مازالت أم عماد تنتظر لتعرف مصير إبنها الذي خرج الى عمله في منطقة السنك في بغداد في ذروة النزاع الطائفي أواخر عام 2006 ولم يعد حتى الان . مصيبة أم عماد لم تكن بفقد إبنها فحسب، فقد فقدت زوجها بعد ثلاثة شهور الذي راح ضحية انفجار عندما خرج للبحث عن عماد في مشرحة الطب العدلي، وعرفت بمقتله من خلال اشياء كان يحملها تسلمتها من الشرطة، وقيل لها أن جثة زوجها احترقت وتحولت الى رماد. وتشكل مسألة الجثث المجهولة الهوية في العراق وعدم معرفة الاف العائلات مصير أبنائها مأساة انسانية أخرى تضاف الى مآسي العراقيين الكثيرة. وزارة الصحة، وبعد سبع سنوات على الاحتلال، أعلنت انها أصبح في إمكانها تحديد أصحاب الجثث المجهولة عن طريق فحص"دي إن إي"فيما تدرس انشاء مركز مخصص للمفقودين. وقال الوكيل الاقدم لوزارة الصحة الدكتور عامر الخزاعي ل"الحياة"ان"عناصر البصمة الوراثية اكتملت في معهد الطب العدلي". وأضاف ان"تحديد عائدية الجثث المجهولة لاينحصر فقط بمعرفة الجينات الوراثية بل يرتبط بمعلومات أخرى لدى الوزارات الامنية التي يجب ان تنظم العمل وتنسق معنا". واشار الى ان"هناك نية لانشاء المركز الوطني للمفقودينن ما زال في طور الاقتراح لانه يشمل المقابر الجماعية الموروثة من عهد النظام السابق فقط". وأمتنع مسؤولون في وزارة الصحة عن تحديد عدد الجثث المجهولة الهوية منذ عام 2003، وأكدوا ان"اوامرا عليا تمنعهم من كشف عدد الضحايا". لكن احصاءات سابقة للوزارة الصحة أشارت إلى أن عدد الجثث المجهولة وصل الى اكثر من 30 الفاً عام 2006 و2007 و2008 فقط. وأكتفى مدير معهد الطب العدلي الدكتور منجد صلاح الدين بالقول ان"منظمات عالمية وخمس وزارات عراقية هي الصحة وحقوق الانسان والدفاع والداخلية ومؤسسة الشهداء ستشترك في المركز المخصص لضحايا المقابر الجماعية". وأضاف في تصريح الى"الحياة" ان"ضحايا العنف يتعرف عليهم ذووهم عن طريق الصور التي يعرضها الطب العدلي أو عن طريق الملابس أو الحامض النووي"، مشيرا الى انه"لم يتم العمل بطريقة الحمض النووي الا بعد عام 2008 اي بعد استكمال بناء المختبرات الخاصة به"، موضحا ان"الجثث التي لم يتعرف إليها أحد يتم دفنها في أحد المقابر في محافظة كربلاء". وتابع ان العمل بنظام الحمض النووي تم بعد انتهاء العنف الطائفي الذي اجتاح البلاد عامي 2006 و2007 ما يعني ان الاف الاسر المنكوبة لم يحالفها الحظ في تحديد هوية ابنائها بسبب عدم امتلاك العراق تكنلوجيا استخدمت منذ عقود في العالم. أم"عماد"لم تفقد الامل في العثور على جثتي ولدها وزوجها، على رغم مرور ثلاث سنوات غيالهما. وتقول انها"فقدت الامل بعودة ولدي سالما وأعرف ان المسلحين قتلوه لكن لن يشفى غليلي حتى اضعه في قبر واحد مع والده أستطيع زيارته من حين الى اخر".