تباينت الآراء في المؤتمر العربي الثالث حول حماية الطفل، الذي عُقد اخيراً في الرياض، حول أسباب العنف في العالم العربي، وطرق معالجته. واتفق أكثر من ألف متخصص ومهتم يمثلون 28 وفداً عربياً ودولياً شاركوا في المؤتمر، على أن إساءة معاملة الأطفال تفشّت في المجتمعات العربية، وسط ضعف في الوعي بالعنف والإيذاء الأسري. وساد لغط حول التعريف الحقيقي للإهمال، الذي يتعدى العقاب البدني، ليصل إلى الإساءة العامة إلى الطفل. وأجمع المؤتمرون على أن المجتمع العربي يعاني ضعفاً في آليات حماية الأطفال، خصوصاً أن أكثر من ربع أطفال العالم العربي، يتعرضون للعنف، مطالبين بإعداد استراتيجيات وخطط وطنية للوقاية والتصدي لهذه الظاهرة. وقالت نائبة رئيس برنامج الأمان الأسري في السعودية، الأميرة عادلة بنت عبدالله أن"الحاجة مُلحة لإيقاف تنفيذ العقوبات على الطفل المرتكب للجرم الجنائي الذي يستوجب العقوبة تحت سن الثامنة عشرة"، مضيفة أن"انتظار تعدي الطفل للسن القانونية ليتم بعدها تنفيذ العقوبة بحقه يُعد انتهاكاً كبيراً لحياة الطفولة". وشددت على ضرورة إعادة تأهيل الطفل المرتكب للجرم وإعادة استقراره النفسي والعائلي في الوقت ذاته، مشيرة إلى أنه"تجب مراعاة وقت ارتكابه للجرم في سن الطفولة، والأخذ بيده للإعداد حياته المُستقبلية لا للعقوبة". وأكدت مديرة الإدارة العامة لرياض الأطفال في وزارة التربية والتعليم منيرة القنبيط، أن عدداً كبيراً من الأطفال يتعرضون لشتى أنواع الإساءة والاستغلال، ويعتبر التحرش الجنسي من أكثر أنواع الاعتداء خطورة، إذ يترك آثاراً سلبية قد تمتد لسنواتٍ طويلة من حياة الطفل. وحول تشغيل الأطفال في العالم العربي، أوضح الدكتور حبيب بوهرور من الجزائر أن ألاسباب تتباين من مجتمع إلى آخر، كاشفاً أن إحصاءات منظمة العمل الدولية تظهر أن 13 مليون طفل عامل في الدول العربية يجبرون على القيام بأعباء لا إرادية لا تتماشى مع بنيتهم الجسدية، ما يؤدي إلى تهديد سلامتهم النفسية والجسدية وصحتهم ورفاهيتهم. پوتحتل منطقة المغرب العربي الصدارة ب6.2 مليون طفل، بينهم 3،1 مليون تراوح أعمارهم بين 6سنوات و 13 سنة. وخلُص المشاركون الى ضرورة تشجيع البحوث والدراسات والمسوح الوطنية الشاملة للتعرف الى أنماط العنف ضد الطفل في الدول العربية، وإيجاد نظم وآليات وطنية لجمع البيانات والمعلومات المتعلقة بالعنف ضد الأطفال، مشيرين إلى ضرورة إدماج حقوق الطفل في مناهج التعليم بمختلف مراحله. "اليونيسيف"تتجاهل أطفال العراقوغزة احتجت عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية الدكتورة سهيلة زين العابدين على ورقة عمل"الأطفال في النزاعات المسلحة"التي قدمتها مستشارة"يونيسيف"لحماية الأطفال في الشرق الأوسط تريش هيدلتون حول تجنيد الأطفال في الشرق الأوسط. وقالت:"نستغرب ورقة العمل المُقدمة التي تشير إلى وجود تجنيد للأطفال في المنطقة العربية، والتركيز فقط على السودان، من دون أن تناقش الجانب المُعذب لأطفال غزةوالعراق ولبنان"، متسائلة:"لماذا لم يتم ذكر أن أطفال غزة لا يلقون الطعام والماء لسد رمقهم". فردت مستشارة"يونسيف":"سنتابع قلة حصول الفلسطينيين على المعونات الإنسانية". وأضافت:"نحن قلقون ومهتمون بأوضاع الأطفال في العراق ولبنان". وكشفت هيدلتون، أن"70 في المئة، من النزاعات العالمية قتلت مليون طفل، وتسببت بإعاقات الملايين من الأطفال، في حين أن 90 في المئة، من الضحايا هم مدنيون". وأكدت أن منازل 18 مليون طفل ضاعت بسبب النزاعات العالمية. لإيجاد قضاة وأمنيين مُختصين أكد أطباء ومختصون في حماية المعنّفين أسرياً ضرورة تأهيل القضاة والمحققين ممن يتعاملون مع قضايا العنف الأسري، خصوصاً من يتعاملون مع قضايا العنف الموجّه ضد الأطفال، مطالبين خلال ورشة عمل ناقشت"المقابلة الجنائية للضحايا والمعنفين في قضايا إساءة معاملة الطفل"، بضرورة إخضاع القضاة والمحققين إلى دورات تأهيلية سواء نفسية أم شرعية حول كيفية التعامل مع ضحايا العنف الأسري. وأكدت أول طبيبة سعودية متخصصة في إيذاء الأطفال وإهمالهم الدكتورة نسرين الحارثي، أن لغة الحوار بين الأطباء وجهازي الشرطة والقضاء وبقية الجهات ذات العلاقة بالعنف الأسري"مفقودة"، إذ لا يمكن أن يشرح الطبيب نوع الإساءة إلى رجل الشرطة ويفهمها ويتجاوب معها بسرعة. ودعت إلى إيجاد آلية يمكن بها التواصل بين الجهات التي تمس حياة المُعنّفين، للتقليل من حالات العنف عربياً، مع أهمية تكاتف الجهود جميعها، وإيجاد ورش عمل مشتركة بين تلك الجهات للخروج بصيغة موحّدة بينها. من جهة أخرى، طالبت المحاضرة في جامعة أم القرى في قسم التربية الفنية الأديبة الدكتورة عبير الصاعدي، بإدراج مجال العلاج بالفن واعتباره فرعاً أساسياً ضمن متطلبات إعداد معلمي التربية الفنية، لإعدادهم إعداداً علمياً متكاملاً، ما يؤهلهم للتعامل مع الأفراد الأسوياء وغير الأسوياء، في مجالات التخصصات المختلفة، مثل: المستشفيات والعيادات الخاصة والسجون ودور الرعاية والتأهيل. وأكدت مديرة برنامج حماية الطفل والشباب في مستشفى الأطفال في شرق أنتاريو- ولاية أوتاوا في كندا الدكتورة سوزان بينيت، أنه وعلى رغم كل المحاولات والجهود المبذولة للحد منپ ظاهرة استغلال الأطفال من خلال الإنترنت، إلا أن نسب تلك الحالات لم تتغير. وقالت:"إن أكثر الأطفال عرضة للاستغلال عبر الإنترنت هم الذين يعانون من الاكتئاب والعزلة، ولديهم لبس في المسائل الجنسية، وعلاقاتهم سيئة مع آبائهم. وأوضحت بينيت أن الأمور وصلت إلى الذروة مع دخول المستغلين إلى بعض المواقع، واستخدامهم البطاقات الائتمانية، واضعين مواصفات للطفل الذي يودون استغلاله"، مضيفة:"لم يعد بالإمكان التحكم في المعلومات الموجودة على الانترنت". وأوصت بعمل دورات إرشادية لكل العاملين مع الأطفال، ودعت الأهالي إلى إجراء حوارات فعلية مع أبنائهم من دون تخويفهم بالحرمان من أجهزتهم الالكترونية. نشر في العدد: 16785 ت.م: 19-03-2009 ص: 22 ط: الرياض