شهدت الدوحة أمس اتصالات غير رسمية متعددة الأطراف بين ممثلي عدد من الحركات المسلحة في دارفور التي تقاتل الحكومة السودانية، تمهيداً لإطلاق سلسلة مشاورات واجتماعات رسمية بينها وفقاً لبرنامج تضعه الوساطة. وبقي وفد الحكومة السودانية في حال انتظار لمسار التشاور بين الحركات المسلحة قبل التفاوض معها مجتمعة أو منفصلة. واستهلت قطر تحركها أمس باجتماع"تشاوري"عقده وزير الدولة للشؤون الخارجية أحمد بن عبدالله آل محمود بمشاركة الوسيط الافريقي - الدولي جبريل باسولي مع"مجموعة أديس أبابا"التي تشكلت حديثاً من بعض المجموعات في دارفور. وفيما ظهر في مشهد الحدث الدارفوري في قطر مستشار رئيس"حركة العدل والمساواة"جبريل إبراهيم، لوحظ وجود رئيس"الجبهة المتحدة للمقاومة"بحر ادريس أبو قردة القيادي الدارفوري الذي تسلّط عليه الضوء بسبب الاتهامات التي وجهتها إليه المحكمة الجنائية الدولية. وكان بحر مثل أمام المحكمة الجنائية العام الماضي وأدلى بافادات أمامها في شأن تُهمة وجّهت إليه حول مسؤوليته المزعومة عن قتل عدد من جنود الاتحاد الافريقي في قاعدتهم في حسكنيتة دارفور، وهي تهمة نفاها باستمرار. ولم تبت المحكمة في التهمة إثباتا أو الغاء حتى الآن. وفي خطوة لافتة أيضاً، وصلت إلى الدوحة أربع شخصيات ذكر بعض المصادر أنها كانت تنتمي الى"حركة تحرير السودان"بقيادة عبدالواحد نور المقيم في فرنسا، فيما قالت مصادر أخرى إنهم ما زالوا ضمن حركة عبدالواحد. ولم يتسن ل"الحياة"مقابلتهم للتأكد من الصفة والهوية التنظيمية التي يحملونها حالياً. ودخلت على خط المشاورات أيضاً مع الحركات الدارفورية"مجموعة توحيد الحركات"التي كانت قدمت من السودان وتضم شخصيات دارفورية. وقال الناطق باسم هذه المجموعة زيدان عبدالرحيم ل"الحياة"إن المجموعة التقت ممثلين عن"حركة العدل والمساواة"و"مجموعة ليبيا""حركة/جيش تحرير السودان - القوى الثورية"، وستلتقي أيضاً مجموعة قادمة من تشاد توصف بأنها"مجموعة غرايشن"، في إشارة إلى موفد الرئيس الأميركي الى السودان سكوت غرايشن الذي ساهم في تشكيل تلك المجموعة، بحسب رأيهم. وأكد زيدان"أن مشاوراتنا مع الحركات تشهد تبادلاً للأفكار والرؤى حول كيفية توحيد الحركات المسلحة". وقال الوزير القطري أحمد بن عبدالله آل محمود إن الوساطة لمست من خلال المشاورات التي أجرتها مع فصائل دارفور"رغبة لديها في التوصل إلى حل وسلام في الإقليم والاستمرار في منبر الدوحة إلى أن يتحقق السلام، كما لمسنا رغبتهم في الانفتاح على الآخرين في الحركات الدارفورية وتوحيد مواقفهم ... إن ذلك أمر مهم جداً وخطوة ايجابية تشجعها الوساطة". وأضاف أن لقاءه أمس مع وفد"مجموعة أديس أبابا"كان"مثمراً"، مشيراً إلى أن الوفد"جاء إلى الدوحة بصدر مفتوح للالتقاء مع بقية الحركات، وشجعناه على هذا ونتمنى أن يتحقق ما نصبو اليه جميعاً من توحيد مواقفهم في موقف واحد للتفاوض". وسئل الوزير القطري هل للوساطة خطة محددة لدمج الحركات الدارفورية في مجموعة تفاوضية واحدة، فرد بقوله:"هذا هو خيارهم ونحن نشجعهم على ذلك، ولكن نحن كوساطة لا نفرض أي شيء على الأخوة أبناء دارفور. هذه هي بلادهم ولهم مطلق الحرية، ونحن نشجعهم على أن يوحدوا الكلمة، وهذا هو واجبنا كوساطة". وأوضح"أن هناك اتصالات بين الحركات ولم يكتمل وصول بعض القادة وهم في الطريق الآن، وعندما يصلون ونلتقي بهم ونستمع إلى النتائج التي توصلوا اليها بعد ذلك سنضع برنامجاً". وقال الناطق باسم"مجموعة أديس أبابا"إبراهيم بينغ بعد المشاورات مع آل محمود وباسولي:"إن الدوحة وفّرت لنا للحركات الدارفورية فرصة الاتصال مع بعضنا البعض". وأفاد أن المشاورات التي ستجرى بين هذه الحركات"تهدف إلى أن نكون جسماً واحداً يتحدث بصوت واحد في المفاوضات مع الحكومة السودانية". ودعا رئيس وفد"حركة العدل والمساواة"إلى مفاوضات الدوحة أحمد تقد الحركات الأخرى إلى"الاندماج"في حركته، وقال إن"لا مفاوضات حتى الآن مع الحكومة السودانية"التي يوجد وفدها في مقر المشاورات. وقال تقد:"إننا نسعى إلى حوار هادئ بين الحركات الدارفورية يؤدي الى الوحدة الاندماجية بين قوى المقاومة المسلحة، كما نستعد للمرحلة المقبلة سياسياً وعسكرياً، ونهيّء الأجواء للمفاوضات مع الحكومة السودانية من منطلق وحدة الحركات". وقال:"إننا حركة العدل موجودون على الأرض في دارفور، وقد اتفقنا مع مجموعات دارفورية أخرى مقاتلة موجودة على الأرض، ولكن هناك من يظهر في المنتديات والمهرجانات السياسية ويصعب الوصول معهم إلى اتفاق"، في إشارة إلى من تصفهم"حركة العدل"بمجموعات دارفورية في بلدان اللجوء ولا وجود لها على أرض المعارك في دارفور. وقال:"إن السلام خيارنا الاستراتيجي"، مؤكداً أن"المعركة مستمرة في دارفور والحرب لم تنته". وقال:"إن أي اتفاق من دون مرجعية لن يؤدي الى السلام ونحن لن ندخل في فوضى مفاوضات مع الحكومة السودانية". وخلص إلى"أننا حريصون على جمع كل الناس حركات دارفور في مظلة حركة العدل والمساواة".