"التخصصات الصحية" تحتفي ب 12,591 خريجًا من برامج البورد السعودي والأكاديمية الصحية 2025م    أمير تبوك يُكرّم مواطنًا تقديرًا لموقفه الإنساني في التبرع بكليته لابنة صديقه.    القيادة تعزي رئيس سريلانكا في ضحايا إعصار ديتواه    جامعة الأمير مقرن تُقيم حفلها الختامي لفعالية "هاكثون أنسنة المدينة"    أسعار النحاس تسجل رقمًا قياسيًا جديدًا    فيصل بن مشعل : المرشدين السياحيين شركاء في إبراز الهوية السياحية للقصيم    الشركة السعودية البحرينية للاستثمار وممتلكات توقعان اتفاقية لتعزيز التعاون والاستثمار في قطاعات استراتيجية    بوتين يتهم أوروبا بعرقلة الجهود الأميركية    تهمة القتل لمطلق النار في واشنطن    العفو الدولية: «الدعم السريع» ارتكب جرائم حرب في السودان    الجبير يلتقي بالمفوضة الأوروبية للبيئة والمرونة المائية والاقتصاد الدائري التنافسي    ولي العهد ورئيسة وزراء إيطاليا يبحثان التعاون المشترك والمستجدات    فرع الموارد البشرية بالمدينة المنورة يُقيم ملتقى صُنّاع الإرادة    "بر الرياض" تعقد جمعيتها العمومية وتطلق هويتها الجديدة وخطتها الإستراتيجية 2030    الملحقية الثقافية السعودية في الأردن تحتفل باليوم العالمي للإعاقة    الثقافة السعودية تحضر في معرض «أرتيجانو آن فييرا»    الدخول الذكي يهدد نزلاء الشقق المفروشة عبر التطبيقات    سبع قمم يشارك في مهرجان البحر الأحمر    هرمونات تعزز طاقة المرأة العاملة    الأردن تتغلب على الإمارات بثنائية في كأس العرب    تحركات جديدة في ملف الرفات وفتح معبر رفح    الشباب والفتيات جيل يتحمل المسؤولية بثقة ونضج    مجمع بيش الثانوي يُفعّل اليوم العالمي لذوي الإعاقة    افتتاح متحف زايد الوطني في أبوظبي    قمة خليجية- إيطالية في البحرين لترسيخ الشراكة    القبض على يمني في المدينة المنورة لترويجه مواد مخدرة    نقاط خدمة جديدة لحافلات المدينة    الدفاع المدني يحتفي بيوم التطوع    منال القحطاني تعيد الحياة لطفلة في لحظة حرجة    إقحام أنفسنا معهم انتقاص لذواتنا    منتدى القطاع غير الربحي الدولي يبحث مستقبل الشفافية في العمل الخيري    لم يكن يعبأ بأن يلاحقه المصورون    إثراء" يستعد لإطلاق حفل "أقرأ" الختامي في نسخته العاشرة.. الجمعة    مُحافظ الطائف يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمحافظة    الطلاق الصامت.. انفصال بلا أوراق يُربك الأسرة    اندثار المواهب والحلول لإعادة اكتشافها وصقلها    القيادة تهنئ رئيس الإمارات بذكرى اليوم الوطني لبلاده    طفل بلجيكي..«دكتور فيزياء»    مهرجان البحر الأحمر يعلن تعاونه مع «فيلم العلا»    مجرد (شو) !!    قبل عرضها على سبيستون    يبحثون التكامل الاقتصادي في القمة ال 46.. قادة الخليج يعززون الدفاع المشترك من البحرين    انطلاق النسخة الثالثة لمعرض التنقل.. الشامي: السعودية الأولى عالمياً في ترابط الطرق    الحوثي يعدم المدنيين بتهم «مزيفة»    تصعيد متواصل رغم دعوات التهدئة الأمريكية.. نتنياهو يخطط لمنطقة «منزوعة السلاح» في سوريا    ألقى بابنته من الشرفة لرفضها فسخ خطبتها    «الجوازات»: الهوية الرقمية لا تستخدم في عبور منفذ سلوى    الهلال يطلب إعفاء بونو من كأس أفريقيا.. ونونيز يريد الرحيل    جودة النظام الصحي تسبق مهارة الطبيب    شبه القراءة بالأكل    في جزيرة شورى وزيرا الرياضة والإعلام والإعلاميون.. أمرهم شورى!    ضبط 21134 مخالفًا للإقامة والعمل وأمن الحدود    3 ملايين مخطوطة تتصدر حديث ثلوثية الحميد    السفراء الجدد يؤدون القسم أمام ولي العهد    رجل الدولة والعلم والخلق الدكتور محمد العقلاء    "الشؤون الإسلامية" تنفذ أكثر من 47 ألف جولة رقابية في المدينة المنورة    القيادة تعزي الرئيس الإندونيسي في ضحايا الفيضانات والانزلاقات الأرضية ببلاده    الداخلية: تخريج 99 ضابطاً من دورات متقدمة وتأسيسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة "البهجوري" من بهجورة إلى باريس
نشر في الحياة يوم 23 - 05 - 1999

أصدر رواق البلقاء، في عمان، كتاباً عن الفنان التشكيلي ورسّام الكاريكاتير المصري جورج بهجوري بعنوان "جورج بهجوري: من بهجورة الى باريس"، وهو الكتاب الثاني الذي يصدره الرواق نفسه عن الفنان بعد الكتاب الاول "بهجوري" الذي ضم عدداً من رسومات الفنان وبورتريهاته.
يتضمن كتاب بهجوري الجديد "من بهجورة الى باريس" كلمات كتبت عنه، وحوارات معه، اضافة الى صور عدد كبير من رسوماته ومنحوتاته التي تمثل عالمه الشاسع في تصوير الوجوه ورسم المجاميع البشرية بخطوط فريدة تدل على الرسام المصري الذي تفرد بطريقة شديدة الخصوصية والحيوية في رسم الوجوه والمجاميع.
قال عنه نجيب محفوظ: "فنّك يصبح عالمياً من تلقاء محليته". ونحن نلاحظ في صور اعماله المنشورة في كتاب "من بهجورة الى باريس"، الذي يضم رسومات تنتمي الى مرحلتيه المصرية والباريسية، اصرار الرسام على العودة الى مصادره الاولى والنهل من ينابيع طفولته وأمكنتها التي تطل علينا في الصور الفوتوغرافية المنشورة في الكتاب جنباً الى جنب مع رسومات الفنان التي تغلب عليها الانطباعية او التكعيبية. فهناك صور لجورج البهجوري في مسقط رأسه بهجورة، وصور له وهو يرسم، وصور مأخوذة للفنان في مرسمه الباريسي، مما يعطينا فكرة عن عالم هذا الرسام المصري الغزير الانتاج رسوماً بالزيت والألوان المائية، ومنحوتات وتخطيطات ورسوماً كاريكاتورية. فهو يحمل معه كرّاسة الرسم اينما ذهب، فيرسم في المقهى والقطار والحافلات، وعلى الرصيف، وفي اي مكان يذهب اليه لينقل انطباعاته عن الناس الذين يصادفهم في الامكنة العامة التي يعدّها مصادر إلهامه الحقيقية.
يتحدث بهجوري في الكتاب عن نزهة القلم بالحبر الاسود على الورقة البيضاء ليثرثر في بهجة وأنين كما المزمار البلدي. يقول بهجوري: "الخط قيثارة لها نغمها الجميل في أذني، وأنا احكي به وأبوح بما في داخلي من مشاعر، لذلك لا ينقطع الخط إلا نادراً. لا يتوقف عند نقطة ولا ينكسر عند زاوية، ولكنه غالباً يتعرج ويتلوى في انحناءات كثيرة او دوران للأقواس كما نداء المؤذن او جرس الراهب". وعندما يُسأل الفنان عن بداية الخط لديه يقول انه يبدأ من العين في العادة لينتهي وقد اكتمل الرسم وجهاً كان او مجموعة من الاجساد المتراصة في مقهى بلدي مصري او في الشارع حيث تعبر الاجساد راكضة الى اماكن العمل والدراسة.
يتميز اسلوب بهجوري في الرسم بالاختزال. عدد قليل من الخطوط لنقل اوسع مساحة من التعبير عن دواخل الشخصيات او المجاميع البشرية التي يرسمها. وفي حديثه عن الاختزال يقول انه كان هاجسه منذ البداية. "كنت دائماً ابحث عن تجريد العمل الفني من كل الزوائد، وأعتقد ان هذه الزوائد تنقص من قيمة العمل الفنية، ومن مقدرته الى التوصيل ... ولكن ذلك سبّب لي خسارات كثيرة في بدايات حياتي الفنية. كنت اجلس الساعات الطوال اعمل في التشذيب والاختزال. وكان صلاح جاهين يقف الى جانبي يلتقط الفكرة والتقنية، ويدفعها الى الصفحات ويكسب تلك الشهرة الكبيرة، وأنا مشغول بمختبري التجريبي". اما عن استخدامه الرسم للالتفاف على مشاعر العجز وتأمين حال من السلام الداخلي فيقول بهجوري: "في طفولتي كنت كثير الغضب احطم زجاج النوافذ. وقد انتهى غضبي عندما اصبحت ارسم الكاريكاتور. اصبحت اقوم بتحطيم الزجاج بالريشة. قررت ان اقتل جميع المسؤولين والسياسيين بالريشة!".
ان خطوط بهجوري في بعض رسوماته قريبة من عالم بيكاسو. فيها ذلك الاختزال الذي نجده في عدد كبير من اعمال الرسام العالمي الشهير. انه يمزج احياناً بين الفن المصري القديم وتأثيرات بيكاسو في اعماله. وهو يقول عن العلاقة الفنية التي تربطه ببيكاسو: "بيكاسو له سحر خاص في تاريخ الفن الحديث. وطول حياته كان يلعب، واللعب هنا معناه الحرية. وقد رسمت كرّاسة كاملة على طريقته تلك لكن بأسلوبي، تحية له وفي الوقت نفسه كنوع من المداعبة في الفن".
لكن الاعمال المصوّرة في الكتاب تقول اكثر من ذلك، فنحن نعثر في الكتاب الحالي، وفي الكتاب السابق الذي اصدره رواق البلقاء قبل سنوات قليلة، على تأثيرات مرحلة بيكاسو التكعيبية بارزة في اعمال جورج البهجوري، وهي تمتزج بتأثيرات الفنانين العفويين والانطباعيين بحيث يصعب علينا في النهاية ان نلاحظ عمق تأثيرات المدارس الفنية المختلفة على عمل الفنان المصري الذي تغلب على عمله التشكيلي روح فنان الكاريكاتور الذي يشوّه الوجوه ويغيّر النِسب في رسوماته فيضخّم الانف على حساب الوجه، او يضخم الرأس بحيث يغدو اكبر بكثير من الجسد نفسه. وهو يصف نزوعه الى اعطاء رسوماته مسحة كاريكاتورية قائلاً: "تاريخي الفني بدأ منذ كنت في الرابعة من عمري، حيث بدأت "الشخبطة" في كرّاسة اخي الذي ذهب الى المدرسة، ثم في كرّاستي انا في السنة التي تلتها. وكانت في الحقيقة محاولة طفولية لرسم زوجة ابي بطريقة كاريكاتورية. وفي المدرسة تحولت "الشخبطة" الى السّبورة والطباشير لرسم الاستاذ في الفسحة القائمة بين حصّتين ... وكانت هذه المغامرة تؤدي في الغالب الى غضب الاستاذ، إلا انها كانت تكسبني جماهيرية ومحبة في صفوف زملائي".
يروي بهجوري في كتاب "من بهجورة الى باريس" انه عندما التحق بكلية الفنون الجميلة وطلب منه المدرّس ان يرسم تمثال سقراط الذي وضعه الاستاذ امامه تحول سقراط الى زنجي اسود. لقد رسم بهجوري في الحقيقة الولد النوبي الذي جاء يحمل له كوباً من الشاي، ولم يلتفت الى التمثال الموضوع امامه. وقد تنبأ الاستاذ بمستقبله في عالم الكاريكاتير. لكن عمل بهجوري التشكيلي، على رغم غلبة الخطوط الكاريكاتورية على الكثير من لوحاته وحتى على اعماله النحتية، يخرج من دائرة الكاريكاتير الى رحابة عالم الرسم.
ان الكاريكاتير يعلّم بهجوري الاختزال والتعبير عن الكثير المعنى من خلال استعمال القليل من الخطوط والأشكال. لكن عالمه التشكيلي يبدو شديد الغنى والحيوية، والتأثيرات المماثلة في عمله تؤكد على مقدرته على تمثل الكثير من التجارب التشكيلية في العالم من دون ان يفقد شخصيته الفنية وجذوره المصرية. فعالميته، كما قال الروائي الكبير نجيب محفوظ، تنبع من محليته، تماماً كما هي عالمية نجيب محفوظ نفسه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.