زيادة الوزن أصبحت مشكلة المشاكل نظراً الى المضاعفات التي تتركها على الصعيدين الصحي والاجتماعي، وأمام هذه المشكلة لا بد من الريجيم من اجل العودة الى الوزن الطبيعي، أو الى الحد الممكن. الريجيم هو الشغل الشاغل للناس في هذه الأيام، خصوصاً الريجيم الذي يملك عنواناً براقاً يطرح بين سطوره حلاً سحرياً وسريعاً لتخسيس الوزن مثلاً هناك إعلان يقول: ريجيم صاروخي يمكّنك من فقدان 30 الى 35 كيلوغراماً في شهر واحد تحت إشراف طبيب!، ولكن المضحك المبكي في الموضوع هو أن أكثر من 95 في المئة ممن ركضوا وراء الريجيمات التي تتخفى وراء عناوين براقة يجدون في النهاية ان أوزانهم زادت أو وقعوا في مطب السمنة الحقيقية. والى جانب استعادة الوزن السريعة، هناك جملة من المضاعفات التي يمكن ان تنعكس على صاحبها نتيجة تطبيق الريجيم السريع، من بينها: - الجفاف، أي فقدان سوائل الجسم. - هبوط السكر في الدم. - هبوط ضغط الدم. - الإغماء. - الشحوب. - التعب والإرهاق طوال مدة الريجيم. - تساقط الشعر وتكسر الأظافر وترهل الجلد. - ضياع في الكتلة العضلية. - ظهور بوادر لاضطرابات نفسية. - الضعف الجنسي نتيجة نقص الوارد من البروتينات. لا شك في ان كل شخص يعاني زيادة في الوزن يشعر برغبة عارمة في ان يكون وزنه مثالياً، أو على الأقل قريباً منه من اجل التمتع بالصحة الجيدة، فيسعى الى تطبيق ريجيم يطيح المستودعات الشحمية المتداعيه في أنحاء الجسم، ولكن المصيبة هي سعي البعض الى إطاحة هذه المستودعات بريجيم سريع لا يراعي أركان الصحة، وفي السطور الآتية نلقي الضوء على الأخطار التي تنتج من بعض أنواع الريجيم: ريجيم النوع الواحد، ويقوم على تناول صنف واحد من الطعام، وهذا النوع من الريجيم يعتبر كارثة على الصحة بسبب المضاعفات التي يتركها، ومنها: - ريجيم الرز. صحيح ان تناول الرز وحده لفترة محددة يخفض الوزن بسرعة، ولكن مشكلة هذا الريجيم انه يفتقر الى البروتينات اللازمة للجسم على أكثر من صعيد، خصوصاً من اجل بناء خلايا جديدة وإصلاح الخلايا المعطوبة. ان نقص البروتينات يؤدي الى خلل واسع في وظائف الجسم. - ريجيم البيض. وفيه يتناول المرشح لتخسيس وزنه البيض يومياً لمدة اسبوعين. يساعد هذا الريجيم في إنقاص الوزن في شكل ملحوظ، غير انه يسبب التعب والإرهاق ويرفع مستوى الكوليسترول في الدم. - ريجيم الفاكهة. وهنا يتناول المرء أكبر قدر من الفواكه، خصوصاً الأناناس والبامبلوموس والباباي التي يعتقد أنها تحتوي على انزيمات تحل الدهون في الجسم. وبالطبع، فإن هذا الاعتقاد ليس صحيحاً لأن انزيمات هذه الفواكه تساعد على الهضم ولا تمس الدهون لا من قريب ولا من بعيد. يجب الحذر من مثل هذا النوع من الريجيم لأنه يحشو الجسم بالسكريات، الأمر الذي يخلق اضطراباً في العمليات الاستقلابية لن تكون لمصلحة الجسم حتماً. - ريجيم التنويع. وفيه يتم استهلاك صنف واحد من الطعام في اليوم، اي يوم للفاكهة، ويوم للحم، ويوم للحليب، ويوم للخضروات... الخ. ان هذا النظام التخسيسي ضار للغاية لأنه يترك خللاً على صعيد التزود بالفيتامينات والأملاح المعدنية، كما انه وبمجرد التوقف عنه تعود الكيلوغرامات التي ذهبت بسرعة فائقة. - ريجيم الخضروات المسلوقة. يسمح هذا النظام الغذائي في إذابة المخزون الشحمي في شكل لافت، ولكن للأسف لا يذيب الدهون وحسب بل يذيب الكتلة العضلية أيضاً، وهنا تكمن خطورة هذا النوع من الريجيم، خصوصاً اذا تمت المثابرة عليه لفترة طويلة، وفي هذه الحال يقود الى الهلاك. الريجيم البروتيني، وهنا تعطى الأولوية للأغذية الغنية بالمواد البروتينية على حساب المواد الأخرى من السكريات والدهنيات. لا شك في ان هذا الريجيم يقلل من كمية السعرات الحرارية المستهلكة لاعتماده على اللحوم وافتقاره الى الحبوب والحليب ومشتقاته، ولكنه يشحن الجسم بالمخلفات السامة للبروتينات التي تشكل عبئاً ضخماً على الكلى الى درجة انها قد تصاب بالفشل، عدا عن انه قد يعرّض للإصابة بداء النقرس بسبب ارتفاع مستوى حامض"اليوريك"في الدم. ان سلبيات الريجيم البروتيني كثيرة لأنه غير متزن اطلاقاً ويؤثر في العمليات الاستقلابية في الجسم بصورة غير عادية. ريجيم الوجبة الواحدة، وهو يعتمد على تناول وجبة واحدة في اليوم، وهذا السلوك لتخسيس الوزن فاشل ولا يحقق الهدف المنتظر منه لسبب في غاية البساطة هو ان الجسم يعمد في الحال الى تبديل خططه الاستقلابية فيكدس الطاقة على شكل دهون اضافية، كما يعمل وهذا هو الأخطر على حرق البروتينات بوتيرة أكبر من اللازم، الأمر الذي ينحت في العضلات فيتراجع حجمها وتصاب بالضمور. ريجيم عدم الخلط بين الأطعمة، ويسمح بمزج أغذية معينة مع أخرى، ولكنه يمنع مزج أطعمة محددة مع غيرها. ليس هناك إثباتات علمية تقول ان مزج الطعام الفلاني مع العلاني أو عدم خلط هذا الغذاء مع آخر، يؤدي الى نقص الوزن، ان إنزال الوزن يعتمد أولاً وأخيراً على كمية السعرات الحرارية التي تدخل الى الجسم. هذا في اختصار ما يمكن قوله عن بعض أنواع الريجيم، وطبعاً فإن القائمة تطول ولا يتسع المجال للحديث عنها كلها، ولكن هناك جملة من النصائح في شأنها: أولاً: يجب الابتعاد من الريجيم الفقير جداً بالسعرات الحرارية، لأن الجسم عندها يلجأ الى الكتلة العضلية للحصول على السعرات اللازمة. ثانياً: يجب الابتعاد من أنواع الريجيم التي ذكرناها. ثالثاً: يجب الحذر من الريجيم الذي يقال انه يحرق الدهنيات، فليس هناك أغذية قادرة على حرق المواد الدسمة. رابعاً: يجب الحذر من الريجيم الذي يقول بفقدان أكثر من كيلوغرام واحد في الأسبوع. خامساً: يجب غض النظر عن كل ريجيم يدّعي إمكان تخسيس الوزن من دون إحداث تبدلات في العادات الغذائية. سادساً: يجب الابتعاد من الريجيم الذي يقوم على الدعايات أو على شهود يكيلون المديح له، أو الزعم بأن النجاح معه مضمون مئة في المئة. سابعاً: يجب الحذر من الريجيم الذي يحمل أسماء المشاهير من بين الممثلين والممثلات وعارضات الأزياء وغيرهم. - يجب الحذر من الريجيم القائم على منتجات تجارية لأنها غير صحية وهدفها الربح. ختاماً، لا بد من كلمة حول أمرين اثنين: الأول حول كتب الريجيم التي تلقى رواجاً منقطع النظير، فهذه الكتب تقترح أنظمة لتخسيس الوزن بعيدة كل البعد من الأسس العلمية والطبية، وخير ما يمكن ان نستشهد به هو كلام الدكتورة هيلي الناطقة باسم مؤسسة التغذية البريطانية:"ان أنظمة الريجيم المنشورة في هذه الكتب من شأنها ان تدمر صحة الإنسان، وتعد موضة منتشرة في بلاد العالم كلها، ولا تخضع لإشراف طبي". أما الأمر الثاني، فهو انتشار ظاهرة منتجات التخسيس التي نراها من خلال الدعايات المكتوبة والمتلفزة والمسموعة، والواقع ان هذه المنتجات تجارية بحتة غايتها النصب والاحتيال وتضليل الناس وجني الأموال الطائلة من ورائها، وأن كل ما تدعيه هو مجرد كلام في الهواء، لأنها بكل بساطة تعطي وعوداً كاذبة لا ترتكز على حقائق علمية ثابتة. نشر في العدد: 16750 ت.م: 12-02-2009 ص: 29 ط: الرياض