فيصل بن مشعل يشيد بجهود أمانة القصيم في تنظيم احتفال اليوم الوطني ال 94    النائب العام يرعى احتفاء النيابة العامة باليوم الوطني 94    نائب أمير جازان يرعى حفل أهالي المنطقة باليوم الوطني 94    5 عقود بقيمة تقارب 6 مليارات ريال لرفع جودة الطرق في العاصمة    القيادة تهنئ رئيسة جمهورية ترينيداد وتوباغو والقائد الأعلى للقوات المسلحة بذكرى يوم الجمهورية لبلادها    وزارة العدل: 2,200 خدمة توثيقية عبر كتابة العدل الافتراضية خلال اليوم الوطني    «الصندوق العقاري»: إيداع أكثر من مليار ريال في حسابات مستفيدي «سكني» لشهر سبتمبر    دعوات فرنسية من بيروت لوقف دورة العنف    الخميس القادم.. انتهاء مدة تسجيل العقارات ل 8 أحياء في الرياض    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الهزيمة أمام الجندل    مباني تعليم جازان تتوشح باللون الأخضر احتفاءً باليوم الوطني السعودي ال94    مصر تؤكد ضرورة التوصل لاتفاق فوري لإطلاق النار بغزة وفتح المعابر    الأسطرلابية.. إرث ملهم للفتيات والعالمات السعوديات    تشكيل الإتحاد المتوقع أمام العين    المملكة تشارك في الاجتماع الوزاري لشبكة غلوب إي في الصين    النفط يرتفع وسط مخاوف من اتساع الصراع في الشرق الأوسط    1485 مدرسة بمكة تحتفي بيوم الوطن بثلاثة ألاف فعالية    الفرصة لا تزال مهيأة لهطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    (No title)    وزير الدولة للشؤون الخارجية يلتقي نائبة مدير عام المنظمة الدولية للهجرة    بيريرا يزيد أوجاع الاتحاد    يوم للوطن.. وفخر لأُمة    نائب أمير جازان يشهد فعاليات اليوم الوطني ال 94    الكونغرس يتوصل لاتفاق تجنب إغلاق حكومي قبل الانتخابات    (يوم الوطن ووصافة العالم)    نيفيز يغيب عن مواجهة البكيرية    " الاحنباس" يرفع حرارة الأرض إلى 3 درجات مئوية    إطلاق أول نموذج ذكاء اصطناعي لمعالجة الصور    د. الربيعة ناقش مشاريع مركز الملك سلمان للأمن الغذائي.. إشادة دولية بالجهود الإنسانية السعودية في العالم    مستحقات نهاية الخدمة    «هلال نجران» يشارك في احتفالات اليوم الوطني ال 94    اليوم الوطني.. تتويج وبناء    107 جوائز حققتها السعودية في الأولمبيادات الدولية    الوطن.. ليس له ثمن    «طاقة المجد» ختام معرض مشكاة التفاعلي    الشارع الثقافي يتوهج    «بالروح يا صنع الرجال»    «إنسانية المملكة».. ندوة ثقافية بالعلا احتفاءً باليوم الوطني    خيركم تحقق أكبر عدد حافظ للقرآن الكريم بتاريخ المملكة    « تزييف عميق» لمشاهير الأطباء يهدد حياة المرضى    وصفات تراثية سعودية.. طريقة عمل الجريش السعودي مع الكشنه    علاج جديد للانزلاق الغضروفي بمخاط الأبقار    تألق وتنوع فعاليات ينبع باليوم الوطني السعودي ال 94    رسالة إلى الأجداد بحق هذا الوطن العظيم    فوبيا الشاحنات    اليوم الوطني السعودي.. تسبيح التغيير وابتهالات الثوابت..!    أحمد فتيحي يكتب لكم    السعودية أرض العطاء    اليوم الوطني - وطن استقرار وبناء    ملكٌ على موعدٍ مع التاريخ    د. التميمي: القطاع الصحي في المملكة يشهد تحولاً نوعياً    فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشارك في فعاليات اليوم الوطني    استمرار هطول الأمطار على بعض المناطق ابتداء من اليوم حتى الجمعة    الهلال الأحمر السعودي بمنطقة نجران يستعد للاحتفال باليوم الوطني ال 94    اليوم الوطني 94 (نحلم ونحقق)    بخطى متسارعة.. «غير النفطي السعودي» يتجاوز %4.4    مصادر الأخبار    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضاغطاً على النخاع الشوكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زواج القاصرات وفهم النصوص
نشر في الحياة يوم 28 - 04 - 2010

ليس في مقدور أحد يسعى الى الإنصاف أن يقدم رأياً سديداً في مسألة من مسائل الحياة أو أمر من أمور الناس من دون أن يمر على النصوص التي تنظمها وفهم الناس لها وآراء أصحاب الاختصاص في الجوانب المختلفة التي تتعلق بتلك القضايا، وهذا كله يقود إلى حراك فكري وعلمي هائل يفترض به أن يقرّب المسافات ويوضح الأفكار ويسهل الوصول إلى نقاط الالتقاء ويمكن المختلفين من أن يعذروا بعضهم في نقاط الاختلاف.
لكن في موضوع زواج القاصرات تجنب معظم من خاض فيه وربما جميعهم كل ما يمكن أن يوصل إلى نقاط التقاء وركزوا على نقاط الخلاف ولم يعذروا بعضهم فيها. وأعتقد بأننا بحاجة الى إعادة النظر في كل ما قيل وكتب وعبر عنه في الصحف والمواقع والمنابر والملتقيات وطريقة تعامل كل صاحب رأي مع غيره، مع اعتقاده بضرورة النزول عند رأيه وما يدعو إليه إما لأنه عالم شرعي أو ناشط حقوقي أو مفكر أو طبيب أو غيرهم ممن تدخلوا وتداخلوا، وكل ظنَّ أنه صاحب الاختصاص وأن على الجميع ترك الميدان له. وأصبحت اتهامات التخلف والجهل والاغتصاب والبعد عن الدين هي ما يظلل كل تلك الحوارات.
هؤلاء يقولون إن لديهم أدلة صحيحة وصريحة من الكتاب والسنّة، وبعض أولئك قالوا إنها صحيحة وليست بصريحة، وبعضهم تحدث عن عدم صحة أدلة السنّة وضرب بعضها ببعض. وتدخلت مجالس الدولة لمحاولة فرض رأي على رأي وحدث هرج ومرج وحراك كان في قوته أكبر بكثير من الحراك الجنوبي السلمي أو من محاولات المعارضة الخجولة لعمل حراك الحوار، حتى إن البعض أخذتهم الشكوك حول التوقيت والزمن والأسلوب، ومع ذلك دعونا نناقش القضية بهدوء وإنصاف بعيداً من التعصب ومحاولة للفهم والمشاركة مع الجميع.
تتركز المشلكة الحقيقية في فهم النص المقدس من الكتاب والسنّة، هل هو بفهم السلف أم هو على منهج فهم السلف؟ هل لفقه الواقع والمقاصد هنا مكان لدى العلماء وطلبة العلم أم أن فقه العادة هو الذي يفرض نفسه عليهم؟ وفي المقابل هل يجد من يتوصل الى فكرة علمية أو طبية ما أن يعيد النظر في فكرته إذا خالفت نصاً شرعياً صحيحاً صريحاً لا يحتمل اللبس؟ إن هذا هو جوهر المشكلة بين المنطلقين من أسس شرعية ومن يخالفهم، وعلى هذا فإن الجدل في مسألة زواج القاصرات لن يكون إلا نقطة في بحر الخلافات المستقبلية المتوقعة.
أهم نص يتم به الاستدلال على جواز زواج القاصرات، هو الآية الرابعة في سورة"الطلاق"من قوله تعالى:"واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن...". وكتب الحديث التي عنيت بأسباب النزول تتحدث عن وقائع نزول هذه الآية وهي أنه عندما نزلت الآيات في سورة"البقرة"مبينة عِدَد النساء لم يُذكر فيها صنفان وهما النساء الكبيرات اللاتي يئسن من الحيض أو اللاتي لم يحضن ويدخل في ذلك القاصرات ومن كن يعانين من مشكلة ما في عدم وجود الحيض حتى وإن كن غير قاصرات، ولذلك نزلت الآية لتوضح عدتهن، وليست الآية لتوجب أو تمنع زواجاً وليست لتجيزه أو تكرهه، ومن قال غير ذلك من العلماء فلقد حمل النص ما لم يحمله وما لم تقره سنّة متبعة أو حتى لغة عربية مفسرة.
لكن هؤلاء يستدلون بسنّة من حياة رسول الله وهو زواجه من عائشة بنت أبي بكر الصديق وهي بنت تسع. وقد حاول البعض تضعيف النص أو تحويل مسار فهمه وهذا لا يصح فالنص صحيح وقد ذكر في معظم كتب الحديث وكتب التخريج بما يجعله من أصح الأحاديث في سن زوج من أزواج الرسول وعلينا احترام اصحاب الاختصاص في ذلك. بل أزيد، فقد زوج رسول الله بنتيه على ولدي أبي لهب وهما في حدود العاشرة والثانية عشرة، ثم بعد البعثة زوّج الأولى لعثمان بن عفان وتزوجت حفص بنت عمر زواجها الأول وهي في مثل هذا السن وكذلك أسماء بنت أبي بكر عندما تزوجت الزبير بن العوام وهي في مثل هذا السن ثم زواج علي بن أبي طالب من أمامة بنت العاص بن الربيع وزواج عمر بن الخطاب من ام كلثوم بنت علي بن أبي طالب. ولا يسعنا المجال أن نذكر كل تلك الزيجات المباركة لكنها تعرفنا على من تزوج من، ومن كانت بنت من، ومن كان صهر من... وهل يوجد في زمن ما من هي هي وهو هو، هل يوجد في زمننا من هي كعائشة زوجة ومن هو كرسول الله وأبي بكر الصديق مربياً وأباً ومن هو كرسول الله وعمر وعثمان وعلي والزبير زوجاً وأميناً... الخبر صحيح ولكنه يستدل به على عدم السماح بالزواج إلا لمن ترضون خلقه ودينه وهو هنا على الأقل كواحد من عموم الصحابة إن لم يكن من كبرائهم، فهل نعتقد في أنفسنا أننا مثلهم، أنصافهم، أرباعهم، أثرهم على الطريق؟
والآن لنقم بجولة على كل تلك التقارير الصحية والطبية التي يجب أن نتعرف عليها...
فالحمل المبكر مع نمو جسد الصغيرة يؤدي إلى:
تسمم الحمل، انفجار الرحم، اختلال في وظائف الجسم والجهاز العصبي، نزيف دموي حاد، آلام الظهر المزمنة، الضغط على العمود الفقري لعدم اكتمال نموه عند القاصر، وفاة الأم عند الولادة، وفاة المواليد، تشوّه المواليد. وهناك أمراض تُرجح علاقتها بالزواج والولادة المبكرة مثل: سرطان الثدي والرحم والمبايض. والعلماء يتحدثون عن ارتفاع معدل الخصوبة بين الخامسة عشرة والعشرين واستقراره ثم انخفاضه بعد ذلك وهذا نتيجة نمو جسد الفتاة وحدوث تغيرات هورمونية عدة فيها وهو ليس لحظة اغتنام لحدوث حمل بل هو زمن انتظار لثبوت حالة الخصوبة عند الفتاة.
علماء الاجتماع والنفس يتحدثون عن ضغوط نفسية وعصبية واجتماعية شديدة تقع على عاتق الفتاة القاصر المتزوجة حيث انها لم تبلغ النضوج النفسي والاجتماعي الذي يجب أن تبلغه قبل زواجها وهو قد يختلف من مجتمع إلى آخر ومن زمن إلى آخر، وهنا يخضع تقويمه لمقدار وصول الفتاة المتوقع لهذا النضج المجتمعي وهو حالياً في الثامنة عشرة.
والآن لنقُل القول الفصل في هذه العجالة. إن للإسلام مقاصد شرعية في الحفاظ على الأركان الخمسة الضرورية للحياة وهي: 1- الدين 2- النفس 3- العقل 4- النسل 5- المال. ثم ضمان ما سوى ذلك. بل إن المسلم لو تعرضت نفسه للإزهاق أو الإيذاء وأمكنه حمايتها بإظهار عدم إسلامه وجب عليه ذلك. وإذا كان الإسلام يبيح للمرأة الحامل والمرضع، تفطر إن كانت تخشى على نفسها ووليدها، فإذا كان ذلك كذلك وعرفنا كل تلك الأخطار التي تترتب على زواج الصغيرة ولم تكن لدينا أدلة صريحة تجيز زواجها أو تمنع ولي الأمر من تحديد سنّها، فلماذا لا نبحث في ذلك ونكون المبادرين لفهم النصوص فهماً يراعي شرع الله ومصلحة المسلم.
إن الزواج عقد مصلحة، وأنت أيها الأب أمين على مصلحة إبنتك ولا يحق لك خيانة مصلحتها لخدمة مصلحتك فالله يحاسبك. الزواج جعله الله للسكينة والنسل والمعاشرة الكريمة والحقوق الزوجية الأخرى وبه يكتمل دور الدعوة لله في هذه الأرض ولا يكون سبباً في الظلم والفساد في الأرض.
إن مصلحة المسلمة جعلت ضرورة تحديد سن الزواج بسن الثامنة عشرة على الأقل، ولو أصبحنا في زمن وجب فيه تحديد سن أعلى لفعلنا ما دام هناك مصلحة المسلمين، فثمة شرع الله بما لا يخالف نصاً صحيحاً وصريحاً.
أحمد طه خليفة - بريد إلكتروني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.