التطرف موجود في الإسلام والمسيحية كما هو موجود في اليهودية على حد سواء، بعض الأئمة والواعظين يؤججون نار الفتنة، لا مفر من تحابي المسلمين والمسيحيين إذا ما أردنا العيش في سلام. هذه هي الأفكار الرئيسية المتناولة في الفيلم المصري"حسن ومرقص"والتي عبر عنها من خلال شخصين، مسيحي ومسلم، مضطهدين من متطرفي كل دين. فواعظ الدين المسيحي بولس عادل إمام يهاجم في كلماته في الكنيسة دائماً المتطرفين المسيحيين، ما يخلق له أعداء لا يتوانون عن قتله في محاولة لتفجير سيارته لكنه ينجو منها. أما محمود عمر الشريف فرجل متدين مسالم لديه أخ متطرف وأمير لإحدى الجماعات المتطرفة، عندما يموت الأخ يطلب منه أفراد الجماعة أن يحل محله لكنه يرفض، فلا يكون منهم إلا أن أحرقوا محل العطارة الخاص به وتتهدد حياته أيضاً. حرصاً على حياتهما يقوم مدير الأمن عزت أبو عوف بتغيير هويتهما، فيصبح بولس حسن العطار المسلم، فيما أصبح محمود مرقص المسيحي. تنتج من هذه التغيرات مفارقات كوميدية غير محشورة في نسيج العمل، خصوصاً عندما يذهب بولس للإقامة في قرية في محافظة المنياجنوبالقاهرة ويتضح أن اسمه متشابه مع اسم واعظ ديني له شعبية وتأثير كبيران حتى أن أهل القرية يطلبون منه إعطاء دروس دينية في الجامع. تستمر رحلة هروب حسن ومرقص الى ان يتقابلا في شقتين متجاورتين من دون أن يعلما حقيقة بعضهما البعض إلا بعد مرور أحداث كثيرة نمت خلالها قصة حب كبيرة بين مريم ابنة مرقص المسلمة في الأصل وعماد ابن حسن وهو مسيحي في الأصل أيضاً، لكنها أحبته لأنها مسلمة مثله كما كانت تعتقد، وهو فعل الشيء نفسه لأنها مسيحية مثله، كما كان يعتقد. وعند اللحظة التي يعترفان فيها لبعضهما البعض بالحقيقة تنهار العلاقة القوية بين الأسرتين. هنا كان يمكن لهذا المشهد أن يكون كبيراً ومهماً ولكن المؤلف يوسف معاطي والمخرج رامي فوّتا الفرصة مكتفيين بأن تكون المواجهة بين حسن ومرقص حال اكتشاف الأمر مشهداً بارداً. عندما تقوم إحدى الفتن العنيفة بين شبان مسيحيين ومسلمين نتيجة الكلمات المهاجمة للدين المسيحي في الجامع من قبل شيخه وقس الكنيسة تجاه الدين الإسلامي، ينقذ حسن أسرة مرقص من النار وينقذ مرقص أسرة حسن من الإصابة والموت ويعودان أحباء مرة أخرى، متصافحين، في دلالة على أهمية الوحدة الوطنية لينتهي الفيلم وتكون مشاهده الأخيرة في حال من المبالغة الكبيرة سواء في عدد الشباب الذين خرجوا للاحتكاك بالسكاكين والعصي أو في مسيرة حسن ومرقص وأسرتيهما وسط دائرة العنف هذه وإصابة كل منهما تأكيداً على أن الفتنة لا تفرق ما بين مسيحي ومسلم. قبل هذه المشاهد مباشرة يقول مرقص لحسن"حنروح على فين يا شيخ حسن؟"فيجيبه"الظاهر إن قدرنا واحد". يرتفع مستوى الإخراج لدى رامي إمام في هذا الفيلم ويحسب له اختياره لأماكن التصوير خصوصاً في الإسكندرية. كذلك يقدم الممثل محمد إمام أداءً سلساً وطبيعياً ويظهر قدرات أكثر مما أظهرها في"عمارة يعقوبيان"وبالطبع لا غبار هنا على أداء كل من عادل أمام وعمر الشريف، وكذلك لبلبة وهناء الشوربجي. شدد الفيلم على جزء كبير من حقيقة الخلاف بين المسيحيين والمسلمين في مصر، لكنه لجأ كثيراً إلى الغلظة في التعبير عنها وتخلى عن أي معادل شاعري في عرضها.