قال غاندي:"إذا تركنا واجباتنا وركضنا خلف حقوقنا ستهرب منا كالسراب، وعلى قدر ما نلاحقها ستطير أبعد وأبعد"... هذه حكمة يبدو أن غالبية الشعوب العربية تفتقدها وتجهل البنود الأساسية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. من هنا، أطلقت نجلاء عزت مشروعها الثقافي المستقل"حق وواجب المصري"ليتعرف الفرد على ما له وما عليه تجاه مجتمعه. الحرية تحتاج إلى تعرف كل فرد على الحقوق والواجبات، لتتحول من مجرد حلم إلى واقع ملموس. تلك هي الشرارة التي حركت عزت في اتجاه تنفيذ مشروع يرمي إلى إخراج المصريين إلى نور معرفة أساسية تعينهم على مواجهة المرحلة الانتقالية الراهنة بمقدار كافٍ من الوعي يحميهم من الانزلاق إلى أخطار قد لا تحمد عقباها. المشروع، كما تقول عزت، هو كتيب يضم مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكنها سعت إلى تقديمه بطريقة مختلفة وغير تقليدية، من خلال رسم هذه المواد بريشة مجموعة من الفنانين التشكيليين المصريين، وصَوغها بأسلوب ساخر عبر فن الكاريكاتير، من أجل تبسيط ما ينص عليه الإعلان ليصل إلى مختلف فئات المجتمع، واختارت له عنوان"حق وواجب المصري". الفن يتفاعل منذ تخرجها في كلية الفنون الجميلة، تحاول عزت الربط بين الفن التشكيلي والحياة الاجتماعية والإنسانية، لتكسر حواجز تحول بين تفاعل الإنسان البسيط مع الفن التشكيلي. وكانت البداية من رسالة الماجيستير التى تناولت فيها"مفهوم الحرية في أعمال الرسم والطباعة في جنوب إفريقيا"، ومن هنا بدأت تفكر في ضرورة إلمام كل فرد بما له وما عليه لبلوغ الحرية المنشودة. عن أسباب تأخر إطلاق المشروع، تشير عزت إلى أن حالة الركود الإبداعي والاستسلام التي شهدتها مصر خلال السنوات الماضية، أصابتها بخيبة، وكادت تفقد الحماسة لتنفيذ فكرتها. لكن دماء شهداء"ثورة 25 يناير"أعادتها إلى حلمها، كي لا يهدر حق المصري بعد اليوم. فأعلنت عن المشروع خلال الأسبوع الأول من تنحي حسني مبارك، وتضامن معها حوالى 30 فناناً تشكيلياً، من بينهم جورج بهجوري، طوغان، محسن رفعت، حنان الكرارجي وإيهاب شاكر. وعلى رغم أنها فنانة تشكيلية، فضلت أن تقدم فكرتها باستخدام فن الكاريكاتير كونه ذا شعبية أوسع بين المصريين، فتُقدّم مواد حقوق الإنسان بأسلوب بسيط ومصوّر لمن لا يهوى أو لا يجيد القراءة. كانت الخطوة الأهم في المبادرة هي إعادة كتابة نص الإعلان العالمي باللهجة العامية. لذلك حرصت عزت على أن تتعاون في الصياغة مع الشاعر والكاتب عمرو حسني الذي استلهم في الكتابة عبارات وكلمات من التراث المصري حتى يكون الكتيب أكثر جذباً للقراء. التحفظات المصرية نشر فريق العمل مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفقاً لتوقيع مصر، أي من دون بعض الأجزاء التي تحفظت عنها وبما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، كما لم ينس إهداءه إلى أرواح شهداء الثورة المصرية. وعبر صفحة المشروع على"فايسبوك"، ناشدت عزت كل متعلم أن يقرأ الكتيّب لغير المتعلمين، وأن يوزعه الأغنياء على الفقراء ليهديهم المعرفة بحقوقهم وواجباتهم، بالضبط كما يتبرّعون لهم بالطعام والمال لأن الأمر هنا لا يقل أهمية، مؤكدة أن الثورة أملت على الشعب واجب الوعي السياسي والقانوني والاجتماعي والإنساني.