اقتربت الولاياتالمتحدةوروسيا من إسدال الستار على واحد من أصعب ملفات الخلاف بينهما، بإعلانهما أمس، اتفاق الرئيسين باراك أوباما وديمتري ميدفيديف على توقيع معاهدة جديدة لخفض الأسلحة الاستراتيجية النووية ستارت-2 في العاصمة التشيخية براغ في الثامن من نيسان أبريل المقبل. وهذه المعاهدة التي تخلف اتفاق"ستارت"الموقّع العام 1991 حين كان الاتحاد السوفياتي يلفظ أنفاسه الأخيرة، وانتهى العمل به في الخامس من كانون الأول ديسمبر، تعتبر أبرز إنجازات أوباما في السياسة الخارجية منذ تولى السلطة. اذ تأتي بعد سنة تقريباً على الخطاب الذي ألقاه في براغ وطرح فيه رؤيته للتخلص من الأسلحة النووية في العالم، كما أنها ستساعد في بناء قوة دفع لقمة"نووية"يستضيفها في واشنطن بين 12 و 14 نيسان. وشددت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على ان توقيع المعاهدة، سيظهر للعالم"لا سيما لدول مثل إيران وكوريا الشمالية، أن واحدة من أهم أولوياتنا هي تعزيز نظام حظر الانتشار النووي العالمي وإبعاد المواد النووية"عن الأيدي التي قد تسيء استخدامها. أما أوباما فاعتبر المعاهدة"الإتفاق الأكثر شمولاً للسيطرة على الأسلحة، خلال نحو عقدين"، مشدداً على ان"الأسلحة النووية تمثّل أحلك أيام الحرب الباردة، وأكثر التهديدات إثارة للقلق خلال زمننا". وأشار الى ان المعاهدة تشكل جزءاً من جهود"إعادة إطلاق"العلاقات مع روسيا، وزاد:"بهذا الاتفاق، ترسل الولاياتالمتحدةوروسيا، وهما أكبر قوتين نوويتين في العالم، إشارة واضحة الى أننا نعتزم تولي القيادة"في مجال مكافحة الانتشار النووي. واستدرك:"من خلال دعم التزاماتنا في معاهدة ستارت، نعزز جهودنا لوضع حد لانتشار هذه الأسلحة، ولضمان ان تفي دول أخرى بمسؤولياتها". ونبه الى ان المعاهدة"تحافظ على المرونة التي نحتاجها لحماية أمننا القومي ودفعه قدماً، وضمان التزامنا الذي لا يتزعزع، بأمن حلفائنا". في موسكو، أعلنت الناطقة باسم الكرملين ناتاليا تيموكوفا إن أوباما وميدفيديف وضعا اللمسات النهائية على الاتفاق التاريخي، خلال اتصال هاتفي بينهما جرى بمبادرة من الرئيس الأميركي. وأضافت ان"ميدفيديف لاحظ ان هذه المعاهدة تعكس توازن المصالح بين البلدين"، مشيرة الى أن الفريقين المفاوضين"بذلا جهداً خارقاً لإيجاد حلول مرضية للطرفين في فترة قياسية". وأكد الكرملين في بيان ان اوباما وميدفيديف"اتفقا على ان المعاهدة الجديدة ترفع مستوى التعاون الروسي - الأميركي في تطوير علاقات استراتيجية جديدة"بين البلدين. والاتفاق يلزم كل طرف بخفض الرؤوس الحربية الاستراتيجية المسموح بنشرها بنسبة 30 في المئة، من 2200 إلى 1550 رأساً، مع خفض عدد قاذفات القنابل والغواصات. وتبلغ مدة المعاهدة الجديدة 10 سنين قابلة للتمديد 5 سنوات، وتضع سقفاً زمنياً لتنفيذ التزامات البلدين مدته 7 سنوات. وتصبح المعاهدة نافذة، بعد مصادقة مجلس الشيوخ الأميركي والبرلمان الروسي عليها. وكان الجمهوريون في مجلس الشيوخ حذروا الإدارة الأميركية، من انهم لن يصادقوا على معاهدة تعرّض للخطر برامج الدفاع الصاروخي الأميركية في أوروبا، والتي بقيت نقطة خلاف في المفاوضات بسبب معارضة روسيا هذه الخطط. وأعلن البيت الأبيض إن المعاهدة لن تضع قيوداً على هذه البرامج، فيما أكد الكرملين ان"ستارت-2"ستتضمن"بنداً يحدد في شكل ملزم قانونياً الرابط بين الأسلحة الاستراتيجية الهجومية والدفاعية"، في إشارة الى مشروع الدرع الصاروخية الأميركية في شرق أوروبا. وأضاف ان المعاهدة الجديدة ستنص صراحة على"الأهمية المتزايدة لهذا الرابط، خلال خفض الأسلحة الاستراتيجية الهجومية". وتحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن التوصل الى نص الاتفاق"في شروط تمنح الطرفين مستويات متناسبة من الأنظمة الاستراتيجية الهجومية والدفاعية". وذكر ان"أي تغيير في هذه المستويات يعطي كلا البلدين الحق في ان يقرر هل سيواصل المشاركة في عمليات الخفض الجديدة لعدد الأسلحة الاستراتيجية". وكان رئيس مجلس النواب الروسي أعلن أخيراً ان البرلمان قد يرفض المصادقة على المعاهدة، إذا لم تتضمن هذا الرابط. وأوضح لافروف ان البرلمان سينسق إبرام المعاهدة مع البرلمان الأميركي، قائلاً:"ننطلق من مبدأ ان عملية الإبرام ستجري بالتزامن". نشر في العدد: 17158 ت.م: 27-03-2010 ص: الأولى ط: الرياض