وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قال خلال زيارته المنطقة في أيار مايو الماضي،"يتعين على أصدقائنا في الشرق الأوسط أن يتأكدوا من أن الحوار مع إيران لن يكون على حساب العلاقات الوثيقة بين الولاياتالمتحدة ودول المنطقة. هناك مخاوف مبالغ فيها لوجود صفقة بين الولاياتالمتحدةوإيران على حساب الدول العربية، لكن ذلك غير صحيح". لكن، على رغم تكرار النفي الأميركي على لسان غير مسؤول في الإدارة، فالتصرفات الأميركية لا تدعو الى الاطمئنان، وبات هاجس"الصفقة"يزداد عند أهل الخليج يوماً عن آخر، وهي صارت حاضرة بقوة بعد الموقف الأميركي من احتلال إيران حقل"الفكة"في العراق. فواشنطن، التي تعتبر حماية منابع النفط من الأطماع قضية حيوية بالنسبة الى الأمن الدولي، تعاملت مع احتلال إيران البئر العراقي باعتباره قضية داخلية، على رغم انها حركت أساطيلها لتحرير آبار النفط الكويتية من الاحتلال العراقي العام 1990، فضلاً عن أن الإدارة الأميركية صرفت بلايين الدولارات وفقدت عشرات الجنود لإسقاط نظام صدام حسين، ثم قدمت العراق هدية مجانية للنظام الإيراني، وهي تتصرف بغموض تجاه التمرّد الحوثي في اليمن الذي يعطي لطهران مزيداً من النفوذ، ويهدد أمن المنطقة برمتها. غموض الموقف الأميركي من التمرد الحوثي يمكن تفسيره بخشية واشنطن من خلط الأوراق، ونشوء تحالف بين المتمردين وتنظيم"القاعدة"، لكن سياسة مسايرة الأطماع الإيرانية في العراق قضية أخرى، فضلاً عن أن تزايد نفوذ إيران في العراق ليس وليد اليوم، فمنذ سقوط بغدادوإيران تتولى إدارة شؤون هذا البلد من الباطن، وجاء حادث بئر"الفكة"كتصريح من المحتل الراهن للمحتل القادم. فهل واشنطن في صدد معاودة الخطأ الذي ارتكبته مع نظام صدام حسين خلال الحرب العراقية - الإيرانية، أم أن ما جرى ويجرى هو جزء من تأهيل شرطي الخليج للقيام بدوره المرتقب؟ تأمّل بؤس الحال الذي وصلنا اليه، نلوم أميركا على التفريط في أرض عراقية، وكأن واشنطن عضو في الجامعة العربية، ونتجاهل ونصمت عن دور حكومة المالكي، التي تعاملت مع احتلال منطقة في ميسان العراقية باعتباره مجرد خلاف على"شوية فكة"لا تستحق الالتفات. نشر في العدد: 17062 ت.م: 21-12-2009 ص: 3 ط: الرياض