تغص لندن بالسياح في فصل الصيف، فتمتزج في شوارعها الأعراق والألوان، وتتداخل اللكنات وتتنوع اللغات. زوار من كل حدب وصوب أتوا الى مدينة الضباب للمشاركة في النشاطات الفنية والثقافية والترفيهية. يقصد محبو الفنون والثقافة، المتاحف والمعارض والمسارح وهي كثيرة في لندن والدخول إليها مجاني خلافاً لكل الدول الأوروبية، والباحثون عن المتعة يقصدون المقاهي والحانات والأسواق والمحال التجارية. أما الباحثون عن المرح والتسلية فيذهبون إلى نهر ال"تايمز"حيث الفرح والسعادة والألوان الزاهية. المهرجون المنتشرون على ضفاف النهر بكل حيلهم وألاعيبهم وقدراتهم الفنية، يستثمرون الصيف لإظهار مواهبهم وقدراتهم العجيبة على تقمص شخصيات تاريخية معروفة. يعرف المهرجون أية شخصية يقلدون، ويختارون عادة شخصيات تجمع بين المرح والفكاهة كشخصية الكوميدي شارلي شابلن بشاربه المميز وقبعته السوداء وعصاه وحركة قدميه اللافتة. يعرف المهرجون كيف يجذبون الجمهور الى أعمالهم، ويحاولون في كل مرة أن يقدموا للمشاهدين شخصيات جديدة، وكثيراً ما يرتجلون حركات تجعل الجمهور سعيداً خصوصاً الأطفال الذين يضعون في قبعات المهرجين مع نهاية العرض بعض القطع المعدنية. يتميز المهرجون على ضفتي نهر التايمز، بملابسهم الغريبة وحركاتهم التي تثير الضحك والمكياج الذي يطلون به وجوههم، ويتقمص بعضهم شخصية حيوان أو حشرة كبيرة مثلاً كحرباء تقود دراجة هوائية. ويستخدمون إضافة إلى الألوان، آلات موسيقية تصدر أحياناً اصواتاً مضحكة وأحياناًَ اصواتاً غريبة تجعل الأطفال يجفلون لوهلة سرعان ما يفيقون منها ضاحكين. إلى جوار الحرباء التي تقود دراجتها الهوائية الثابتة يقف تمثال قاتم يدل على قائد سياسي بارع. التمثال الذي تقف على رأسه حمامة، تحرك فجأة وأخاف جميع الواقفين إلى جواره بعد أن ظنوا انه تمثال حقيقي. حتى الحمامة التي بقيت واقفة فوق رأسه لم تفكر مطلقاً بطبيعته الحية. يمتلك هذا المهرج قدرة فائقة على الوقوف بثبات لوقت طويل من دون أن يتحرك أي شيء فيه على الإطلاق. هذه الحركة السريعة منه جذبت كثيرين من المارة مع عدد كبير من الأطفال الذين ظلوا ينظرون إليه بريبة عن بعد. لقد ظل الرجل المعتم ثابتاً لا يتحرك فترة طويلة أجبرت الجميع على التصفيق له ووضع النقود في قبعة وضعت تحت قدميه. على ضفتي النهر تقمصت مهرجات شخصيات ملكات بريطانيات بملابسهن الذهبية وقبعاتهن من العصر الفيكتوري. الزوار اليابانيون من بين كل الزائرين تجمعوا حول المهرجة الملكة والتقطوا معها صوراً كثيرة شعرت معها أنها ملكة حقيقية، ولكن ما إن ذهب اليابانيون حتى عادت إلى خمولها الملكي بانتظار يابانيين جدداً يوقظون فيها شعور الملكات الحقيقيات.