تسمر ملايين من المشاهدين أمام شاشة التلفزيون لمتابعة الحلقة الاخيرة من مسلسل "نور" التركي الدرامي. واستقطب المسلسل أكبر نسبة من المشاهدين العرب في تاريخ البث التلفزيوني العربي. ونقل الى اللهجة العربية السورية. وهو ثالث مسلسل تركي ينقل الى العربية، ويبث على شاشة الپ"أم بي سي". ويبدو أن ملامح الممثلين الاتراك قريبة من ملامح عرب حوض البحر المتوسط. وفي الاعوام الماضية، نظر العرب الى تركيا العلمانية والموالية للغرب بعين الريبة، ولم يسعوا الى التقرب من الدولة الجارة المسلمة. ولكن مسلسل"نور"غيّر نظرة العرب الى تركيا، وأثار فضولهم. فقصد عدد كبير منهم، وخصوصاً من السعوديين، تركيا هذا العام لتمضية عطلة الصيف. والحق أن اقبال العرب على مسلسل"نور"، وولعهم به، هو ظاهرة ثقافية - اجتماعية. فهذا الإقبال هو مرآة خيبة النساء العربيات في المجتمعات المحافظة، وتوقهن الى الانفتاح والرومانسية. ويعرض المسلسل قصة حب رجل لزوجته، المرأة العاملة، على رغم أن زواجهما مدبر. ويجمع"نور"بين القيم العائلية السائدة في المجتمعات العربية الى موضوعات محظورة فيه، مثل الجنس قبل الزواج والاجهاض. وتقول هانية بساط، وهي سيدة لبنانية تتابع"نور"وتحرص على عدم تفويت أي مشهد من حلقاته:"ما يحملنا على التعلق بهذا المسلسل هو أنه يعرض قصة أشخاص شرقيين يحيون حياة غربية". ولم ينظر علماء الدين في الدول الخليجية بعين الرضا الى اقبال مواطنيهم على هذا المسلسل. وأصدر بعض المفتين فتوى تحظر مشاهدته. ويقبل الاهالي في الشرق الاوسط، وفي العالم العربي، على اطلاق اسم بطلي المسلسل على مواليدهم الجدد. فتسمى الاناث نور، ويسمى الذكور مهند. ويدور الكلام على اقدام نساء على الانفصال عن أزواجهم لافتقارهم الى رومانسية مهند. ويقول منتج تلفزيوني:"المخيف في الامر أن الناس يخلطون الواقع بالخيال، ويثيرون ضجة كبيرة بسبب معاملة زوج زوجته معاملة حسنة. وهذا دليل على تردي حال مجتمعاتنا العربية". وبحسب خبر نشره موقع"ام بي سي"، أقدم رجل على الانفصال عن زوجته اثر قولها أنها اتصلت بالممثل مهند، وأنها تنوي الالتقاء به. وتلوح بلدان عربية بفرض غرامة على من يلصق صور نور ومهند على زجاج سيارته. وللمرة الاولى في تاريخه، يرى المجتمع العربي ممثلين يشبهون أبناءه، وممثلات تشبهن بناته. ويتكلم هؤلاء العربية. ومن اليسير التماهي بهؤلاء الابطال والبطلات غير الشبيهات بباريس هيلتون. ويروي المسلسل قصة حب كبيرة بين ممثل هلع الطلة وامرأة جميلة. وهذا البطل يعبر عن مشاعر حبه لحبيبته"من دون تردد أو حرج"، على ما يقول علي جابر، عميد كلية محمد بن رائد للاعلام في دبي. ويرى مازن حايك، مدير قسم التسويق في مجموعة"أم بي سي"ان المسلسلات التركية هي أول مسلسلات تنقل الى العربية السورية المحكية، وأن اللغة المحكية هذه أسهمت في رواج المسلسلات التركية أكثر من رواج المسلسلات المكسيكية المنقولة الى اللغة الفصحى. ويقول حايك:"ومن المحتمل أن تكون العربية المحكية وراء خلط المشاهدين بين الواقع والخيال، وحسبانهم أن نور هي قصة امرأة تعيش في عالم الواقع. وتحتذي نساء كثر على نور، ويستوحين طريقة عيشها". ولن تكتفي محطة"أم بي سي"بعرض مسلسل"نور". فهي اشترت عشرات المسلسلات التركية، وتنوي عرضها في القريب العاجل. وتبحث المحطة مشروع انتاج مسلسلات درامية والاستعانة بممثلين أتراك. وينوي عدد من المحطات التلفزيونية المنافسة شراء حقوق عرض المسلسلات التركية. عن رولا خلف،"فايننشل تايمز"البريطانية، 30/8/2008