يبدو أن باراك أوباما يحذو حذو سلفه، ويتوسل ذرائع ملتبسة لتسويغ مواصلة الحرب بأفغانستان. فأعلن أن هدف العمليات بأفغانستان هو الحرص على منع"القاعدة"من شن هجمات في الولاياتالمتحدة ومن الاعتداء على المدنيين الأميركيين. ويزعم الرئيس أن شأن عودة"طالبان"الى الحكم توفير ملاذ آمن"للقاعدة"تعد فيه هجمات جديدة. ولكن عدداً من المراقبين يرى أن طالبان ترددت في استقبال"القاعدة"في التسعينات، وأنها أبدت استياءها من اخلال"القاعدة"بالتزامها وقف الهجمات في الخارج. ولم تتورط طالبان في هجمات 9/11 التي أفضت الى اطاحة التحالف الدولي حكمها. وأغلب الظن ألا تستضيف"طالبان"، في حال عادت الى الحكم، منظمات ارهابية تسوغ أنشطتها التدخل الخارجي في افغانستان. وإذا حددت"القاعدة"مواقعها في هذا البلد، اضطرت الى العمل تحت الحصار، على ما هو الأمر في باكستان. والحق أن ما يقال عن حاجة"القاعدة"الى قاعدة جغرافية آمنة تعد فيها الهجمات يفتقر الى الدقة. فإعداد هجمات 9/11 حصل في هامبرغ بألمانيا. والحاجة الى معسكر آمن تنتفي في الإعداد لمؤامرات ارهابية. وتلح الحاجة فعلاً الى وسائل اتصال وتمويل وتخطيط. والأرجح ان عمليات"القاعدة"قوضت صدقيتها في العالم الإسلامي فجلبت عملية 9/11 ويلات حروب مكافحة الإرهاب الى الشرق الأوسط، وأصابت المسلمين. ولا بينة على نجاح"القاعدة"في التخطيط لعملية بعد هجمات أيلول سبتمبر. وخارج مناطق الحروب، لم تتعد، سنوياً، نسبة ضحايا هجمات"القاعدة"وشركائها وأشباهها 300 قتيل. وهذا رقم لا يستهان به. ولكنه لا يسوغ زعم أوباما"أن سلامة العالم هي على المحك". وفي 2002، زعمت تقارير الاستخبارات الأميركية أن عدد أعضاء"القاعدة"الناشطين بالولاياتالمتحدة يبلغ بين 2000 و 5000 آلاف عضو. وقال روبرت ميولر، مدير ال"اف بي آي"، أن"القاعدة"أنشأت بنية تحتية في أميركا، وأنها قادرة على شن هجمات كبيرة. وبعد أعوام من التحريات، لم تقع أجهزة الاستخبارات الأميركية على خلية"قاعدة"واحدة نائمة. والحق أن انتفاء الهجمات الإرهابية"القاعدية"وخلو وفاض أجهزة الاستخبارات الأميركية من خلايا ارهابية نائمة يوحيان بأن"القاعدة"إما لم تحاول شن هجمات أو أنها ضعيفة. وأعلن أوباما أن سقوط أفغانستان بأيدي"طالبان"يعزل هذا البلد، ويعرض سكانه لحكم تعسفي عنيف. وهذا صحيح. ويحق للأفغان أن ينعموا بالسلام بعد نحو 30 عاماً من الحروب المتواصلة. ولكن الأميركيين لا يرغبون في بذل الدماء في سبيل قضية انسانية، عوض بذلها في حماية الولاياتالمتحدة من الإرهاب. ويبدو أن تأييد الأميركيين الحرب على أفغانستان يتراجع، على رغم تأييدهم الواسع هذه الحرب في الأعوام الماضية. وأغلب الظن أن يواجه أوباما صعوبة في إقناع الأميركيين بالبقاء بأفغانستان. أستاذ علوم سياسية في جامعة أوهايو الأميركية،"فورين أفيرز"الأميركية، 17 4 / 2009، إعداد م.ن نشر في العدد: 16826 ت.م: 29-04-2009 ص: 24 ط: الرياض