رحب الرئيس جورج بوش بتسليم القوات الاميركية الملف الامني الى السلطات العراقية في محافظة الانبار 110 كلم غرب بغداد باحتفال رسمي حضره كبار المسؤولين من الحكومة المركزية وقادة مجالس الصحوة وممثلون عن القوات الاميركية وسط اجراءات امنية مشددة وفرض حظر للتجول في عموم المحافظة، في ظل تحذير من"مخططات تدفع لتكون الانبار ارض صراع سياسي او طائفي". ونقلت وكالة"فرانس برس"عن بوش في بيان"اليوم لم تعد الانبار في ايدي القاعدة. فالقاعدة هي التي خسرت الانبار". واضاف"تم نقل الانبار واعادتها الى الشعب العراقي. وهذا الانجاز تحقق بفضل شجاعة قواتنا وقوات الامن العراقية والعشائر الشجاعة وغيرهم من مدنيي الانبار الذين عملوا معهم". وتابع ان"القوات العراقية ستتولى القيادة الآن في العمليات الامنية في الانبار في الوقت الذي ستنتقل فيه القوات الاميركية للعب دور المشرف". واضاف ان"القاعدة والجماعات الخاصة المدعومة من ايران لا تزال تشكل تهديدا، الا ان الولاياتالمتحدة والدول التي تشارك في القوات المتعددة الجنسية تواصل الوقوف الى جانب العراقيين اثناء عملهم على هزيمة هؤلاء الاعداء وبناء ديموقراطية في قلب الشرق الاوسط". والانبار هي المحافظة الحادية عشرة التي تتسلم الحكومة ملفها الامني من القوات الاجنبية، وكانت المعقل الاول لتنظيم"القاعدة"في العراق الذي تخلصت منه قبل نحو عامين، لكنها لم تتخلص بعد من الصراع السياسي المحتدم بين عشائرها واحزابها فيما يدور الحديث الآن حول مستقبل قوات"الصحوة"ودورها في الفترة القادمة. واعتبر الجنرال لويد اوستن، نائب قائد القوات الأميركية في العراق، نقل السلطات الأمنية في الانبار"انجازاً آخر للعراق الديموقراطي وهذا ما تؤكده قدرات القوات العراقية". وتابع"انني متأكد من اننا عبر العمل سوية سنمنع القاعدة وكل المتمردين من العودة الى محافظة الانبار على رغم ان القاعدة لم تهزم بشكل كلي بعد". من جهته، قال الضابط الرفيع المستوى في الانبار مارتن بوست ان"الحوادث اذا وقعت في الانبار فستكون جزءا من الحياة الطبيعية ... فاستخبارات الشرطة العراقية افضل من معلوماتنا، كما ان قدراتها للقيام بعمليات تبقى افضل من قدراتنا". وقال اللفتنانت كولونيل كريس هيوز، المتحدث باسم مشاة البحرية الاميركية في غرب العراق، ان احتفال التسليم كان رمزياً بدرجة كبيرة لان القوات العراقية تعمل بشكل مستقل منذ شهور عدة، فيما قال الميجر جنرال جون كيلي، قائد القوات الاميركية في الانبار:"نحن الان في المرحلة الاخيرة من هذه المعركة الرهيبة. تحقيق الهدف أصبح قريبا جدا. حياتكم وحياة اطفالكم تعتمد على النصر". واعتبر بيان عسكري اميركي ان نقل السلطات الى العراقيين"خطوة مهمة لكنها لا تعني بالضرورة ان الاوضاع الامنية مستقرة او باتت افضل انما تعني ان الحكومة والسلطات المحلية جاهزتان لتحمل المسؤولية لمعالجة ذلك". يشار الى ان القوات الاميركية ستتمركز في قواعدها ولن تتدخل في اي عملية امنية الا اذا طلبت منها سلطات المحافظة ذلك. وجرى خلال احتفال التسليم، الذي تخلله استعراض عسكري للقوات العراقية, التوقيع على مذكرة نقل السيادة من القوات الاميركية الى السلطات العراقية. جهود العشائر وقال مستشار الامن الوطني موفق الربيعي في كلمة له بالمناسبة ان تسلم الملف الامني في الانبار"لم يكن ليتحقق لولا جهود رجال العشائر بالمحافظة، وتحديدا الشيخ عبدالستار ابو ريشة، في مقاتلة تنظيم القاعدة". وأضاف"كلما حصلنا على تدريب وتجهيز اكثر، كلما كانت حاجتنا الى قوات التحالف اقل"، مشيرا الى ان"القوات العراقية مناسبة اكثر لاداء مهمتها". وتابع ان"محافظة الانبار التي كانت من اكثر المناطق سخونة تحتفل اليوم بتسلم الملف الامني من القوات الاميركية". واضاف"ان الانبار تعتبر واحدة من افضل محافظاتالعراق امنا واستقرارا"، ولفت الى انه"يمكن للقوات العراقية ان تتسلم خلال العام الحالي الملف الامني في محافظات اخرى اذا تمكنت من علاج بعض الثغرات الامنية فيها". من جهته، قال رئيس مجلس المحافظة عبدالسلام العاني ان الانبار"وصلت الى وضع امني تستحق فيه ان تقطف ثمار ثمن التضحية بعد ان قدمت الشهداء"وحذر من"مخططات تريد ان تدفع لتكون الانبار ارض صراع سياسي او طائفي، لكننا لن نسمح بذلك". وشكر العاني القوات الاميركية"التي ساعدت في الوصول الى هذا اليوم". بدوره، قال محافظ الانبار مأمون سامي رشيد"هذا عرس لابناء قواتنا بحيث تصادف اليوم الاول من رمضان مع تسلم الملف الامني من القوات المتعددة الجنسية الصديقة". واضاف"يأتي هذا اليوم بعد تضحيات ودماء شهداء ووقفة رجال ابطال من شيوخ عشائرنا وعلمائنا الافاضل الذين اخلصوا للعراق والعالم". ولفت الى ان"القاعدة ارتكبت في هذه المحافظة اكبر المجازر، انهم مجرمون وقتلة سقطوا اجتماعيا وسياسيا ... نظريتهم الموت ضد الحياة". ودعا قوات الامن الى"المساهمة في دحر الارهاب والتكفير ... سقط رجال كبار في المحافظة، في مقدمهم الشيخ عبدالستار ابو ريشة"في اشارة الى زعيم اول مجلس لقوات الصحوة في العراق قتله تنظيم"القاعدة"في ايلول سبتمبر 2007. بقاء الأميركيين في الأنبار الى ذلك اوضح قائد شرطة الانبار اللواء طارق يوسف ل"الحياة"ان"تسلم الملف الامني لا يعني خروج القوات الاميركية من المحافظة، وشدد على ان قوات الشرطة وصلت الى مستوى جيد وهي قادرة على حفظ الامن في كل مناطق المحافظة"واضاف"لن نطلب مساعدة القوات الاميركية" معتبرا الانبار"اكثر محافظات البلاد امناً". من جهة أخرى، انتقد زعيم مجلس صحوة الانبار الشيخ احمد ابو ريشة الحكومة العراقية لإعدادها قوائم مطلوبين من عناصر الصحوة تقول انهم كانوا من ضباط الجيش السابق واعضاء في حزب البعث المنحل. وقال"استبشرنا خيرا بمشروع المصالحة الوطنية، لكننا فوجئنا بان الحكومة اعدت قوائم لصرف ضباط الجيش السابق والاجهزة الامنية الاعضاء في حزب البعث المنحل من دون الاخذ في الاعتبار مواقفهم البطولية وتضحياتهم خلال تصديهم للتكفيريين". ولفت ابو ريشة الى ان هؤلاء"كان لهم الدور الكبير في مقاتلة الارهابيين وتنظيم القاعدة وتحرير محافظة الانبار"وطالب الحكومة ب"اعادة تقويم هؤلاء الضباط على اساس مواقفهم الوطنية بين العامين 2006 و2008، ولم تتلطخ اياديهم بدماء العراقيين الابرياء، وليس قبل ذلك". ولفت رئيس مجلس انقاذ الانبار الجناح العسكري لمجلس الصحوة الشيخ حميد الهايس في تصريح الى"الحياة"الى ان"عناصر الصحوة سيقومون خلال الفترة القادمة بمساندة عمل الاجهزة الامنية وجمع المعلومات الاستخبارية عن الارهابيين"نافياً وجود خطة حالياً لتطويع عناصر الصحوات في صفوف القوات العراقية"، واضاف"ان اولوياتنا في المرحلة المقبلة هي العمل على التغيير السياسي الشامل في الانبار عن طرق انتخابات مجالس المحافظات التي سندخلها بكل قوة". اتهامات متبادلة وكانت الانبار بعد اجتياح العراق وسقوط النظام السابق عام 2003، احدى اهم معاقل"القاعدة"والمنظمات المتطرفة التي تدور في فلكها. وتراجعت حدة العنف بشكل كبير العام منذ نهاية 2006. والانبار اول محافظة سنية والحادية عشرة من اصل 18 محافظة تتسلمها القوات العراقية. وكان من المفترض تسليم المسؤولية الامنية في المحافظة الى العراقيين في حزيران يونيو الماضي، لكن تقرر تأجيل ذلك بسبب"العواصف الترابية"كما اعلنت السلطات الرسمية، لكن الاعتقاد السائد ان الخلافات والصراعات السياسية بين مجالس الصحوة والحزب الاسلامي، الذي يتزعمه نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الذي يسيطر على الادارة المحلية والمؤسسات في الانبار، كانت السبب الرئيسي وراء ذلك التأجيل. واتهم امين سر مؤتمر صحوة العراق الشيخ مؤيد الحميشي الحزب الاسلامي ب"انشاء مجالس صحوة تابعة له في مناطق متفرقة من العراق لتشويه سمعة الصحوة والنيل مما حققته من انجازات خلال مسيرتها في مواجهة الارهاب والتصدي له". من جهته نفى القيادي في الحزب الاسلامي اياد السامرائي ان يكون للحزب اي توجهات تهدف الى تشويه سمعة الصحوة، وقال ان هذه الاتهامات"تصدر عن أشخاص بدأوا يدخلون العملية السياسية لكنهم لا يتمتعون بالتقاليد السياسية، وهم يعتقدون أن ممارسة السياسة تعني ممارسة توجيه الاتهامات الى الغير". الى ذلك، تبدأ القوات الأميركية الشهر المقبل تسليم الحكومة العراقية مهمة الاشراف على مجالس الصحوة، وقال الكولونيل الاميركي جيفري كولماير، الذي سيشرف على عملية النقل، إن الحكومة العراقية ستتولى دفع رواتب 54 ألف عضو من وحدات مجالس الصحوة، مضيفاً انه"بموجب الخطة الاميركية والعراقية سيتم توفير وظائف مدنية للذين لن ينضموا الى قوات الامن العراقية". ولفت كولماير الى إن المسؤولين الاميركيين كانوا يأملون بتسليم جميع وحدات مجالس الصحوة بحلول حزيران 2009 لكن الحكومة العراقية تريد الآن تولي هذه المهمات بأسرع وقت ممكن".