يعتبر الرئيس الأسبق للاتحاد القطري لكرة القدم سلطان خالد السويدي من الشخصيات الرياضية في المنطقة، التي تصنع العناوين الممغنطة للإعلاميين، ويكاد يكون الشخصية الوحيدة المثيرة للجدل، والتي لا تزال تتنفس معنا في الخليج. السويدي اعتزل الحياة الرياضية منذ مطلع التسعينات، وابتعد عن الأضواء، وقبيل انطلاقة"خليجي 16"، التي نظمت في الكويت، سافرت إلى الدوحة، بهدف إجراء لقاء مع هذا الرجل، ولكنني فوجئت بأن أحداً لا يعرف رقم هاتفه الجوال، حتى الزملاء الإعلاميين. وبعد أن أصابني اليأس، قدم أحد الاصدقاء الذي وجدته مصادفة، وعبّرت له عن حجم الإحباط الذي أصابني، والفشل الذي لحق بمهمتي خدمة كبيرة، عندما أعطاني رقم هاتفه الجوال. المهم في الأمر أنني أجريت اللقاء مع تلك الشخصية القديرة الأول له منذ أكثر من 15 عاماً، والتقطت له أول صورة فوتوغرافية، بعد أن حلق لحيته الشهيرة، وكان حواراً رائعاً وموضوعياً، وسألته في الحوار:"هل كان ما يدور بينك وبين الشهيد فهد الأحمد مسرحية؟"، وهو سؤال توقعت لكثير من الاعتبارات، منها عامل الزمن وظروف الطرف الثاني، أن تكون إجابته"عابرة"لا تستحق أن يعنوّن لها بأي شكل من الأشكال، لكن المفاجأة أن الإجابة لم تكن كذلك، بل كانت"العنوان الرئيسي"! فقد قال السويدي:"على العكس من ذلك كانت خلافاتنا حقيقة، وليست مسرحية، أنا والشهيد من بيئة رياضية، وهي بيئة أقرب للانفعال والتلقائية منها إلى المجاملات، خلافي مع فهد كان حقيقياً، لكنه فوق الطاولة على العكس من خلافات الآخرين، الذين يجيدون الضرب من تحت الطاولة"! أسوق هذه القصة في هذه الفترة الحرجة، التي تفتقد الوعي والشفافية حتى من كبار المسؤولين في التنظيمات الرياضية، الذين أصروا على جعل الحقيقة مع الكذب في خلاط واحد، فأظهروا الحب لبعضهم البعض أمام الميكروفونات وخلف عدسات التلفزيون، وتفننوا في الضرب تحت الطاولة وأنا هنا لا أستثني أحداً. فانتخابات الاتحاد العربي لكرة القدم، أجّلت لأسباب غير مقنعة كما أرى تحت ذريعة المحافظة على وحدة الصف العربي داخل الصف العربي، وانتخابات الاتحاد الآسيوي ساخنة بين"العربيين"القطري محمد بن همام، والبحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم، وهي تدق الأبواب بكل إسقاطاتها وتوابعها، ومن الواضح أن حالاً من"التشنج"أصابت كبار المسؤولين العرب في التنظيمات القارية والعربية، بسبب التراكمات السابقة. ما كانت هذه الأجواء تقع لو أن"الشفافية"هي سيدة الموقف في كل ممارسات المسوؤلين. ما كانت هذه الأجواء تخيم على مسرح الأحداث الخليجية والعربية لو عملت هذه الشخصيات بالعقلية التي تعامل بها الشهيد فهد الأحمد وسلطان السويدي عقلية الوضوح. مشكلتنا أننا نظهر غير ما نبطن، ونجعل من خلافاتنا الشخصية"خلافات دول وشعوب"، وهذا هو السبب الحقيقي وراء الأزمة، التي تعيشها الكويت هذه الأيام مع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم. كلمة أخيرة إنها حقاً أزمة عقول"أزمنت"فيها الخلافات. مرزوق العجمي [email protected] نشر في العدد: 16823 ت.م: 26-04-2009 ص: 34 ط: الرياض