يرمي حجاج بيت الله الحرام اليوم في مشعر منى جمرة العقبة الكبرى، بعد نفرتهم إليها أمس من مزدلفة، التي باتوا ليلتهم فيها بعد قضاء يومهم تضرعاً وابتهالاً وخشية على صعيد عرفات الطاهر. راجع ص 2 وأدى ضيوف الرحمن في مزدلفة صلاتي المغرب والعشاء جمعاً وقصراً قبيل المغادرة فجراً إلى مشعر منى لرمي الجمرات في أول أيام عيد الأضحى وإعلان تحللهم الأصغر، ومن ثم انطلاق عملية ذبح الهدي للمتمتعين من الحجيج. واستقل مئات الآلاف من الحجاج قطار المشاعر، الذي عمل هذا العام بكامل طاقته وصعدوا إلى عرفات وبقوا هناك حتى غياب شمس أمس ليستقلوه مجدداً قاصدين المبيت في مشعر مزدلفة من دون حالات تأخر تذكر. وعلى صعيد جبل الرحمة، فاضت أعين الحجيج، ولهجت ألسنتهم بالدعاء والثناء والحمد على نعمة الوقوف بهذا المكان المقدس، وشهود أعظم أركان الفريضة، حيث وقف رسول المسلمين محمد صلى الله عليه وسلم رافعاً يديه داعياً ربه وعيناه تفيضان بالدمع من فجر يوم عرفة وحتى مغيب شمسه. ولفت المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء في السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في خطبة يوم عرفة في مسجد نمرة، إلى أن الأمة الإسلامية تواجه تحديات عظيمة، داعياً المسلمين إلى السعي لحل مشكلاتهم من دون تدخل أعدائهم، محذِّراً إياهم من الميل إلى الطائفية، وقال:"على علماء الأمة أن يقوموا بواجبهم المأمول حرصاً على حماية المجتمع المسلم وتقديم برامج واقعية لحل مشكلاتهم وتجنب الفتن والمصائب". وشدد المفتي على أهمية إقامة العدل في المجتمعات الإسلامية ومحاربة الفساد، وقال:"أيها المسلمون، على قادة الشعوب الإسلامية أن يعملوا على إقامة العدل ومحاربة الفساد وجعل أولوياتهم مصالح الشعوب"، وزاد:"وعلى الرعية أن يلتفوا حول قيادتهم ويسعوا إلى حل مشكلاتهم بالطرق السلمية بعيداً عن الفوضى وسفك الدماء". وقال آل الشيخ:"إن هناك من بين الأمة من يريدون إفسادها، يريدون إفساد الحج والشغب والبلاء، فكونوا عيناً ساهرة ويداً واحدة وكونوا سداً منيعاً أمام المفسدين". وأكد أن الحاجَّ لم يأتِ للمهاترات والمساومات والشعارات الجاهلية والشخصية إنما جاء لعبادة الله جل وعلا والتقرب إليه وجمع الكلمة وتوحيد الصف ووعي الأمة المسلمة، وأضاف:"احذروا مكائد الأعداء، لم يأتِ في سنَّة الحج أن يكون منبراً سياسياً أو منبراً للمهاترات، فكل هذا مما يمقته الإسلام، فاتقوا الله في أنفسكم". وأعلن المدير العام للدفاع المدني الفريق سعد بن عبدالله التويجري نجاح خطة تدابير الدفاع المدني خلال تصعيد حجاج بيت الله الحرام إلى مشعر عرفات وعدم تسجيل أي حوادث مؤثرة في مسارات صعود الحجاج من العاصمة المقدسة ومشعر منى إلى عرفات. وأكد أن فرق ووحدات الدفاع المدني التي رافقت عملية تفويج الحجيج لم تسجل أي حالات أو مخاطر تهدد سلامة جموع الحجيج، موضحاً أن قوات الدفاع المدني بعرفات نفّذت بنجاح خطة انتشارها لمواجهة المخاطر الافتراضية خلال وقوف الحجاج بعرفة، ونفرتهم منه باتجاه مشعر مزدلفة. وأوضح قائد الدفاع المدني بمشعر عرفات العميد عبدالله جداوي، أنه تم إسناد قوة الدفاع المدني بالمشعر ب 40 وحدة من قوات الإسناد والطوارئ، ابتداء من صباح يوم عرفة، إضافة إلى رجال الإشراف الوقائي والحماية المدنية الذين انتشروا في مواقع عدة داخل مسجد نمرة وخارجه، للتعامل مع المخاطر المحتملة نتيجة الزحام في أوقات صلاة الظهر والعصر، وكذلك الزحام المتوقع في جبل الرحمة نتيجة محاولة أعداد كبيرة من الحجاج الصعود إليه. وأوضح مسؤول الحماية المدنية بمشعر منى المقدم يحيى دماس الغامدي، أن تجهيزات غرفة مراقبة الطوارئ في منشأة الجمرات من الشاشات التي تتلقى الصور والمشاهد الحية من كل أرجاء المنشأة، تدعم قدرة الوحدات الميدانية المتخصصة في أعمال الإنقاذ والإطفاء وفرق التدخل السريع والوحدات المتخصصة في التعامل مع المواد الخطرة لأداء مهماتها.