في الثامن عشر من حزيران يونيو 1940 اطلق الجنرال شارل ديغول نداءه الشهير، والذي جاء في نحو 400 كلمة، الى الفرنسيين وحضهم على مقاومة الاحتلال النازي لفرنسا. وفي الذكرى السبعين للنداء، دخل الرئيس نيكولا ساركوزي وزوجته كارلا مقر هيئة الاذاعة البريطانية بي. بي. سي كأول رئيس فرنسي يحتفل في لندن ب"نداء 18 حزيران"، وللبحث في المشاركة الفرنسية - البريطانية في الحرب الاطلسية ضد"طالبان"و"القاعدة"في افغانستان، ولحماية الاراضي الفرنسية والبريطانية من"الارهاب الدولي"، كما قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون اثناء احتفال اقيم في حديقة"المستشفى الملكي"في تشيلسي حيث قلد الرئيس الفرنسي 6 من المحاربين القدامى 3 فرنسيين وثلاثة بريطانيين اوسمة جوقة الشرف لدورهم في عملية"دراغون"لانزال المقاومين في منطقة بروفانس الفرنسية العام 1944. بدأ احياء الذكرى بوضع ساركوزي والامير تشارلز ولي عهد بريطانيا اكليلي زهور على قاعدة تمثال ديغول وعلى ضريح الملك جورج السادس والد الملكة اليزابيت الثانية الذي احتضن المقاومة الفرنسية اثناء الحرب العالمية الثانية وسمح لها باستخدام اراضي التاج في العمليات لتحرير فرنسا من النازيين. وفي الوقت الذي كان فيه ساركوزي يشكر"الاخوة البريطانية التي ساهمت في حصول فرنسا على حريتها"كانت كارلا تشرب الشاي الانكليزي في"10 داوننغ ستريت"مع سامنتا كامرون في اللقاء الاول بين السيدتين. وشدد رئيس الوزراء البريطاني على ان المناسبة"دليل ليس فقط على اهمية تعاون البلدين الجارين بل على اشتراكهما في التصدي للتحديات ماضياً ومستقبلاً". وقال ناطق باسم الحكومة البريطانية ان محادثات كامرون وساركوزي التي استمرت ساعة تقريباً"تناولت التصدي للارهاب والهجرة الى الاقتصاد الدولي والتعاون مع الولاياتالمتحدة". ولم ينس كامرون في كلمة قصيرة القاها الاشارة الى ان"الرئيس ساركوزي هو من اعاد فرنسا الى الحلف الاطلسي"الذي اخرجها الجنرال ديغول منه. يُشار الى ان"هيئة الاذاعة البريطانية"لم تُسجل نداء ديغول الاول، لكنها طلبت منه العودة بعد اربعة ايام لتوجيه ندائه ثانية ولتحفظ النسخة الجديدة منه في الارشيف. ووفق نسخة من الوثائق البريطانية طلب مهندس الصوت في"بي بي سي"من الجنرال القادم حديثاً الى لندن ان يقول كلمتين لتجربة ادائه فصاح ديغول على الفور"تحيا فرنسا"قبل ان يتوجه الى"الاستوديو الرقم 4 بي"عند العاشرة ليلاً ليوجه النداء الذي اصبح رمزاً لمقاومة النازيين، خصوصاً مع قوله"مهما حدث يجب ان تبقى شعلة المقاومة حية لا تنطفئ"، رغم ان مناسبة الثامن عشر من حزيران كانت ذكرى دحر البريطانيين للجيش الفرنسي بقيادة نابوليون بونابرت في معركة واترلو العام 1815. وكانت باريس سقطت في العاشر من حزيران 1940 في ايدي النازيين. وسارع المارشال بيتان، بطل معركة فردان الى طلب الاستسلام انقاذا لارواح الفرنسيين ومنعاً لتدمير العاصمة. لكن ديغول الذي كان يشغل منصب سكرتير دولة للدفاع انسحب من الحكومة وغادر في طائرة بريطانية يرافقه الجنرال الانكيزي ادوارد سبيرز ليحط في هيستون، وليلتقي بعدها رئيس الوزراء وينستون تشرشل، في الحديقة الخلفية ل"داوننغ ستريت"، والذي عرض عليه توجيه نداء الى الفرنسيين تبثه"بي بي سي". ومع ان اعضاء حكومة تشرشل لم يظهروا حماساً لبث الندء الا ان الجنرال سبيرز اقنعهم بالقبول. وتروي الوثائق ان البريطانيين سألوا ديغول في الليلة الاولى لوصوله "الى متى تعتقد انك ستبقى في بريطانيا"، فاجابهم:"انا هنا في مهمة... انا هنا لانقاذ شرف فرنسا". يُشار الى ان ديغول تجنب في النداء اي تهجم على الجنرال بيتان واتباعه واكتفى بتوجيه نداء الى الاحرار للانضمام اليه، واعداً بالتحدث اليهم ثانية ما اصاب مسؤولي الهيئة بالدهشة خصوصاً ان ذلك لم يكن مقرراً. ولم تستطع حكومة فيشي، المتعاونة مع الاحتلال، ان تمنع الصحف الفرنسية من نشر نداء ديغول ما فُسر بانه شرارة مقاومة المحتل، ما دفع الحكومة البريطانية الى اعلان اعترافها مباشرة بديغول قائدا لفرنسا الحرة. يُذكر ان نداء ديغول ساعد في جعل فرنسا شريكة للحلفاء في انتصارهم على النازية بدل من اعتبارها دولة خسرت الحرب بقيادة حكومة فيشي. نشر في العدد: 17242 ت.م: 19-06-2010 ص: 12 ط: الرياض