية له في فرنسا أو لندن؟ وهل يسعها بعد اليوم الاعتراض على مثل هذه الخطوة؟ والاعتراف بطالبان قد يحمل كثر من الأوساط الإسلامية في تركيا على المطالبة بفتح ممثليات أخرى لمنظمات مثل"حزب الله"و?"حماس"! ولكن حري بنا ملاحظة أن الرئيس الأفغاني وقادة الولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلسي ناتو يؤيدون فكرة الحوار مع طالبان. وأعلن ممثل"الناتو"المدني السابق، حكمت شتين، أن إرساء السلام في أفغانستان هو رهن الحوار مع طالبان. وهذا التطور يشير إلى حقيقة مرة يصعب قبولها، ولكن خلاصتها ماثلة في مآل الأمور بإرلندا وإسبانيا. فإذا نجحت منظمة إرهابية في الصمود وواصلت عملياتها الإرهابية، وجدت مكاناً لها على طاولة الحوار السياسي في نهاية المطاف. ولكن هل تركيا جاهزة لمواجهة هذه الحقيقة المؤلمة، وهل هي مستعدة للحوار مع حزب"العمال الكردستاني"بعد أن قبلت مبدأ الحوار مع منظمة إرهابية مثل طالبان؟ وعلينا أن ندرك أن فتح ممثلية طالبان في إسطنبول يرفع الضغوط الدولية على تركيا من أجل حل القضية الكردية على أرضها حلاً مماثلاً، في وقت لا تعتبر دول أوروبية كثيرة أن"حزب العمال الكردستاني"هو حزب إرهابي، وترى أن القضية الكردية سياسية وأن الحزب هو الممثل الوحيد والشرعي للأكراد في تركيا. لا شك في أن الغرب سيدعو أنقرة إلى الجلوس إلى طاولة الحوار مع حزب العمال الكردستاني. والتناقضات التركية الداخلية قد تحول خطوة الحوار مع طالبان أزمة أمنية داخلية، عوض أن ترتقي نجاحاً ديبلوماسياً. ولا يفترض أن يتعارض بحث تركيا عن دور الوسيط في المنطقة من غير احتساب العواقب والنتائج مع سياسة الدولة العامة ومفهوم الأمن. فإذا قرر حزب العدالة والتنمية الحاكم بدء الحوار مع الحزب الكردستاني سراً، واتفق مع الأجهزة الأمنية المعنية، ومهد للخطوة من طريق فتح ممثلية طالبان، فالأجدر به أن يبادر إلى الخطوة هذه سريعاً حقناً للدماء التي قد تهدرها عمليات الحزب الكردستاني في المرحلة التحضيرية. وإذا لم يخطط الحزب الحاكم لمثل هذا الحوار ? على ما أعلن رئيس الوزراء في أكثر من تصريح رسمي ? حري به الابتعاد عن مغامرات لا فائدة ترتجى منها وتسهم في مفاقمة مشكلات وقضايا تركيا الداخلية. * معلق، عن"مللييت"التركية، 20/4/2011، اعداد يوسف الشريف