بالنسبة الى موقع تحتل أهميته التاريخية مكانة موازية لاهرامات مصر، فإن مدينة بابل القديمة عانت معاملة قاسية. فقبل بضع سنوات وضعت القوات الاميركية والجيوش المتحالفة معها، دبابات وأسلحة في المدينة الواقعة جنوبالعراق، واستخدمت تراباً يحتوي على بقايا أثرية لملء أكياس الرمل. ونهب لصوص كنوز بابل، وقبل ذلك رمم الرئيس الراحل صدام حسين أجزاء منها باستخدام قرميد جديد يحمل اسمه وشيد قصراً مطلا عليها يفتقر الى الذوق الفني. بيد أن المسؤولين يأملون بإعادة احياء بابل واعدادها لمستقبل سياحي ثري بمساعدة خبراء من الصندوق العالمي للآثار والسفارة الاميركية. ويسعى مشروع"مستقبل بابل"الذي أطلق الشهر الماضي الى رسم خريطة للاوضاع الحالية للمدينة وتطوير خطة للحفاظ عليها الى جانب الدراسة والسياحة. وبابل الموطن الشهير للحدائق المعلقة احدى عجائب العالم القديم وتقع في منطقة وصفها المؤرخون القدامى بأنها مهد الحضارة، لحقت بها أضرار بالغة خلال الغزو الأميركي العراق 2003. ونهب لصوص الموقع الاثري على مدار عقود لكن معدلات السلب تسارعت بشدة بعد الغزو حيث استهدفت مئات المواقع الاثرية الاخرى في العراق ايضاً. أطلال المدينة التي كانت عظيمة ذات يوم، بعيدة كل البعد من التصور الشعبي عن بابل ببوابتها الذهبية الرائعة وحدائقها الغناء التي زرعها الملك نبوخذ نصر لزوجته. فجدرانها المصنوعة من الطوب الطفلي متهدمة كما فقد تمثال أسد بابل ملامح وجهه ونهبت القوى الأجنبية افضل ما في بابل منذ زمن بعيد. وبوابة عشتار موجودة في برلين منذ استولى علماء آثار ألمان عليها قبل الحرب العالمية الاولى على رغم نداءات بإعادتها. يذكر أن المتحف البريطاني أفاد في تقرير بأن المركبات العسكرية الاميركية والبولندية سحقت أرصفة عمرها 2600 عام، واستخدمت قواتها بقايا أثرية لملء أكياس الرمل، كما حفرت القوات خنادق لتخزين الغاز في جوار مسرح بابل، ودمرت جدراناً عندما هبطت بطائرات الهليكوبتر فوقها. وتزين جدارية، للملك نبوخذ نصر باللونين الازرق والذهبي ووجه قيل إنه يشبه وجه صدام، احد الجدران في بابل، بينما زينت صورة أسد مبهرج يشبه الشخصيات الكرتونية حائطاً آخر. نشر في العدد: 16750 ت.م: 12-02-2009 ص: الاخيرة ط: الرياض