أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية امس، بأن ايران ابلغتها الاثنين الماضي انها تبني منشأة ثانية لتخصيب اليورانيوم، في اعلان اكدت طهران انه"غير سري"، فيما اعتبرته الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا والمانيا"تحدياً مباشراً"للمجتمع الدولي، وحضّت ايران على فتحه امام التفتيش الدولي، تحت طائلة"المحاسبة". وقال الناطق باسم الوكالة الذرية مارك فيدريكير ان"ايران ابلغت الوكالة في 21 ايلول سبتمبر في رسالة انه يجري الآن بناء مفاعل تجريبي جديد لتخصيب الوقود في البلد"، مضيفاً ان"الرسالة افادت بأن مستوى التخصيب سيكون 5 في المئة"، في حين يلزم 90 في المئة من اليورانيوم 235 القابل للانشطار النووي لصنع سلاح ذري. واضاف ان"الوكالة فهمت ايضاً من ايران انه لم يتم ادخال اي مواد نووية الى المنشأة"، موضحاً انه"في رد على ذلك، طلبت الوكالة من ايران تزويدها بمعلومات محددة والسماح لها بزيارة المنشأة بالسرعة الممكنة. وسيسمح ذلك للوكالة بتقويم متطلبات التحقق من الضوابط في المنشأة". وزاد ان"ايران اكدت للوكالة في الرسالة انه سيتم تقديم اي معلومات اضافية اخرى في الوقت المناسب". ونقلت وكالة الانباء الطالبية الإيرانية إيسنا عن"مصدر مطلع"تأكيده وجود منشأة ثانية للتخصيب، وابلاغ الوكالة الذرية بذلك. واشار الى ان المنشأة تشبه تلك في ناتانز والتي اشارت الوكالة الذرية في آخر تقرير لها في آب اغسطس الماضي، الى انها تحوي اكثر من 8 آلاف جهاز للطرد المركزي، نحو 4600 منها مُشغلة بالكامل. ونقلت قناة"العالم"الايرانية عن"مصدر مطلع"قوله إن المنشأة الجديدة"خالية من أي مواد محرمة ولا تتجاوز المعايير الدولية"، مضيفاً أن"هذا دليل جديد على شفافية طهران حول برنامجها النووي". لكن رئيس"المنظمة الايرانية للطاقة الذرية"علي اكبر صالحي اكد ان المنشأة"ليست سرية وأُبلغت الوكالة الذرية بأمرها". وقال:"حين استلمت مهامي الصيف الماضي التزمت بتسريع التعاون مع الوكالة، وفي هذا الاطار ابلغنا الوكالة عن المنشأة". وبقي البرنامج النووي الايراني سرياً 18 عاماً، الى ان كشفت عنه منظمة"مجاهدين خلق"ابرز معارضي النظام الايراني في الخارج. ولم تحدد ايران في رسالتها الى الوكالة الذرية، موقع المنشأة الجديدة، لكن وكالة"اسوشييتد برس"نقلت عن ديبلوماسيين مقربين من الوكالة قولهم انها بُنيت في جبل يبعد نحو 160 كيلومتر جنوب غربي طهران، كما اشار مسؤول بارز في البيت الابيض الى انها مصممة لاستقبال 3 آلاف جهاز للطرد المركزي. وكانت صحيفة"نيويورك تايمز"اوردت أن واشنطن تتبعت منذ سنين بناء المنشأة السرية للتخصيب داخل جبل قرب مدينة قم جنوبطهران، مشيرة الى ان اوباما قرر الاعلان عن الامر بعدما علمت إيران في الاسابيع الاخيرة أن وكالات استخبارات غربية اخترقت جدار السرية الذي أُحيط بالموقع. وسارعت الدول الغربية الى التنديد بالامر، اذ وصف أوباما نشاطات إيران بأنها"تحد مباشر"لنظام حظر الانتشار النووي والمجتمع الدولي، متهماً اياها ب"انتهاك القواعد التي يجب ان تتبعها كل الدول"، كما اكد أن"الوقت حان كي تعمل ايران فوراً على استعادة ثقة المجتمع الدولي، من خلال الإيفاء بالتزاماتها الدولية". ودعا في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون في افتتاح قمة مجموعة العشرين في بيتسبرغ، مفتشي الوكالة الذرية الى"التحقيق فوراً في هذه المعلومة المقلقة". وشدد على ان طهران اخفت لسنين منشأة التخصيب الثانية التي اعتبر انها"لا تتناسب"مع برنامج نووي مدني، لكنه اكد"الالتزام بحوار جدي وذي معنى مع إيران لمناقشة المسألة النووية عبر المفاوضات مع الدول الست"المعنية بملفها النووي. وقال:"على الحكومة الايرانية الان ان تظهر نواياها السلمية عبر الافعال، او تتعرض للمحاسبة بحسب المعايير والقوانين الدولية". واتهم ساركوزي ايران بدفع المجتمع الدولي إلى مسار"خطر"، متوعداً بتشديد العقوبات عليها ما لم تحدث تغييراً جوهرياً في سياستها بحلول كانون الأول ديسمبر المقبل. وقال:"هذا من اجل السلام والاستقرار". اما براون فاتهم طهران بممارسة"الخداع المتسلسل الذي سيثير صدمة المجتمع الدولي وغضبه، وسيعزز تصميمنا"، معرباً عن تأييده فرض عقوبات"اضافية واقسى"عليها، فيما أعربت المستشارة الالمانية انغلا مركل عن"قلقها العميق"، مطالبة ايران بأن"تقدم كل المعلومات الى الوكالة الذرية". وقالت:"سنرى الى اي مدى يمكن لروسيا والصين ايضاً اتخاذ موقف من هذه المسألة". في بروكسيل، اعلنت كريستينا غالاش الناطقة باسم الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ان الاخير"يؤيد الموقف الذي عبر عنه"اوباما وبراون وساركوزي حول المنشأة الايرانية. جاء ذلك بعد قول وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني إن مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى تمهل ايران حتى نهاية هذا العام، لتلتزم تعليق التخصيب وتجنب التعرض لعقوبات جديدة، مؤكداً أن"نافذة الفرصة لن تظل مفتوحة إلى أجل غير مسمى". اما الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف فقال لطلاب جامعيين في بيتسبرغ:"اعتبر ان العقوبات ليست الوسيلة الفضلى لتحقيق نتائج حول ايران. ولكن اذا استُنفدت كل الاحتمالات للتأثير على الوضع، يمكن حينها اللجوء الى العقوبات الدولية". في غضون ذلك، اعتبر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة ان"التحدي الاكثر إلحاحاً امام هذه المنظمة، هو منع طاغية طهران من امتلاك اسلحة نووية". وسأل الدول التي لم تقاطع خطاب الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الاربعاء الماضي:"ألا تشعرون بالخجل؟ اليس لديكم اي لياقة؟". جاء ذلك بعد موافقة مجلس الأمن بالاجماع، في اجتماع عُقد الخميس الماضي برئاسة أوباما، على قرار يدعو الى إخلاء العالم من الأسلحة النووية. هيروشيما وناغازاكي ترحبان ورحب رئيسا بلديتي هيروشيما وناغازاكي، وهما المدينتان الوحيدتان في العالم اللتان استُهدفتا بأسلحة نووية، بتصويت مجلس الامن على قرار يدعو الى التخلي عن الاسلحة الذرية. وقال توميهيسا تاو رئيس بلدية ناغازاكي:"هذا ما كنا نطالب به على الدوام. سيشكل هذا الامر مفترقاً مهماً يغير عصراً". اما رئيس بلدية هيروشيما تاداتوشي اكيبا فقال:"من الاهمية بمكان العمل على تجسيد هذا القرار في اسرع وقت ممكن". وأعرب عن الامل بأن يوافق مجلس الامن على اقتراحه المتعلق بتخليص العالم من الاسلحة النووية بحلول العام 2020. نشر في العدد: 16976 ت.م: 26-09-2009 ص: 15 ط: الرياض