أبدى نواب عراقيون مخاوفهم من توتر الأوضاع في مدينة كركوك الغنية بالنفط على خلفية زيارة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني إليها وتجديده التهديد بضمها الى الاقليم تنفيذاً لقرار أصدره قبل أسابيع المجلس المحلي للمدينة الذي يسيطر عليه الأكراد. وكان بارزاني وصل أمس إلى كركوك حيث التقى عدداً من المسؤولين فيها، ودعا خلال مؤتمر صحافي عقده في حضور ممثلي مكونات المدينة"الى حوار مفتوح في ما بينهم للتوصل إلى حلول توافقية تنهي الخلاف القائم على تحديد هوية كركوك". وقال بارزاني، الذي رافقه في الزيارة نائبه كوسرت رسول،"إن من يدعي بأن المادة 140 من الدستور العراقي ماتت، يحرض على الفتنة"، مشيراً الى أنها"ستبقى حية، وهي مادة دستورية". وأضاف:"جئنا إلى كركوك نحمل رسالة السلام والمحبة والاخوة معنا، ونشكر أهالي كركوك للتظاهرة الكبيرة التي نظموها، ونريد أن نستغل هذه الفرصة ونجتمع مع كل الجهات والأطياف في كركوك للوصول الى حل مناسب لقضيتها". وتابع:"عندما نؤكد أن كركوك مدينة كردستانية، فهذا لا يعني أنها ليست عراقية. نؤكد أن كركوك عراقية كبقية المدن العراقية". وأشار الى أن مسودة دستور اقليم كردستان تقر حقوق كل الأطياف من العرب والتركمان والكلدوآشوريين والمسيحيين". وشدد رئيس الاقليم على ضرورة معالجة المسائل بالحوار الديموقراطي، قائلاً:"لا نعادي من يخالفنا فكرياً وايديولوجياً، ونؤمن بالحوار الديموقراطي والاخوي". وأشار إلى أنه ما زال هناك من يحاول زرع الفتنة بين أطياف كركوك، لكننا نريد أن نجعل منها نموذجاً للتعايش الاخوي والقومي والديني. وجدد بارزاني تهديده الضمني بضم مدينة كركوك، بالقول:"إذا لم يجر التوصل الى حل توافقي حول مسألة كركوك، فحينها يصبح من حق مجلس محافظة كركوك أن يطلب انضمام المدينة الى اقليم كردستان". من جهته، أكد النائب أسامة النجيفي عن"القائمة العراقية"أن"زيارة رئيس اقليم كردستان الى محافظة كركوك في هذا الوقت ستثير كثيراً من المشاكل". وقال ل"الحياة"إن"الهدف من زيارة بارزاني إلى كركوك، هو الضغط على مجلس المحافظة هناك الى جانب ممثلي مكوناتها لضم المدينة الى اقليم كردستان". وأشار الى أن"كركوك اليوم لا ترتبط عملياً بحكومة الاقليم بأي علاقات دستورية، بل تتبع الحكومة المركزية إلى حين حسم مصيرها". وزاد أن"هذه الزيارة، فضلاً عن أنها ستزيد من حدة التوتر والصراع بين مكونات المدينة، ستدخل الحكومة العراقية في حرج كبير، وخصوصاً أن غالبية القوى الأمنية هناك بما فيها اجهزة الأمن والاستخبارات والجيش من أصول كردية". وتابع:"كان من الأجدى ببارزاني أن يعمل جاهداً للتخفيف من حدة هذه الأزمة، وليس تأجيجها، وأن ينتظر قرارات مجلس النواب في خصوص قانون الانتخابات". وتأتي زيارة بارزاني في خضم أزمة سياسية سببها قانون انتخابات مجالس المحافظات الذي أُقر في 22 تموز يوليو الماضي ورفضه الأكراد بسبب المادة 24 الخاصة بتقسيم السلطة في كركوك بين مكوناتها الرئيسية، فيما أيده العرب والتركمان الذين اعتبروا المادة 24 من القانون منصفة في حقهم. وتنص الفقرة 24 من قانون انتخاب مجالس المحافظات، والتي تناولت الوضع في محافظة كركوك، على تأجيل الانتخابات في المحافظة لفترة ستة شهور، مع ضرورة أن تكون القرارات في مجلس محافظة كركوك خلال مدة التأجيل بالتوافق بين المكونات الثلاث الرئيسية"عرب وأكراد وتركمان"، على أن يتقاسموا السلطة بينهم بنسبة 32 في المئة لكل مكون. وستمنح نسبة أربعة في المئة الى المسيحيين، فضلاً عن نقل الملف الأمني في المدينة إلى وحدات عسكرية مستقدمة من جنوبالعراق ووسطه بدلاً من الوحدات العسكرية العاملة حالياً، ومعظمها من الأكراد. وقال النائب التركماني فاروق عبد الله ل"الحياة"إن"التركمان يحتاجون إلى ضمانات سياسية ودستورية وقانونية لضمان عدم سلبهم حقوقهم مستقبلاً"، وأوضح أن"مجيء بارزاني الى كركوك في هذا الوقت سيخلق حالاً من الاستفزاز والتشنج بين كيانات المدينة". وأضاف أن"الشارع في كركوك سيعيش حالاً من عدم الاستقرار والأمان، ما يترتب عليه ارباكات كبيرة في مجمل العملية السياسية". وزاد أن"الحزبين الكرديين لم ينجحا في كسب ثقة مواطني كركوك، وبالتالي لا توجد ثقة في كل ما تطرحه عناصر هذين الحزبين ازاء إنهاء الخلاف الدائر".