أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في الرابع من آذار مارس الجاري مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير، لإدانته في نوعين من الاتهامات، وفق المذكرة التي قدمها المدعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو في تموز يوليو الماضي، وهما: ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، موضحة أنه وجه الاتهام فيهما بموجب المادتين 2 و7 من ميثاق المحكمة. بداية هناك تساؤل يطرح، هل يمكن للمدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية أن ينسب اتهامات لرئيس دولة؟ وهل لا يتمتع الرؤساء ورؤساء الوزارة وغيرهم من رؤساء الحكومات بالحصانة من الملاحقة القضائية؟پپ منظمة"هيومن رايس ووتش"تجيب، بأن"نظام روما"ينطبق على الأشخاص بغض النظر عن منصبهم الرسمي. كما أن أي حصانة يمكن أن يتمتع بها الشخص في دولته نتيجة لمنصبه لا تمنع المحكمة الجنائية الدولية من نسب الاتهامات إليه. والمادة 27 من نظام روما تنص صراحة على أن رؤساء الدول لا يتمتعون بالحصانة من الملاحقة القضائية. في اعتقادي، بداية أنه لا يحق للمحكمة الجنائية الدولية ان تصدر مذكرة بإيقاف شخصية من دولة غير موقعة على اتفاقية روما المؤسسة لهذه المحكمة، لأن هذه المحكمة خاصة فقط بالدول التيپصادقت على اتفاقية روماپحتى وإن كان الأمر يتعلق بفصل من قانونها الأساسي يعطي الحق للمدعي العام فيها بتحريك القضايا التيپتتعلق بجرائم الحرب أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم الإبادة الجماعية ضد مسؤول في دولة غير موقعة على اتفاقية روما. وعلى رغم ذلك فان هذا الفصل يهم محكمة لا تصادق عليها كل دول العالم كلها، ثانياً. إذا كان للمدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية الحق بحسب أحد بنود قانونها الأساسي تحريك قضية تهم المسؤولية الجنائية في مختلف دول العالم، فلماذا لم يصدر مذكرة لاعتقال قادة إسرائيلپوما أكثرهم والرئيس الأميركي السابق جورج بوش ومسؤوليه العسكريينپبتهم جرائم الحرب في كل من فلسطينوالعراق. بل على العكس فان توني بلير مثلاً الشريك الرئيس لبوش في غزو العراق وقتل مدنييه، كرّم دولياً اذ عُين مبعوثاً للجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، كما كرم في الكويت، إذ باتپمستشاراً على أعلى مستوى. من هنا يمكن القول بأن القضية سياسية وليست قانونية .... والهدف المقصود هو تفتيت السودان وتقسيم جزئه الجنوبي عن الشمالي، خصوصاً أن البشير يعد من رؤساء محور الممانعة في العالم العربي الرافض للتطبيع مع إسرائيل، وهذا لا يمنع من ذكر تصريحات منظمات حقوقية بانتهاكات صارخة في إقليم دارفور خلال السنوات الخمس الماضية. ان العدالة غير مطبّقة في العالم في شكل حقيقي، وهناك دول قوية أسست منظمة الأممالمتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وتتحكم بهذه المؤسسات، وهناك دول ضعيفة يجب أن تخضع لمنطقپالدول الأقوىپأو تفرض عليهاپعدالة الأقوياء من منطق الدول الأقوى. العالم يحتاج الى نظام عالمي جديد اقترحته سابقاً على المفكر الأميركي ليندون لاروش وشاطرني الرأي. نظام عالمي عادل وانساني يقوم على مبدأ الاحترام المتبادل واحترام الشعوب وحضاراتها وثقافاتها. ولا يمكن أن يتحقق هذا النظام إلا بعدپقيامپحرب عالميةپأخرىپتتغير بعدها موازين كثيرة. محسن الندوي مدير مجلةپشؤون استراتيجيةپ- المغرب - بريد إلكتروني