خيم التوتر طوال نهار أمس على قرية طوبا – الزنغرية البدوية، في الجليل الأعلى، في أعقاب إحراق مسجد القرية فجر أمس على ايدي متطرفين يهود كتبوا على جدران المسجد شعارات معادية للعرب مثل «انتقام... هذه التسعيرة». وهذا ما يكتبه غلاة المستوطنين اليهود في الضفة الغربية بُعيْد كل اعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم وعلى المساجد أيضاً. وكان أهالي القرية أفاقوا على رائحة دخان تغطي سماء قريتهم تنطلق من منطقة مسجد النور، فهرعوا الى المسجد وشاهدوا النيران تلتهم جدران المسجد وكل محتوياته، بما فيها مصاحف وكتب. ومع بزوغ الشمس تظاهر المئات من أهالي القرية في الشارع الرئيسي المؤدي إلى المدن والمستوطنات الإسرائيلية في أقصى الشمال، ونددوا بالجريمة ومرتكبيها وطالبوا الشرطة بكشف الجناة فوراً. كما رشق شبان ملثمون قوات الشرطة بالحجارة والزجاجات الفارغة وأحرقوا إطارات سيارات. ووجه عدد من الأهالي أصابع الاتهام نحو «حاخامات» مدينة صفد المجاورة الذين دعوا في مناسبات سابقة إلى إفراغ المدينة من الطلبة العرب. ورفعت الشرطة تأهبها في المنطقة وأغلقت الطريق المؤدي الى القرية لمنع وصول متضامنين من البلدات العربية، وخوفاً من اندلاع تظاهرات أكبر، بالذات في الذكرى السنوية ل «هبة أكتوبر» العام 2000 التضامنية مع الانتفاضة الثانية والتي راح ضحيتها 13 شاباً فلسطينياً برصاص الشرطة الإسرائيلية. ودانت الأحزاب والحركات السياسية العربية الوطنية والإسلامية هذه الجريمة. واتهمت حكومة إسرائيل بتأجيج العنصرية ضد المواطنين العرب. وقالت «لجنة المتابعة العليا» التي تنضوي تحتها كل الحركات والأحزاب العربية في الداخل إن «الحادث هو انعكاس لنهج المؤسسة الإسرائيلية التي تغذي العنصرية في الشارع الإسرائيلي، بل تقوم هي نفسها بإضفاء الشرعية عليها وتطبيقها وحض الناس عليها». واضافت اللجنة، في بيان، أن «هذا الاعتداء يأتي في ظل استفحال الفاشية ضد الجماهير العربية في هذه البلاد عموماً، ومنها التحريض الذي شهدته مدينة صفد ضد الطلاب العرب الدارسين في كليتها وضد العرب عموماً». ولفتت الى ان «الكلمات التي كتبت باللغة العبرية على المسجد، وهي كتلك التي تكتب عادة في أي عمل سافر مشابه في الضفة الغربية، دليل على هوية مرتكبي هذه الجريمة». وحمّلت اللجنة المؤسسة الإسرائيلية التبعات السلبية المتوقعة ل «هذا الانزلاق». وعزا نائب رئيس الحركة الإسلامية داخل إسرائيل الشيخ كمال خطيب «العمل الإجرامي إلى البيئة والدفيئة العنصرية التي توفر الفرص والظروف لهؤلاء المجرمين». كما دان الجريمة أركان الدولة العبرية. وأصدر مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بياناً جاء فيه أن «رئيس الحكومة ثار غضباً عندما رأى الصور»، وانه يعتبر أن العمل يتناقض وقيَم حرية الدين والعبادة». واضاف ان «لا مكان في إسرائيل لمثل هذه الصور». وذكر ان رئيس الحكومة أصدر تعليماته لرئيس جهاز الأمن العام الداخلي (شاباك) يورام كوهين بالتحرك السريع لإلقاء القبض على الفعَلة. كما دانت زعيمة «كديما» تسيبي ليفني الجريمة. وقالت إن القيادة الحالية للدولة «يجب أن تثقّف على احترام القيم التي تعارض بوضوح حرق أماكن عبادة، انتقاماً. أن مثل هذه الحوادث تستوجب منا أجراء حساب نفس». وقالت النائب من حزب «ميرتس» اليساري زهافه غالؤون إنه «يجب محاسبة من زود برميل البارود بالوقود، وهذا الحادث ليس سوى انعكاس لعدم قيام سلطات القانون والمستشار القضائي للحكومة بفعل شيء ضد الحاخامات المحرضين على الطلبة العرب في مدينة صفد»