كشفت صحيفة"هآرتس"العبرية في عنوانها الرئيس أمس أن رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود اولمرت اقترح العام الماضي على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس"خريطة الحدود المستقبلية بين إسرائيل والدولة الفلسطينية العتيدة"التي تقوم على أساس"مقايضة أراضٍ". وقالت إن اولمرت لم يتلق رداً عليها ما أدى إلى وقف المفاوضات، فيما يؤكد الفلسطينيون إن الاقتراح جاء في الفترة التي اضطر فيها أولمرت إلى تقديم استقالته. وأشارت الصحيفة إلى أن اقتراح أولمرت الذي طرحه في 16 أيلول سبتمبر 2008، يقوم على ضم 6.3 في المئة من أراضي الضفة الغربيةوالقدس إلى إسرائيل، في مقابل منح الفلسطينيين أراضي بديلة من داخل الخط الأخضر غالبيتها صحراوية مقفرة تعادل 5.8 في المئة من مساحة الضفة. وجاء النشر الحصري للخريطة غداة المقابلة الحصرية التي أجرتها الصحيفة مع عباس، وكشف فيها اقتراحه لوزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك وقف الاستيطان في شكل تام لستة أشهر يتم خلالها استئناف المفاوضات والتوصل إلى اتفاق نهائي. واعتبر بعض المراقبين النشر المكثف من جانب الصحيفة عن ملف المفاوضات بين أولمرت وعباس رسالة غير مباشرة إلى الحكومة الإسرائيلية الحالية تقول إن عباس يوافق من حيث المبدأ على مقايضة الأراضي وعلى ملامح التسوية الدائمة التي تؤيدها أوساط إسرائيلية واسعة تشمل تياري الوسط واليسار. وكرست"هآرتس"افتتاحيتها أمس لهذا الموضوع. وتحت عنوان"عباس الآن"، دعت قطبي الحكومة بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع إيهود باراك، إلى عدم تفويت الفرصة والتجاوب مع اقتراح عباس"إذا أرادا فعلاً إنقاذ حل الدولتين للشعبين والحيلولة دون تحطم القيادة الفلسطينية الداعمة لهذا الحل". وحذرت من أن"إدامة الجمود السياسي واستقالة زعيم براغماتي مثل عباس"من الحلبة السياسية سيأتيان بأضرار للمصالح الإسرائيلية في المنطقة وفي الحلبة الدولية أفدح بكثير من ثمن التجميد المطلق للبناء في المستوطنات لستة شهور. وبحسب الصحيفة، اقترح أولمرت على الفلسطينيين أراضي بعض القرى التعاونية كيبوتسات وتجمعات سكنية يهودية محاذية لقطاع غزة وجزءاً كبيراً من المحمية الطبيعية في صحراء يهودا وأخرى من غور بيسان ومن جبال القدس في مقابل ضم إسرائيل إلى تخومها التكتلات الاستيطانية الكبرى غرب الضفة الغربية وفي محيط القدس. وقالت إن مجمل مساحة الأراضي من داخل الخط الأخضر المقترحة لقاء ضم المستوطنات الكبرى هو 327 كيلومتراً مربعاً. وأوضحت أن الاقتراح الإسرائيلي يعني بالأرقام ضم إسرائيل 6.3 في المئة من أراضي الضفة والقدس، حيث يقيم 75 في المئة من المستوطنين أي نحو 375 ألف مستوطن في مقابل إخلاء عشرات المستوطنات في غور الأردن وظهر الجبل ومنطقة الخليل. وفي المقابل، يحصل الفلسطينيون على أراض بديلة تساوي 5.8 في المئة من مساحة الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967، إضافة إلى"المعبر الآمن"بين الخليل وغزة فوق شارع يبقى تحت السيادة الإسرائيلية لكن من دون وجود إسرائيليين. ويتبين من الخريطة التي كُلف وضعها العقيد في الاحتياط داني تيريزا الذي كان المخطط الرئيس للجدار الفاصل الذي أقامته إسرائيل قبل سنوات داخل أراضي الضفة، أن الحدود العتيدة لإسرائيل بحسب أولمرت ستكون تقريباً حدود الجدار الفاصل الذي ادعت في حينه إسرائيل أنه جدار أمني، لكن يتضح اليوم أنها رسمت من خلاله الحدود الدائمة لها. وتابعت الصحيفة أن أولمرت رفض اقتراحاً بأن ينقل للفلسطينيين أراضي التلال شرق منطقة لخيش في الجنوب القريبة من غزة مقابل أراضي المستوطنات الكبرى بداعي بناء بلدات جديدة في هذه المنطقة لإسكان مستوطني القطاع الذين أخلوا العام 2005، كما رفض مقايضة الأراضي المعروفة ب"رمال حلوتسا"القريبة من جنوبغزة بأراضي مستوطنات الضفة، وفضل التخلي عن حقول القرى الزراعية وبعض التجمعات السكنية المحاذية للقطاع. ولفتت"هآرتس"إلى أن تطبيق خريطة أولمرت يعني إخلاء عشرات آلاف المستوطنين في المستوطنات النائية وتفكيك رموز للمشروع الاستيطاني اليهودي في الضفة مثل مستوطنات عوفرا وبيت إيل وألون موريه وكريات أربع والحي اليهودي في الخليل. وأضافت أن أولمرت تلقى تعهداً أميركياً شفوياً بتلقي إسرائيل مساعدات أميركية مالية كبيرة لإسكان المستوطنين الذين سيتم إخلاؤهم في الجليل والنقب، وهكذا تضمن إسرائيل غالبية يهودية في كل منهما، وفي الكتل الاستيطانية الكبرى التي سيتم ضمها رسمياً إلى إسرائيل. وعقب مكتب أولمرت مؤكداً أن الأخير عرض على عباس خريطة تم إعدادها بعد عشرات جلسات المحادثات التي أجراها الرجلان. وأضاف أن تسليم الخريطة لعباس اشتُرط بتوقيع اتفاق الحل الدائم والشامل كي لا تستخدم"نقطة بداية"في مفاوضات مستقبلية بين إسرائيل والفلسطينيين، لكن حين لم يرد عليها عباس رسمياً لم يتم تسليمها له رسمياً. وأضاف المكتب أن تفاصيل الخريطة المقترحة كما تنشرها الصحيفة ليست دقيقة تماماً. وأكدت"هآرتس"أن أولمرت اقترح على نتانياهو وزعماء أجانب التقاهم، أن تكون الخريطة التي اقترحها أساساً للمفاوضات مع الفلسطينيين. ودعا إلى مطالبة الفلسطينيين برد واضح على الخريطة التي اقترحها على عباس والانطلاق منها في مفاوضات الحل الدائم. لكن الصحيفة أضافت أن أولمرت لم يعرض الخريطة بالتفصيل على نتانياهو. واستبعد عضو"مجلس السلام والأمن"الإسرائيلي الذي وضع خريطة التسوية في"مبادرة جنيف"شاؤول أريئيلي أن يقبل الفلسطينيون مقترح أولمرت. وقال إن المساحة المقترحة لا تتعدى 3 إلى 4 في المئة من مساحة الضفة، أي نصف مساحة الأراضي المقامة عليها المستوطنات الكبرى التي تريد إسرائيل ضمها،"فضلاً عن أنها أراضي صحراوية مقفرة". وأضاف أن أولمرت ووزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني"لا يستوعبان أن المجتمع الدولي سيقبل في أقصى الحدود بتعديلات بسيطة على حدود العام 1967 وأن الهامش الأقصى للموافقة هو أن لا تتعدى مساحة الأراضي التي سيتم تبادلها 4 في المئة وبنسبة 1:1". نشر في العدد: 17059 ت.م: 18-12-2009 ص: 9 ط: الرياض