لذكرى خليل الخازن ليس من عاداتك أن توصد خلفك الأبواب تاركاً أصدقاءك فرائس الانتظار ليس من عاداتك أن تغيب بلا قبلة أو قطرة تاركاً شجرة العائلة لخريف البكاء ثمة سهرات يثقبها الغياب موائد ينهشها الضجر دموع تملّح مياه البحر ثمة نحيب في أروقة العظام. من دعاك الى هذا الرحيل من ألقى عليك رداء السفر وأسدل جفنيك للأبد لمن اطلقتك عصافير ضحكتك الأخيرة قبل أن تتحلّل نخوتك في الماء . لم أمش خلف نعشك لم ألق وردةً او نظرة وداع فقط أغمضت عيني لأراك راقصاً على شرفة الردى خفيف الجناحين خفيّ الأحزان حاضناً عمرك الطريّ كطفليك مبتسماً كشجرة لوز عصيّ الدمع والأسى . البارحة سهرنا معاً تبادلنا نخب امرأة واحدة راقصنا امرأة واحدة خلطنا الشعر والحب وعطر النساء كم زدتك ضحكاً كم زدتني غوايات وأخوّة في ليل المدينة كنا معاً كم طرَّزنا أوقات الوحيدات أشعلنا حطب اجسادٍ خضراء أقمنا قداساً لرغبات منتصف الليل أوقدنا رماد نيرانٍ مؤجلة كم وسوسنا في صدور المنسيّات خلخلنا يقين قلوبٍ مطمئنة . كأنني اسمعتك هذه القصيدة من قبل كأنني كتبت لك ما يشبه ارتعاشاتها مثلك لا يليق به موت عادي لا يرضيه تجهيز فراق كان لا بدّ لك أن تذهب بغتةً صريع خصر أو شهيد نخوة لا يليق بك خوف أو وجل سنضحك كعادتنا نتبادل نكاتاً ومودّة نشرب نخباً ساهراً ضاحكين حتى الثمالة حتى آخر رمق من ليل المدينة ضاحكين حتى يطير منا فراش أو تشرق شمس حنونة كم ورثت من فرح كم ورثت من طرائف الأسرة جاعلاً القلب مضافةً والليل حديقةً خضراء كم أوقدت ناراً للسهارى باسطاً كفّيك كسماءٍ ماطرة نم قليلاً يا من سهرت عمراً بأكمله نم قليلاً يا من لم تعرف نوم عمرك يا بحراً وقع في البحر ودَعني ساهراً وحدي في حديقة قلبٍ تكثر فيه يوماً تلو يوم وردةً تلو دمعة تكثر فيه أضرحة الأصدقاء . نشر في العدد: 17156 ت.م: 25-03-2010 ص: 31 ط: الرياض