مرت حركة فتح والثورة الفلسطينية بمفاصل سياسية مهمة منذ انطلاقتها، كان من أهمها انتقال الثقل من الأردن إلى بيروت بعد عام 1970. وبعد اثني عشر سنة ً وبالتحديد في صيف عام 1982، تم ترحيل منظمة التحرير الفلسطينية عن بيروت إلى أكثر من عشر مناف عربية جديدة، وفي نهاية عام 1991 عقد مؤتمر مدريد للسلام بحضور فلسطيني، في إطار الوفد الأردني، ما لبث أن أصبح مستقلاً، وفي الثالث عشر من أيلول سبتمبر عقدت اتفاقات اوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وتمَ إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية في نيسان ابريل 1994، وتبعاً لذلك انتقلت فتح من مرحلة الثورة إلى مرحلة بناء السلطة الوطنية مع الإبقاء على الثوابت الفلسطينية، وخاصة حق العودة ورفع شعار إقامة الدولة الفلسطينية على كافة مناطق الضفة الفلسطينية وقطاع غزة. وبعد مرور ثلاثة عشر سنة على إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية لم تفض المفاوضات مع إسرائيل إلى دولة فلسطينية ذات سيادة كما ترهلت حركة فتح بعد تداخل مؤسساتها بمؤسسات السلطة غير المكتملة، الأمر الذي أدّى إلى تراجع أدائها كفصيل رائد للشعب الفلسطيني. وكل الآمال باتت معقودة على نجاح المؤتمر السادس في تجديد أدبيات حركة فتح السياسية والتنظيمية واختيار قيادة تنفيذية وتشريعية بمقدورها ريادة العمل الوطني الفلسطيني العام بعيداً عن حساسيات السلطة الوطنية الناشئة حيث ثمة مؤشرات على منع أي عضو من أعضاء اللجنة المركزية للحركة من احتلال مواقع في السلطة الوطنية، وبالتالي التفرغ فقط لأجل تنفيذ أهداف الحركة التي أكّدت بالخطوط العريضة في المؤتمر على الثوابت الفلسطينية، وخاصة على المقاومة الفلسطينية التي تكفلها الشرائع الدولية، الأمر الذي سيمكّن الحركة من استعادة ألقها الكفاحي. فقد انطلقت الرصاصة الأولى معلنة ولادة الثورة الفلسطينية المعاصرة لتحول بذلك القضية الفلسطينية من قضية لاجئين الى قضية سياسية عادلة وحقوق وطنية ثابتة للشعب الفلسطيني. * كاتب فلسطيني مقيم في دمشق. نشر في العدد: 16930 ت.م: 11-08-2009 ص: 23 ط: الرياض