رفضت روسيا، في السابق، نصْب الموقع الراداري الاميركي في تشيخيا، ونصْب درع الصورايخ في بولندا، فهذه المواقع التي تقع شرق اوروبا هي من اقرب المناطق الى غرب روسيا التي تحتضن المواقع العسكرية والنووية الروسية. لذا، أعلنت روسيا معارضتها مثل هذه الخطوات الى حين بلوغ الرئيس باراك اوباما سدة السلطة، فهو غيّر هذا الجانب من السياسة الاميركية، وبدّد طابع مشروع الدرع الصاروخية الهجومي للتقرب من روسيا. ورحبت موسكو بهذه الخطوة التي تزامنت مع النزاع الروسي - الجورجي، ووقفت الولاياتالمتحدة موقف الحياد إزاء الاجتياح الروسي الاراضي الجورجية. وحمل هذا الموقف موسكو على السماح باستخدام الطائرات الاميركية الاجواء الروسية للاغراض العسكرية، وعلى دعم القوات الاميركية في المنطقة. واسهمت هذه الخطوات في تعزيز التعاون بين البلدين، واتفق على نصب منظومة الدرع الصاروخية في تركيا ، في وقت عززت أنقرة وطهران تعاونهما الثنائي. وفي بداية الامر، رفضت تركيا المشروع الاطلسي جراء علاقاتها بإيران التي اتاحت لها تعزيز دورها الشرق أوسطي، ولكن ضغوط الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي على تركيا حملها تركيا على التراجع عن موقفها. ورهنت أنقرة مشاركتها في مشروع الدرع الصاروخية بالإحجام عن ذكر ايران مصدر تهديد دول حلف شمال الاطلسي، ووافقت دول حلف الناتو على الشرط التركي. ولكن السؤال المهم هو: لماذا وافقت روسيا عل? مثل هذا العرض؟ يبدو أن ثمة ثلاثة اسباب وراء ذلك، الاول هو ان الاراضي التركية التي تقع جنوبروسيا لا تتهدد المواقع الاستراتيجية الروسية التي تقع في الغرب، والثاني هو ان روسيا تشارك في المشروع هذا، على خلاف المشاريع السابقة التي لم يكن لروسيا دور فيها. والسبب الثالث هو ان هذا المشروع، على خلاف المشاريع السابقة، وفّر غطاء امنياً للقارة الاوروبية إزاء المخاطر القادمة من الشرق الاوسط. وأثار المشروع هذا اهتمام روسيا، فهو يعزز العلاقة مع الولاياتالمتحدة في مجالات كثيرة، ويسهم في استقطاب الاستثمارات الاميركية التي تستطيع انقاذ الاقتصاد الروسي. ولكن هل ستفي الولاياتالمتحدة بتعهداتها، وتسهم في حل المشكلات الاقتصادية الروسية؟ وهل تقبل الولاياتالمتحدةروسيا صديقاً وشريكاً؟ وجواب السؤال هذا هو النفي القاطع، فالولاياتالمتحدة لا تنظر بعين الثقة الى ما يجري في الكرملين، وعليه لا ضمانات للمواقف الاميركية. وقد يؤثر اتفاق لشبونة في الملف النووي الايراني. ولكن هل تؤثر تهديدات حلف الناتو في ايران، في وقت يمتد الاتفاق الى الاعوام العشرة القادمة؟ والدوائر الايرانية المختصة مدعوّة الى دراسة آثار هذا القرار والوقوف على الاسباب التي حملت تركيا على الموافقة على مثل هذا الاتفاق . * محلل، عن"ارمان"الايرانية، 22 /11 /2010 ، اعداد محمد صالح صدقيان