اعتبرت إيران أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي اتهمها بتنفيذ"نشاطات لإنتاج سلاح نووي"،"خطأ تاريخي"، محذرة من أن قواتها"ستواجه الجنود الصهاينة في شوارع تل أبيب"، إذا تعرّضت لهجوم من الدولة العبرية، كما أكدت أن"ساحة المعركة ستتسع لتشمل أوروبا والولايات المتحدة". وتعالت الدعوات في أوروبا الى فرض عقوبات إضافية على إيران، أبرزها من بريطانيا وفرنسا التي حضت على اتخاذ تدابير"تُعتبر سابقة"، لكن روسياوالصين سارعتا الى تأمين شبكة حماية لطهران، إذ أعلنت الأولى رفضها فرض عقوبات جديدة، فيما جددت الثانية دعوتها الى"الحوار والتعاون"لتسوية الملف النووي الإيراني. راجع صفحة 8 في غضون ذلك، حضّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو العالم على"إنهاء مساعي إيران لامتلاك أسلحة نووية تشكّل خطراً على سلام العالم والشرق الأوسط". وقال في بيان:"تقرير الوكالة الذرية يؤكد موقف المجتمع الدولي وإسرائيل، بأن إيران تطوّر أسلحة نووية". تزامن ذلك مع حملة شعواء شنّها مسؤولون إسرائيليون على المدير العام السابق للوكالة، المصري محمد البرادعي، معتبرين أنه"عميل إيراني". وقال الجنرال المتقاعد عوزي إيلام، الرئيس السابق ل"المنظمة الإسرائيلية للطاقة الذرية":"البرادعي كان غير نزيه، إذ منع مجلس الأمن من فرض عقوبات جدية، موفراً للإيرانيين وقتاً ثميناً". ونقلت صحيفة"يديعوت أحرونوت"عن مسؤولين إسرائيليين أن تقرير الوكالة الذرية يثبت"كم عَمِل البرادعي لمصلحة إيران، إذ أنقذها وانشغل دوماً في التغطية عليها، مسبّباً ضرراً جدياً، إذ أتاح للإيرانيين خداع العالم واستغلال الوقت. التاريخ سيحكم عليه بوصفه الشخص الذي ساعد إيران في امتلاك سلاح ذري". في طهران، أكد الرئيس محمود أحمدي نجاد أن بلاده"لن تتراجع قيد أنملة عن الطريق الذي تسلكه"، معتبراً أن"الشعب الإيراني ذكي ولن ينتج قنبلتين نوويتين في مواجهة القنابل العشرين ألفاً"التي يملكها الغرب. أما علي أصغر سلطانية، المندوب الإيراني لدى الوكالة الذرية، فاعتبر تقرير مديرها العام يوكيا أمانو"منحازاً ومسيّساً وغير محترف"، مشدداً على أن طهران"ستواصل نشاطاتها النووية السلمية". وحمّل أمانو"تبعات هذا الخطأ التاريخي الذي ستردّ عليه إيران، بالتنسيق مع دول أخرى"، في مقدمها روسياوالصين ومجموعة عدم الانحياز. وأعلن الجنرال مسعود جزائري، نائب رئيس الأركان الإيراني، ان مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي"هو أسهل موقع قد نستهدفه، وسيُدمّر إذا حصل أدنى تحرك إسرائيلي"ضد طهران، فيما حذر النائب حسين نقوي، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى البرلمان الإيراني، من أن"القوات الإيرانية ستواجه الجنود الصهاينة في شوارع تل أبيب، وستخرجهم من الأراضي الفلسطينية، إذا شنت إسرائيل هجوماً على إيران". وأضاف:"ساحة المعركة ستتسع لتشمل أوروبا والولايات المتحدة". وعلمت"الحياة"ان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سيعقد اجتماعاً تشارك فيه الجهات المعنية بالملف النووي، وكذلك سلطانية، لصوغ الموقف الرسمي لطهران من التقرير. ونفت مصادر في طهران، رغبتها في قطع علاقاتها بالوكالة، مشيرة الى أن"ردها سيتمثّل في استكمال دورة التكنولوجيا الذرية، بما فيها تخصيب اليورانيوم وإنتاج الوقود النووي". ورأى وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن تقرير أمانو"دامغ"، مضيفاً:"إذا رفضت إيران الالتزام بمطالب المجتمع الدولي، ورفضت أي تعاون جدي، نحن مستعدون مع كل الدول الراغبة، لفرض عقوبات بحجم يُعتبر سابقة". كما أشار وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ونظيره الألماني غيدو فسترفيلله الى ضرورة فرض عقوبات جديدة. في المقابل، نقلت وكالة"انترفاكس"للأنباء الروسية عن غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، قوله إن"المجتمع الدولي سيعتبر أي عقوبات جديدة على إيران، أداة لتغيير نظامها، وهذا التوجه غير مقبول بالنسبة إلينا، وروسيا لا تنوي درس اقتراحات مشابهة. يُقلقنا اتخاذ الغربيين تدابير عقابية أحادية، للتأثير في إيران، وهذا لا يساعد الحوار معها". وتزامن تصريح غاتيلوف مع محادثات أجراها علي باقري، نائب سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو، تطرقت الى الملف النووي الإيراني والعلاقات بين البلدين، كما أفادت الخارجية الروسية. واعتبرت موسكو ان تقرير الوكالة"لا معلومات جديدة من حيث الجوهر"، وان"تفسيرات التقرير تذكرنا بمعلومات المخابرات المغلوطة بشأن المزاعم عن برنامج عراقي للتسلح النووي". ودعا ناطق باسم الخارجية الصينيةطهران الى"إبداء ليونة وصدق"مع الوكالة الذرية التي حضها على انتهاج"الموضوعية"، مجدداً تمسك بكين بتسوية الملف النووي عبر"الحوار والتعاون". وفي نيويورك، تبنت الدول الغربية في مجلس الأمن استراتيجية الانتظار الى ما بعد تناول"مجلس حكام"الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا تقريرها الأخير عن الملف النووي الايراني، ثم النظر في الخيارات المتاحة لإجراءات في المجلس لتشديد العقوبات. وقالت مصادر أوروبية إن المحطة التالية من العقوبات ستكون بالغة الصعوبة نظراً الى أنها منطقياً يجب أن تصب في خانة النفط، الأمر الذي من المتوقع أن يلاقي مقاومة شديدة من الصين لأسباب تجارية ثنائية مع إيران. واعتمدت الاستراتيجية الغربية حتى الآن سياسة"العصا والجزرة"، إحداها تنطوي على ترغيب إيران بالمفاوضات الجدية حول برنامجها النووي بلا شروط مسبقة وإلا مواجهة ضغوط جديدة بإجراءات إضافية. والنوع الآخر هو ترغيب كل من روسياوالصين ب"جزرة"تشديد العقوبات وإجراءات أخرى سياسية وديبلوماسية لقطع الطريق على مغامرات عسكرية تتوعد بها إسرائيل لمعالجة البرنامج النووي العسكري في إيران. وقال السفير الروسي في الأممالمتحدة فيتالي تشوركين ل"الحياة"إن"تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيدرس بعناية ولكن في جنيف". واضاف إن أي إجراء في مجلس الأمن"أمر غير مطروح". وسئل عن احتمال فرض عقوبات إضافية على إيران فاجاب:"ليس من طرح لعقوبات من أحد".