سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدبابات الاسرائيلية حاولت مراراً التقدم تحت غطاء من القصف المركز جواً وبراً وبحراً ... وسقوط 29 شهيداً وعشرات الجرحى ... والمقاومة تطلق 20 صاروخاً . مواجهات ضارية تفشل خطة الاحتلال لمحاصرة مدينة غزة بين "فكي كماشة"
فشلت قوات الاحتلال الاسرائيلي مرات ومرات أمس وخلال الأيام الثلاثة الماضية في خنق مدينة غزة ووضعها بين"فكي كماشة"من خلال التقدم على عدد من المحاور تحت ستار كثيف من القصف الجوي والبري والبحري، وخصوصاً القصف المدفعي المركز. ويهدف القصف الى إبعاد المقاتلين الفلسطينيين عن محاور وخطوط التماس وتراجعهم الى قلب مدينة غزة، كي تتمكن الدبابات من التقدم لتحتل مساحات اضافية من الأرض. وخلال ليل الأحد - الأثنين ونهار أمس، اليوم السابع عشر للعدوان على القطاع، حاولت قوات الاحتلال التقدم من الجهة الشمالية الغربية والجنوبية الغربية، والشرقية للمدينة ومخيم جباليا للاجئين، كما حاولت تحقيق اختراق من محور جديد، من حي الزيتون الذي تخضع الأجزاء الجنوبية والشرقية والغربية منه للاحتلال المباشر. وتقدمت الدبابات على طريق صلاح الدين الرئيسة متجهة شمالاً في قلب حي الزيتون والأجزاء الشمالية منه، ووصلت حتى سوق السيارات في منطقة غير مأهولة بالسكان قسم منها أرض زراعية، وقسم آخر يضم ورشاً ومعامل صناعية صغيرة. كما وصلت أثناء ساعات الليل الى مشارف حي تل الهوا الذي يعتبر المدخل الجنوبي الغربي لبداية الكثافة السكانية للمدينة. ومن الجهة الشمالية الغربية تقدمت القوات الى محور التوام السودانية على بعد كيلومتر واحد تقريباً من أحياء النصر والشيخ رضوان في الوسط، وحي المقوسي ومخيم الشاطئ في الغرب. لكن فصائل المقاومة كانت لقوات الاحتلال بالمرصاد، وخاضت معها اشتباكات عنيفة استخدمت خلالها قذائف متنوعة، من بينها قذائف"ار بي جي"وعبوات ناسفة ومضادات أرضية للطائرات المروحية، التي قالت"كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة"حماس"، أنها أصابت عدداً منها خلال الأيام الماضية. وبعد معارك ضارية في كل هذه المناطق تراجعت قوات الاحتلال الى المناطق التي احتلتها في الساعات الأولى للعملية البرية في الثالث من الشهر الجاري، وهي النصف الشمالي من بلدة بيت لاهيا، وجبلي الكاشف والريس شرق مخيم جباليا ومدينة غزة على التوالي، وشرق وجنوب وغرب حي الزيتون جنوبالمدينة. وقالت"كتائب القسام"إنها تمكنت من أسر جندي اسرائيلي بعد ظهر أمس، لكنه قتل في غارة شنتها قوات الاحتلال على المجموعة التي أسرته، ونفى الجيش الاسرائيلي الحادثة لكنه اعترف بإصابة أربعة من جنوده في الاشتباكات، وفي عمليات قنص من قبل مقاتلين فلسطينيين. ولوحظ أمس تراجع في عدد الغارات الجوية الاسرائيلية، وكذلك في عدد الصواريخ التي أطلقتها المقاومة على بلدات ومدن اسرائيلية وسقط نحو عشرين منها داخل اسرائيل. لكن لوحظ أن قوات الاحتلال كثفت عدوانها على مدينة رفح أقصى جنوب القطاع بعيداً عن عدسات التلفزة التي لا تتمكن من الوصول الى المدينة، نظراً لقطع قوات الاحتلال الطريقين الطوليتين الوحيدتين في القطاع: الساحلية وصلاح الدين، بعدما احتلت الطريق العرضية الرابطة بين معبر المنطار"كارني"شرق مدينة غزة، ومستوطنة"نتساريم"وشاطئ البحر غربها. ويبدو أن قوات الاحتلال تهدف عبر القصف المركز على طول الشريط الحدوي الفاصل بين القطاع والأراضي المصرية بدعوى وجود أنفاق، الى السيطرة على محور صلاح الدين الذي تسميه اسرائيل"محور فيلادلفي"للتفاوض عليه في الأيام المقبلة في طريق التوصل الى حل. كما كثفت عدوانها على بلدة خزاغة شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع، وتقدمت قواتها واحتلت مساحات من الأرض، ثم تراجعت عنها بعد مواجهات شرسة مع المقاتلين الفلسطينيين. في هذه الأثناء، بقيت مظاهر الحياة كافة مشلولة في محافظتي غزة وشمال غزة التي تضم بلدات جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون ومخيم جباليا للاجئين، ولم يخرج المواطنون من منازلهم، حتى أثناء ساعات التهدئة المعلنة من قبل قوات الاحتلال من العاشرة صباحاً وحتى الواحدة من بعد ظهر أمس. لكن مظاهر الشلل كانت أقل في محافظات وسط وجنوب القطاع الثلاث، التي خرج فيها المواطنون الى مزاولة بعض أعمالهم والتزود بالمؤن تحسباً لاجتياح شامل للمحافظات الخمس في القطاع. وواصلت طائرات الاحتلال النفاثة من طراز"اف 16"، والمروحيات المقاتلة من نوع"اباتشي"، والاستطلاع من دون طيّار تحليقها على مدار ساعات الليل والنهار في سماء القطاع، وقصف منازل المواطنين وممتلكاتهم، ما أسفر عن سقوط 29 فلسطينياً شهداء اضافة الى عشرات الجرحى. وقال شهود ان الدبابات الاسرائيلية المتمركزة شرق جباليا قصفت أحد الأبراج في بلدة بيت لاهيا بقذيفتي مدفعية، ثم عادت وقصفته في أعقاب وصول سيارات الاسعاف وطواقم الدفاع المدني، ما أدى الى سقوط طفلة في الخامسة من عمرها، ومسعف، ورفع عدد الشهداء من رجال الاسعاف والأطباء الى 13. وسبق استشهاد الطفلة والمسعف سقوط تسعة مواطنين فلسطينيين آخرين. واستهدفت غارة ميدان فلسطين المعروف باسم"الساحة"وسط مدينة غزة، فسقط شهيدان واصيب عدد آخر. وارتفع بذلك عدد الشهداء الفلسطينيين الى 917 شهيدا، ثلثهم تقريباً من شمال القطاع، واكثر من 4100 جريح، من بينهم 400 في حال خطرة. واستشهد طفلان وامرأتان، في قصف وغارات استهدفت حي الزيتون، ومخيم جباليا، وبلدة بيت حانون شمال القطاع. وقالت مصادر طبية إن جثماني شهيدين، وصلا إلى مستشفى كمال عدوان شمال القطاع. وفي وقت سابق أعلنت مصادر طبية أن طفلاً من عائلة دلول استشهد بعد نقله من مستشفى القدس الى مستشفى الشفاء، نظراً لخطورة حالته، اثر اصابته في القصف الليلي على حي الزيتون. كما اسفر القصف على الحي ذاته عن استشهاد سيدة صباحاً. وقالت مصادر طبية إن مواطنة من عائلة المدهون، ومواطناً آخر لم تعرف هويته من جباليا استشهدا، ومواطناً من عائلة الشمباري من بيت حانون توفي متأثراً بجروحه. وقصفت قوات الاحتلال منزل الشهيد فادي العامودي من كتائب الأقصى - مجموعات أيمن جودة، ومنزلاً لعائلة المصري في بيت لاهيا، وجمعية السلامة للجرحى والمعاقين بالقرب من الشيخ زايد، ومنطقة أخرى في محيط حي الجرن، ما أسفر عن وقوع عدد من الإصابات. كما قصفت دبابات الاحتلال منزلاً في شارع النزهة ببلدة جباليا، وتعرضت عشرة منازل للحرق بقذائف الفوسفور في جباليا، ومحور صلاح الدين على حدود مدينة رفح مع مصر. وانسحبت قوات الاحتلال ظهر أمس من بلدة خزاعة شرق خان يونس بعد مقاومة ضارية. وخلفت قوات الاحتلال وراءها دماراً كبيراً في الأراضي الزراعية والمنازل السكنية. وأشارت مصادر فلسطينية إلى أن جرافات الاحتلال جرفت نحو 30 منزلاً، وعشرات الدونمات من الأراضي الزراعية. وقالت المصادر إن قوات الاحتلال حاولت التقدم في عمق البلدة، إلا انها جوبهت بمقاومة كبيرة، ودارت اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال. وقصفت قوات الاحتلال منازل المواطنين بقذائف الفسفور الأبيض، ما أدى إلى استشهاد مواطنة وإصابة نحو 90 آخرين، واستشهاد أحد مقاتلي كتائب القسام. وقالت"كتائب القسام"إنها"نصبت كميناً لقوة راجلة مكونة من 20 جندياً شرق جباليا واشتبكت معها وفجرت بها عبوة ناسفة، وأوقعت بها اصابات". كذلك أعلنت أنها استهدفت بعبوة ناسفة"قوة صهيونية خاصة تقدمت في محيط مسجد عليين جنوب حي الزيتون، وأكد مجاهدونا وقوع إصابات عدة في صفوف هذه القوة". كما أعلنت"سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة"الجهاد الإسلامي في فلسطين"، مسؤوليتها مساء أمس عن"استهداف آلية صهيونية متوغلة جنوب حي الزيتون وقنص جندي صهيوني وإصابته بمقتل في المكان ذاته". وقالت إنها قصفت تجمعاً لاليات الاحتلال في بيارة الريس جنوب حي الزيتون بثماني قذائف هاون. وقالت"كتائب المقاومة الوطنية"، الذراع العسكرية ل"الجبهة الديموقراطية"إنها فجرت عبوة ناسفة في دبابة اسرائيلية جنوب بلدة بيت لاهيا. وأضافت انها قنصت جنديا شمال غربي حي الزيتون. وأعلنت"كتائب الشهيد أبو علي مصطفى"الذراع العسكرية ل"الجبهة الشعبية"أنها أطلقت صاروخين على بلدة"سديروت"و"عسقلان"، وثالثاً على منطقة"ايرز". وسقط صاروخ"غراد"في مدينة"عسقلان"أصاب منزلا سكنيا، إلا أنه لم يسفر عن وقوع إصابات بسبب توجه سكان المنزل الى الملجأ لدى سماعهم صفارات الإنذار. كما سقط صاروخان في منطقة تابعة للمجلس الإقليمي"مرحافيم"شرق القطاع من دون أن يوقعا إصابات. وسقط صاروخ"غراد"في منطقة مفتوحة في"كريات غات"شمال شرقي القطاع من دون وقوع أضرار أو إصابات وفقا لمصادر إسرائيلية. الى ذلك، أكد قيادي في حركة"حماس"أن الحملة العسكرية الإسرائيلية والمحرقة فشلت في تحقيق أهدافها وأن"حماس"لن تتنازل عن أي من حقوق الشعب الفلسطيني تحت القصف والدمار. وقال القيادي في الحركة إسماعيل رضوان في تصريح صحافي أمس إن"استمرار المحرقة الثانية التي استهدفت الآلاف من الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء المدنيين وأماكن اللجوء والمدارس والجامعات والمؤسسات الخيرية وكل ما هو فلسطيني، هدفه كسر ارادة الشعب الفلسطيني وفرض شروط إسرائيلية على الشعب الفلسطيني". وأضاف رضوان أنه"وبعد أن فشلت في تحقيق أهدافها فإن ما لم تعطه"حماس"تحت الحصار لن تعطه تحت القصف والدمار والمحارق". وشدد على انه"لا يمكن الحديث عن أي تهدئة قبل الوقف الفوري للعدوان الشامل ضد الشعب الفلسطيني وانسحاب كامل للعدو الصهيوني من قطاع غزة، وإنهاء الحصار، وفتح المعابر في شكل كامل ودائم، وفي مقدمها معبر رفح"البري الذي يربط القطاع بالعالم الخارجي عبر مصر. وقال:"لن نقبل بتهدئة دائمة تصادر حقنا في المقاومة، فحينما وجد الاحتلال وجدت المقاومة، فالقضية ليست انسانية، فهناك احتلال ويجب ان يزول". وطالب"بتقديم قادة الاحتلال إلى محكمة جرائم الحرب الدولية على ما ارتكبوه من جرائم ومحارق ضد الشعب الفلسطيني". وجدد رضوان"التمسك بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة". وقال: إن"تصاعد إطلاق صواريخ المقاومة وصمود وثبات الشعب الفلسطيني واستبسال المقاومة دليل واضح على فشل الحملة العسكرية والمحرقة الثانية من تحقيق أهدافها، ما دفع الاحتلال إلى التخبط السياسي والميداني". من جهتها، دعت رئاسة المجلس التشريعي البرلمانات والرؤساء العرب والمسلمين للوقوف موقفاً موحداً لنصرة الشعب الفلسطيني ونبذ الفرقة جانباً احتراما لدماء الأبرياء في فلسطين، خصوصاً النساء والأطفال. وأعرب رئيس المجلس التشريعي بالإنابة الدكتور أحمد بحر في بيان أمس عن ترحيبه"بموقف الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، وكذلك الأشقاء في موريتانيا والأردن في استدعاء السفراء". وقال:"لن نقبل بأي حلول لا تضمن وقف العدوان وسحب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة ورفعاً كاملاً للحصار عن القطاع". نشر في العدد: 16720 ت.م: 13-01-2009 ص: 10 ط: الرياض