وقع الإيرانيون في هوى مسلسل تلفزيوني يسرد قصة النبي يوسف قصصاً تلفزيونية. وليست قصة حياة النبي يوسف ما يجذب اهتمام المشاهدين فحسب. فبعض المشاهدين يرون أن المسلسل يبث رسائل سياسية. فهو يوحي أن ثمة شبهاً بين الرئيس محمود أحمدي نجاد، المرشح الى ولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية الايرانية، وبين يوسف بن يعقوب. ففي حلقة عرضت، أخيراً، يظهر النبي يوسف متجولاً في الصحراء يستمع الى مشكلات الفقراء قائلاً:"ان التقرب من الفقراء هو أفضل طريقة لحكم البلاد". وتعيد هذه الحلقة الى الاذهان زيارات نجاد الكثيرة إلى المناطق القروية في اعوام ولايته الثلاثة. وأفلحت هذه الزيارات في جذب جمهور كبير من الايرانيين، وتعهد فيها نجاد بذل ملايين من الدولارات لتمويل مشاريع بنى تحتية. والجولات في المناطق الريفية الفقيرة هي ركن من أركان استراتيجية ينتهجها نجاد في مخاطبة الشعب الايراني. وتستفز سياسات نجاد بعض رجال الدين الذين يرون أنه يهمّش دورهم. وبحسب بعض المحللين في طهران، غاية المسلسل تعزيز حكم نجاد من طريق المقارنة بينه وبين النبي يوسف. فيوسف كان ضحية غيرة اشقائه الذين أرادوا قتله ورموه في البئر. ولكنه نجا من الموت، ونقل الى مصر. وحملت حكمة يوسف الفرعون على دعمه، على ما يدعم مرشد الثورة الاعلى، علي خامنئي، نجاد. ويتآمر رجل دين نافذ في النظام الفرعوني الحاكم على يوسف. فسياسته تتهدد مصالحه. ويؤدي ممثل على قدر كبير من الشبه بأكبر هاشمي رفسنجاني، الرئيس السابق وواحد من أبرز منافسي نجاد، دور رجل الدين هذا. وفي المسلسل، يعوق رجال الدين مهمة يوسف السامية، على ما يفعل نظراؤهم اليوم بطهران. فهؤلاء يعرقلون سياسة نجاد. وتحتكر الحكومة الايرانية السلطة في محطات التلفزة الايرانية، ويشرف آية الله خامنئي على البرامج. وتنقل القنوات التلفزيونية الايرانية الست تفاصيل أنشطة نجاد. ويقول فرج الله صلاح شور، وهو مخرج محافظ وملتزم دينياً، ان نص المسلسل صيغ، قبل تسلم نجاد مهامه في 2005. ولكنه لا يخفي ترحيبه بملاحظة الناس وجوه الشبه بين الرئيس والنبي يوسف. وقد يحمل هذا المسلسل المواطنين العاديين الذين يقبلون على متابعة حلقاته على نسيان المشكلات الاقتصادية المتفاقمة. ولكن، بحسب مصطفى ديراياتي، رجل دين إصلاحي، قد يحمل هذا المسلسل الناس على الانقلاب على نجاد، في وقت ترتفع الاسعار، وتتعاظم معدلات التضخم المالي. عن نجمة بوزرجمهر،"فايننشال تايمز"البريطانية، 29 / 1 / 2009 نشر في العدد: 16742 ت.م: 2009-02-04 ص: 27 ط: الرياض