وجه لطالما أحبّه المشاهدون اللبنانيون وانتظروه في معظم المسلسلات التي لعبت بطولتها، ولكن على رغم ذلك ابتعد من الشاشة الصغيرة وغاب لأعوام طويلة قبل أن يعود اليوم ليطلّ عبر شاشة"أل بي سي"في مسلسل"عصر الحريم". إنّه وجه الممثلة اللبنانية ألسي فرنيني التي عادت في دور امرأة تدعى"أسمى"، وتقول:"اختارتني الكاتبة منى طايع للعب هذا الدور بعدما كانت حائرة بينه وبين دور"سلام"تجسده الممثلة هيام أبو شديد. وقد تأكّدت بعد حين أنّ دور أسمى يشبهني أكثر. إنّها شخصية الأم الحاضنة التي تهتم لبيتها وأولادها وتسكت عن جرحها للمحافظة على العائلة، كما انها نموذج للمرأة الناقمة على المجتمع الظالم، والتي ليس في يدها حيلة لمواجهته، فمنذ أيّام والدها حملت غصّة في قلبها بعدما اهتمّ بإخوتها الذكور مورثاً إيّاهم كلّ شيء، وحين تزوّجت اكتشفت أن زوجها يفكّر بمنطق والدها نفسه". في ما يتعلّق بالشبه القائم بين شخصيتها الحقيقية وشخصية"أسمى"، توضح فرنيني أنّ الشبه يكمن في الخيوط الخارجية والعريضة وليس في التفاصيل، وأوجه الشبه تتجلّى في هدوئها والتزامها وجدّيتها ومحافظتها على المبادئ التي تؤمن بها. لا بد من أن تكون أدوار كثيرة قد عُرِضَت على ألسي فرنيني طوال فترة غيابها، فلماذا رفضتها وقبلت بهذا الدور بالذات؟ تجيب:"لم أقتنع بأي دور عُرِض عليّ ولم أجد واحداً ملائماً لتكون عودتي من خلاله، أضف إلى أنّ الموازنات التي كانت تُخصَّص للممثل كانت متدنية جداً، وهذا يلعب دوراً أيضاً في قبول دور أو رفضه". وتتابع متسائلةً:"لماذا تكون المساومات دائماً على الممثل وحقّه، في حين أن الكثير من الأموال تذهب إلى أمور ثانوية لا ضرورة فعلية لها؟ يبدو أنّهم يريدون للممثل اللبناني ألاّ يرفع رأسه وأن يبقى قنوعاً بما يعطونه". ونسأل إلى مَن يعود ضمير الغائب"هم"ومَن يريد بالضبط أن يبقى مسيطراً على الممثل، فتقول:"يمكن أن تكون مثلاً شركات الإنتاج التي تريد أن تربح فوق حدود المعقول مستغلّة حقوق الممثلين الذين لا يجدون مَن يدافع عنهم، ولكن الآن بعد توقيع قانون التنظيم المهني استعدنا بعض الأمل". وبالعودة إلى دورها في"عصر الحريم"، وبعدما شاهدت الحلقات الثلاث الأولى، هل تعتبر أنّها قامت بالخيار الصحيح حين قررت العودة من خلال شخصية"أسمى"؟ تجيب بصراحة لافتة:"إنّ هذا الموضوع حسّاس لأنّ هذا الدور ليس الأفضل لعودتي، والكاتبة تعلم تماماً أنّني قادرة على أداء دور أقوى بحيث تكون عودتي أكثر زخماً"، ثمّ تضيف:"ولكنّ ذلك لا يعني أنّ الدور سيىء وإلاّ لما قبلته، فأنا أحبّ كتابة منى طايع وأقدّرها وأقتنع بها". أمّا عن بقية تفاصيل العمل من إنتاج وإخراج إلى ما هنالك من أمور تقنية، فيبدو لنا أنّ ألسي فرنيني ليست راضية تماماً عنها، لكنّها لا تؤكّد ذلك ولا تنفيه بل تكتفي بالقول إنّها تعتقد أنّ الممثل اللبناني مظلوم من ناحية الإنتاج المحلّي، أمّا على صعيد الإخراج فتحيي جهود إيلي حبيب الذي صوّر ثلاثين ساعة تلفزيونية بكاميرا واحدة وهو أمر تعتبره فائق الصعوبة. فهل كان يمكن المسلسل أن يكون أفضل ممّا هو عليه؟ تؤكّد أنّ الجميع يعلمون أنّ العمل كلّما أُعطِي حقّه أكثر سيكون أفضل إن على صعيد الإخراج أو حتّى على صعيد التمثيل،"لقد كنّا نعمل في ظروف شاقّة وأحياناً غير إنسانية حتّى، إذ نصل إلى موقع التصوير عند السابعة صباحاً ونستمر حتّى الثانية بعد منتصف الليل لنعود في صباح اليوم التالي"! بدأت ألسي فرنيني أخيراً أيضاً تصوير مسلسل جديد عنوانه"فارس الأحلام"من كتابة منى طايع وإخراج زوجها جورج شلهوب الذي يشارك فيه تمثيلياً كذلك، اضافة إلى رولا حمادة وطوني معلوف وبياريت القطريب. وقد صوّر منه 15 حلقة حتّى الآن من أصل ثلاثين. وتلعب فرنيني فيه دور"رويدا"، وهي"إنسانة مستقلة وقوية الشخصية، عملت بجهد واستطاعت تأسيس شركة لها". وتعتبر أن هذا الدور سيكون أقوى من دور"أسمى"وهي متحمّسة له وراضية عنه أكثر، ولكن على رغم ذلك لا تفضّل لو أنّ"فارس الأحلام"عُرِض قبل"عصر الحريم"علّ عودتها كانت ستكون أقوى، إذ تعتبر أنّ ذلك أفضل لأنّ الجمهور سيراها تنتقل من دور جيد إلى دور أفضل. وعن زوجها المخرج تقول إنّهما في موقع التصوير لا يتعاملان مع بعضهما بعضاً كزوجين بل كمخرج وممثلة، وتعتبره من المخرجين الدقيقين، إذ لا يكتفي بالاهتمام بالصورة وحركة الكاميرا فحسب، بل يركّز كثيراً على إدارة الممثل، وهذا أمرٌ شديد الأهمية لنجاح العمل كما تقول. وقد عُرِض عليها عمل جديد عنوانه"أشرقت الشمس"من كتابة منى طايع أيضاً ولكنّها لم توافق في شكلٍ نهائي بعد. بعد مسيرة طويلة في الفن، هل ترى أنّه أعطاها أو أخذ منها؟ وتسارع إلى القول إنّ الحياة تعطي ولا تأخذ،"أنا أفضّل أن أكون إيجابية دائماً وأؤمن بأنّ الله يعطي كلّ إنسان نصيبه، لذلك أشكره على كلّ ما يعطيني ولا أحزن على ما لم أنله لأنّه لن يكون لي". لكنّها لا تنفي أن يكون الفن، من بين بقية المجالات، هو الأكثر ظلماً، مبررة ذلك بأنّه الأكثر ظهوراً للعلن. وتوافق على أنّ الممثل يكون تارةً في الصدارة، وما إن يبتعد من الأنظار حتّى ينساه الناس، لكنّها لا تمتنع عن تحميله مسؤولية غيابه، وتعترف قائلة:"أنا أيضاً قد أكون قصّرت وتكاسلت طوال فترة غيابي عن الشاشة، إذ كنت أستطيع أن أقوم بكثير من الأمور لأعود قبل ذلك". ولكن مهما يكن من أمر، ومهما تكن ألسي فرنيني إيجابية لا يمكنها إنكار أن وضع الممثل في لبنان غير مستقر، ولا تخفي أنّها نصحت ابنها يورغو شلهوب أن يبتعد عن التمثيل"لكنّه لم يرتد وها هو اليوم يكتشف حقيقة ما نصحته به وأنّ توظيف المواهب الفنية في لبنان يذهب سدى". وفي الختام لا يمكن ألسي فرنيني إنهاء الحديث من دون الكلام عمّا يجري في فلسطين وفي غزّة تحديداً،"صرختي أوجهها إلى الجميع: أين السلام؟ وماذا ننتظر لتحقيقه؟ ألم نكتشف بعد أن الحرب لا تولّد إلاّ الحرب والعنف لا يعود إلاّ بالعنف؟ أرجوكم أن تضعوا حداً للقتل والدمار لأنّه لا يمكن إنساناً يملك ذرّة محبة في قلبه أن يتابع حياته في شكلٍ عادي وطبيعي في حين أنّ الأطفال يموتون بالمئات كلّ يوم". نشر في العدد: 16722 ت.م: 2009-01-15 ص: 32 ط: الرياض