سماء غائمة تتخللها سحب رعدية على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    القيادة تهنئ ملك المغرب بذكرى استقلال بلاده    قمة مجموعة العشرين تنطلق نحو تدشين تحالف عالمي لمكافحة الفقر والجوع    النسخة الصينية من موسوعة "سعوديبيديا" في بكين    45.1% من سكان المملكة يعانون من زيادة الوزن    المملكة تجدد إدانتها استهداف إسرائيل ل«الأونروا»    "سلمان للإغاثة" يوزع 1.600 سلة غذائية في إقليم شاري باقرمي بجمهورية تشاد    القصبي يفتتح مؤتمر الجودة في عصر التقنيات المتقدمة    1.7 مليون عقد لسيارات مسجلة بوزارة النقل    9% نموا بصفقات الاستحواذ والاندماج بالشرق الأوسط    محافظ جدة يستقبل قنصل كازاخستان    المملكة ونصرة فلسطين ولبنان    عدوان الاحتلال يواصل حصد الأرواح الفلسطينية    حسابات ال «ثريد»    صبي في ال 14 متهم بإحراق غابات نيوجيرسي    الاحتلال يعيد فصول النازية في غزة    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    الأخضر يكثف تحضيراته للقاء إندونيسيا في تصفيات المونديال    وزير الإعلام اختتم زيارته لبكين.. السعودية والصين.. شراكة راسخة وتعاون مثمر    وزير الدفاع يستعرض العلاقات الثنائية مع سفير الصين    أمير الرياض يفتتح اليوم منتدى الرياض الاقتصادي    مع انطلاقة الفصل الثاني.. «التعليم» تشدّد على انضباط المدارس    إحباط 3 محاولات لتهريب 645 ألف حبة محظورة وكميات من «الشبو»    الإجازة ونهايتها بالنسبة للطلاب    قتل 4 من أسرته وهرب.. الأسباب مجهولة !    «حزم».. نظام سعودي جديد للتعامل مع التهديدات الجوية والسطحية    كل الحب    البوابة السحرية لتكنولوجيا المستقبل    استقبال 127 مشاركة من 41 دولة.. إغلاق التسجيل في ملتقى" الفيديو آرت" الدولي    كونان أوبراين.. يقدم حفل الأوسكار لأول مرة في 2025    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    موافقة خادم الحرمين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    «السلطنة» في يومها الوطني.. مسيرة بناء تؤطرها «رؤية 2040»    قلق في بريطانيا: إرهاق.. صداع.. وإسهال.. أعراض فايروس جديد    القاتل الصامت يعيش في مطابخكم.. احذروه    5 أعراض لفطريات الأظافر    تبدأ من 35 ريال .. النصر يطرح تذاكر مباراته أمام السد "آسيوياً"    أوربارينا يجهز «سكري القصيم» «محلياً وقارياً»    مكالمة السيتي    هيئة الشورى توافق على تقارير الأداء السنوية لعدد من الجهات الحكومية    الخليج يتغلب على أهلي سداب العماني ويتصدّر مجموعته في "آسيوية اليد"    أعاصير تضرب المركب الألماني    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    لغز البيتكوين!    الله عليه أخضر عنيد    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    الدرعية.. عاصمة الماضي ومدينة المستقبل !    المملكة تقود المواجهة العالمية لمقاومة مضادات الميكروبات    مجمع الملك سلمان يطلق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    انتظام 30 ألف طالب وطالبة في أكثر من 96 مدرسة تابعة لمكتب التعليم ببيش    شراكة إعلامية سعودية صينية واتفاقيات للتعاون الثنائي    وزير الدفاع يلتقي سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    أهم باب للسعادة والتوفيق    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عشية انتخابات رابطة الكتاب الأردنيين . الشاعر المنفي دوماً ... هل يحتاج الى بطاقة انتماء؟
نشر في الحياة يوم 21 - 06 - 2009

في السادس والعشرين من الشهر الجاري تنتخب رابطة الكتاب الاردنيين رئيساً جديداً لها وهيئة ادارية جديدة وسط جو من التنافس بين اعضائها والتيارات التي يمثلونها. ولا تغيب عن عملية الانتخاب ظلال الواقع الراهن بأسئلته الحرجة والملحة. هنا قراءة لتاريخ الرابطة من زاوية خاصة:
في 15/ 11/ 1973، أطلق الروائي والشاعر الأردني تيسير سبول، طلقةً من مُسدّسهِ على رأسه، فَأُعلنت وفاة الروائي، الذي حازت روايته"أنت منذ اليوم"على جائزة جريدة"النهار"اللبنانية، مناصفةً مع رواية"الكابوس"، للروائي والشاعر الفلسطيني أمين شُنَّار عام 1968. كان تيسير سبول، صديقاً شخصياً لي، إذْ كنا نقضي معاً، الوقت الأطول من اليوم، سواءٌ في العمل المشترك، أو في المقهى أو في بيته: قرَّرنا نحن أصدقاء تيسير، أن نُحوِّل موته المأسوي إلى حالة إيجابية، فاجتمعنا: حوالى خمسة عشر كاتباً في منزل المحامي عدي مدانات بعمَّان، في 22/ 11/ 1973، واتخذنا قراراً، بتأسيس"رابطة الكُتّاب في الأردن"، فاقترح الحضور، تشكيل اللجنة التحضيرية التأسيسية، التي تكوّنت من: عز الدين المناصرة مقرّراً، محمود سيف الدين الإيراني، عيسى الناعوري، محمود السمرة، الناشر أسامة شعشاعة، المحامي عدي مدانات.
كنت آنذاك في السابعة والعشرين من عمري، وتمَّ تكليفي بصوغ النظام الداخلي، فقمت بمراجعة أنظمة اتحادات الكتّاب في الأقطار العربية، وصُغتُ نسخةً معدَّلة، أكثر تطوُّراً، ركّزت فيها على الحرّيات الديموقراطية، وحقوق الكاتب. وبعد أن أنجزتُ صوغ النظام الداخلي، قام المحامي مدانات، بمراجعته، لكي يتطابق مع قانون الجمعيات الأردني. آنذاك، لم يكن عدد الكُتّاب الحقيقيين في الأردن، يتجاوز الأربعين كاتباً، ولم يكن في الأردن، سوى الجامعة الأردنية الرسمية، وكانت في الأردن جريدتان يوميتان، هما الدستور، والرأي، وثلاث صحف أسبوعية، هي عمّان المساء، الصباح، اللواء. أمّا معارض الرسم، فهي نادرة. لهذا كله، لم يكن طموحُ اللجنة التحضيرية التأسيسية، يتجاوز الحصول بعد عام من تأسيس الرابطة على خمسين عضواً على الأكثر. أجرينا نحن اللجنة التحضيرية اتصالات مع الكتّاب في الأردن كله، ودعوناهم للمشاركة في مناقشة النظام الداخلي، والخطوات الإجرائية. حضر ما يقرب من أربعين شخصاً على الأكثر.
وتمَّ الاجتماع بدعوة من نادي خريجي الجامعة الأردنية، وكانت بطاقة الدعوة، تحمل أسماء أربعة متحدثين هم: عز الدين المناصرة، مقرر اللجنة، وعيسى الناعوري، ومحمود السمرة، ومحمود سيف الدين الإيراني، وذلك في 23/ 12/ 1973. وقمت بقراءة النظام الداخلي كاملاً، واقترحتُ أسماء ثلاثة عشر كاتباً، ليكونوا هيئة تأسيسية رسمية، يتم تقديمها في الطلب الرسمي، واقترحتُ لجنة متابعة مُصغّرة، مهمَّتُها ملاحقة استصدار رخصة الموافقة من وزارة الداخلية، بحسب قانون الجمعيات. ثمَّ فتحت النقاش للجمهور، بصفتهم هيئة عامة: حدث نقاش حول التسمية:"رابطة الكتّاب في الأردن"، أم"رابطة الكتّاب العرب في الأردن"، أم"رابطة الكتّاب الأردنيين"، وكان الهدف، هو منح الكتّاب العرب غير الأردنيين، صفة"العضو المؤازر"، وعلى رغم أن النظام الداخلي، كان ينصُّ على أنَّ الكاتب العربي المقيم في الأردن، له الحقوق كافة، ماعدا الترشيح والانتخاب. إلاَّ أنَّ الهيئة العامة وافقت على صيغة"رابطة الكتاب الأردنيين"، أي الكُتّاب، الذين هم مواطنون أردنيون فقط. وكنت وضعتُ بنداً ينصُّ على"ضرورة إقامة علاقة خاصَّة"مع الاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين، إلاَّ أن لجنة المتابعة لاحقاً، شطبت هذا البند. وكنت وضعتُ بنداً ينصُّ على"الحرّيات الديموقراطية"، فأصرَّ الحاضرون على إضافة لفظة"المسؤولة!". ثمَّ لاحظتُ أنَّ الهيئة العامة، صرفت وقتاً طويلاً في مناقشة أسماء الهيئة التأسيسية، ولجنة المتابعة الموقتة، أكثر من مناقشتهم لبنود مهمة في النظام الداخلي.!
وفي كل الأحوال، أقرَّت الهيئة العامة في النهاية النظام الداخلي، وأسماء الهيئة التأسيسية، وأسماء لجنة المتابعة الموقتة. وتكلَّم الأساتذة الإيراني، والناعوري، والسمرة، كلاماً إيجابياً مشجّعاً عن نقابات الكتّاب في أوروبا، وآليات اشتغالها. فالإيراني كان يتقن الفرنسية، وهو قاصٌ شهير، والناعوري، يتقن الإيطالية ولغات أخرى، وهو قاص ومترجم، والسمرة، يتقن الإنكليزية، وهو باحث وناقد وأكاديمي. ومع أنني كنت أقوم بالردّ على أسئلة الهيئة العامة، إلاّ أن هؤلاء الأساتذة، ساندوني في معظم ردودي.
وهكذا أعلنتُ بنفسي تأسيس الرابطة، وتركت الأمر كله بين يدي لجنة المتابعة. لاحظ الأساتذة أنني لم أضع اسمي لا في الهيئة التأسيسية الرسمية، التي قُدّمت لوزارة الداخلية لطلب الرخصة، ولا في لجنة المتابعة، ويبدو أنهم توجَّسوا أمراً ما. هنا طلب عصام الزواوي، رئيس نادي خريجي الجامعة الأردنية الجهة المضيفة منا، نحن الأربعة، أن نتوجه معاً إلى غرفة مكتبه الملاصقة للقاعة، واستأذن الجمهور، بأننا سنتغيب لربع ساعة فقط. حاولتُ التملُّص بأعذار غير حقيقية، لكنهم لم يقتنعوا، إلاّ بعد أن صرّحتُ لهم بالسبب الحقيقي:"اسمي سوف يكون عائقاً أمام الحصول على الترخيص". وسردتُ لهم الأسباب، فاقتنعوا. كانت أسباباً سياسية. ثمّ عدنا إلى المنصَّة، فشكروني على جهودي. وفي اليوم التالي، وجدنا تغطية صحافية لندوة التأسيس في جريدة"الرأي"، 24/ 12/ 1973. ثمَّ قامت لجنة المتابعة بتقديم الطلب إلى وزارة الداخلية، وحصلت على الترخيص، في 26/ 5/ 1973، وتوفي الأستاذ الإيراني، في 31/ 5/ 1974. ثمَّ اجتمعت الهيئة التأسيسية، في 2/ 6/ 1974، وانتخبت من بينها أوَّل هيئة إدارية: عبد الرحيم عمر رئيساً، خليل السواحري، سالم النحّاس، وروكس العزيزي، هاني العمد، سليمان عرار، هاشم ياغي. وفي 4/ 8/ 1974، قام ناصر الدين الأسد، بافتتاح مقرّ الرابطة في جبل اللويبدة في عمَّان.
ظلَّ اسمي ممنوعاً، وكذلك أعمالي الشعرية والنقدية في وسائل الإعلام الأردنية في الفترة بين 1974? 1991، لهذا لم أكن عضواً في الرابطة طيلة هذه الفترة. فقد عشت في بيروت وصوفيا وتونس والجزائر، وسُمح لي بالعودة إلى الأردن، في 18/ 7/ 1991. لم أتقدم بطلب العضوية، لكنني فوجئت في 4/ 2/ 1992، بأن الهيئة الإدارية اجتمعت، ومنحتني بطاقة"مقرّر الهيئة التأسيسية". قبلتُ بهذه العضوية، وعملت في الرابطة، رئيساً للجنة الشعر، وعضواً في لجنة العضوية. وقد منحتُ العضوية لأوَّل مرَّة لكتّاب قصيدة النثر.
وحرصت على عدم تغوُّل الأدباء الشباب ضدَّ الكتّاب الشيوخ. وقمت بتحكيم عشرات المخطوطات... أعلنتُ استقالتي الخطيَّة من الرابطة، بتاريخ 27/ 12/ 1997، احتجاجاً على تعليق عضوية الاتحاد العام للكتاب والصحافيين في اتحاد الكتّاب العرب، بحيث ساهمت الهيئة الإدارية ورئيسها آنذاك في قرار التعليق، على رغم نصائحي لهم بالتريث، والتهمة كانت آنذاك هي"التطبيع". كنت ولا أزال ضدّ كلّ أشكال التطبيع مع العدو ومثقفيه، لكنني كنت وما أزال ضدَّ الظلم. تقدَّمتُ قبل استقالتي بمبادرة لرأب الصدع، وهي تدور حول محاسبة المُطبّعين من الطرفين، أي من الرابطة، ومن اتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين معاً، لكنَّ البعض في الرابطة، تخوَّف أن تطاوله التهمة، فآثروا الصمت. لم أعد عضواً في أيِّ اتحاد أو رابطة أو جمعية، لا في فلسطين، ولا في الأردن. وهكذا أشارك في نشاطات الرابطة كلّما طُلب مني ذلك، بصفتي ضيفاً، لا عضواً. أحسستُ بالراحة لهذه العلاقة الاختيارية، فعلاقتي طيّبة مع الرئيس والهيئة الإدارية. يصفني البعض بِ"مؤسس الرابطة"، وهذا لا يعني أنَّني المؤسس الوحيد، وينكر آخرون كلَّ أدواري عضو لخمس سنوات فقط!.
بعد أيّام 26/ 6/ 2009، ستقام انتخابات جديدة في الرابطة، وهناك ثلاث لوائح تتنافس. والرابطة تضم الآن 695 عضواً، ويقدّر العارفون أن مجموع الذين سوف يمارسون الانتخاب، أربعمئة كاتب. وهناك أيضاً، أربع وعشرون جامعة في الأردن.
أما معارض الرسم، فهي لا تُحصى. أصبح عمري أربعة وستين عاماً، لم أعد قادراً على التكيُّف مع العقل"الحاراتي"في الأردن، وفلسطين، ولهذا لن يذهب"مؤسس الرابطة"للمشاركة في الانتخابات، لأنه ليس عضواً، باختياره، وهو ليس عضواً في اتحاد كتَّاب رام الله وغزَّة، لأنَّ المنفيين ليسوا أعضاء فيه. وكنت سألت نفسي: هل بالضرورة أن يكون الكاتب الحقيقي، عضواً في مثل هذه الروابط والاتحادات؟ وأجبت بالنفي، فشعرتُ بالراحة والطمأنينة، بعد أن تذكرت مرارات العمل النقابي، لكنّني أغبط القادرين المتحمّسين على فعل ذلك. أتذكر أنني قلت جُملةً في كتاب استقالتي من"رابطة الكتّاب الأردنيين"عام 1997، أقامت الدنيا، ولم تقعدها، كما يقولون، هي أنني"فلسطيني من أصل فلسطيني إلى أبد الآبدين"، لامني البعض، وامتدح البعض الآخر في الغرف السريّة، شجاعتي!، لكنّي لا أزال، وسأبقى حتى الموت، أُطالبُ بِ"حقّ العودة للفلسطينيين"إلى وطنهم فلسطين.
* شاعر فلسطيني
نشر في العدد: 16879 ت.م: 21-06-2009 ص: 35 ط: الرياض
عنوان: الشاعر المنفي دوماً ... هل يحتاج الى بطاقة انتماء؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.