يحتل فنّ ال"غرافيتي"مساحة كبيرة من جدران بيروت، فبعدما كان يقتصر على الشعارات السياسية واللافتات الإعلانية، بات اليوم تعبيراً بالرسم والكلمات عن مشاكل الشباب وتوجهاتهم... وال"غرافيتي"توصيف يطلق على الرسوم والأحرف التي ترش، تلون أو تطبع على أي ملكية أو جدار. بدءاً بشارع الحمراء حيث الاكتظاظ الطالبي، نجد الكثير من الرسوم، منها ما رسم بسرعة بواسطة ال"سبراي"، وأخرى بدقة حتى تشعر أنها لوحات مُزِجت فيها الألوان لتزيد من نبض الحياة في شارع لا يخلو من الصخب. هنا صورة لأم كلثوم كتب الى جانبها"بوس الواوا"، عنوان لأغنية اللبنانية هيفاء وهبي، رسمها شاب يعبر فيها بسخرية لاذعة عن تدني المستوى الفني، رسمت بتقنية ال Stencils أي"الطبعات"حيث يستخدم الفنان الورق المفرّغ ورشّ الطبعة على الجدار وهو يعتبر من أبسط أنواع ال"غرافيتي". وهناك على حائط الجامعة الأميركية رسمة اخرى نابعة من واقع الشارع اللبناني، ففي كلّ طريق قريب من منزل أحد"المسؤولين"أو قرب أحد المراكز"المهمة"نجد حواجز تخفف سرعة السيارات، من هنا كانت رسمة لأحد هذه الحواجز الحديد مع صور لأشخاص أصغر حجماً يحاولون القفز من فوقها أو تخطيها. وتبقى الرسوم الموجودة في شارع الحمرا قليلة نسبة الى تلك الموجودة في شارع الجميزة الصاخب ليلاً. ففي هذا الحي الذي لا ينام، والمعروف بكثرة المقاهي والملاهي، تجد نوعاً آخر من ال"غرافيتي"، حجمها أكبر، ربما من رسمها كان له الوقت الكافي بعيداً من عيون الرقابة...إذا وجدت، ليعبر عن نفسه على الجدران. وفي الطريق الى هناك تصادف أولاً جداراً مرّت عليه الكثير من الأحداث اللبنانية ولا يزال صامداً، وكتب عليه"بيروت ما بتموت"تعبيراً عن رفض المدينة للإستسلام مهما كانت الظروف، الى اليمين رسمت الأرزة رمز الصمود، والى اليسار قنبلة. أما على الجدران الأخرى فثمة العديد من الرسوم والتعابير المنفذة بدقة متناهية، غالبيتها يوحي أنها مأخوذة من أسلوب ال"هيب هوب"إن بطريقة الكتابة والخط، أو بالألوان المستعملة، وهو ما يعرف ب"Block buster"حيث يكون الرسم حراً ويغطي مساحة كبيرة من الجدار، ويكون اسلوب الرسم معقداً فتتصل الأحرف ببعضها ويصبح صعباً على المشاهد العادي أن يقرأها. وفي حي طريق الجديدة البيروتي، وعلى طول الجدار الذي يلف الملعب البلدي، رسمت لوحات لا يمكن القول أنها تعبيرية، بل تزين الحائط وتجمله، وربما كان توقيت رسم هذه اللوحات مع قدوم الانتخابات النيابية كطريقة غير مباشرة للحؤول دون تشويه المنظر العام بصور المرشحين من هنا وهناك. أما طريق المتحف - الكرنتينا فكان في تشرين الثاني نوفمبر 2008 مشغلاً وملتقى لمجموعة من الفنانين اللبنانيين مصحوبين بالألماني دون كارل أحد أهم فناني ال"غرافيتي"في أوروبا، حيث تعلموا منه تقنيات عدة لهذا الفن، فبدأوا بتحديد الموضوع ونفذوا رسوماتهم على طريقة ال"سكتش"، ثمّ استعملوا الطبشور لنقلها الى الجدار، وبعد الانتهاء من التصميم لونوا الرسوم وخططوها لإعطائها الطابع الغرافيتي.