أعلن رئيس البرلمان الأوروبي هانس غيرت بوترينغ، أن"البرلمان سيقوم بكل ما في امكانه لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط"، معلقاً"أهمية كبيرة على مستقبل لبنان والمنطقة". وأكد"ضرورة جذب سورية إلى داخل وصلب عملية السلام بطريقة واقعية وحساسة أكثر". موقف بوترينغ جاء خلال زيارة يقوم بها للبنان حيث عقد لقاءات مع رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة، ومع وزير الخارجية فوزي صلوخ. واستهل المسؤول الأوروبي لقاءاته باجتماع مع سليمان الذي أطلعه على رؤيته لمسيرة السلام في الشرق الأوسط وتفاصيل الوضع في لبنان. وقال بوترينغ بعد اللقاء الذي عقد في بعبدا، إنه عبّر لسليمان عن"التزام الاتحاد الأوروبي دعم مسيرة السلام، وتأكيد الحرص على سيادة لبنان وإقامة دولة فلسطينية مستقلة إضافة إلى إقامة افضل العلاقات بين لبنان وسورية". وأضاف:"وجدت من المناسب أن أكون في لبنان في هذا الوقت بالذات، وسأنتقل من هنا إلى سورية حيث سألتقي الرئيس السوري بشار الأسد وعدداً من المسؤولين السوريين"، واصفاً زيارته لبنان وسورية ب"المهمة جداً في هذا الوقت بالذات بصفتي رئيساً للبرلمان الأوروبي ورئيس البرلمانيين الأورو- متوسطيين". وأعلن أن"البرلمان الأوروبي سيؤدي دوره كاملاً في إحياء عملية السلام في المنطقة، كما سنعمل جاهدين مع وزراء المال الأوروبيين من أجل تأمين الدعم المالي المطلوب لمنطقة الشرق الأوسط حيثما تدعو الحاجة، وباستطاعتنا اقتصادياً ومادياً أن ندعم عملية السلام". وقال بوترينغ بعد لقائه السنيورة في السراي:"يسرني كثيراً أن الفرصة سنحت لي للقاء الرئيس السنيورة مجدداً، وهو لديه الدعم الكامل من البرلمان الأوروبي للوصول إلى لبنان ذي سيادة كاملة، ونحن نصر على دور البرلمان وملتزمون عملية السلام في الشرق والتعامل بكل الوسائل للوصول بلبنان كدولة تتمتع بسيادتها بأنظمة مختلفة من الثقافات والديانات أيضاً، وعندها ينجح لبنان بأن يكون مثالاً لكل المنطقة". وأضاف:"نود أيضاً أن نصل إلى دولة إسرائيل ودولة فلسطين آمنتين"، معلناً"أننا سنعقد جمعية استثنائية في الأردن للتعامل في عملية السلام". وأوضح أنه بحث مع السنيورة في"كل المسائل العالقة والخطوات الضرورية للوصول إلى السلام"، معتبراً أن"من الضروري أن نجذب سورية إلى داخل وصلب عملية السلام بطريقة واقعية وحساسة أكثر، ونأمل بأن تقوم سورية بخطوات لتعزيز عملية السلام، إذاً من هذا المنظور هناك دعم منّا لسياسة الرئيس الأسد للوصول إلى هذا النوع من السياسات". في ساحة النجمة ودعا بوترينغ بعد لقائه بري في ساحة النجمة إلى"الإفادة من التجربة الأوروبية في دعم الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط وتحقيق لبنان المستقل والمستقر في هذه المنطقة". وأوضح أنه سيطلع خلال زيارته اليوم الى الجنوب على"الأوضاع على الأرض لتكون الصورة أوضح وسأعود إلى أوروبا بتلك التجربة التي اكون اكتسبتها خلال زيارتي إلى جنوبلبنان، فإذا كانت هناك بعد ذلك حاجة الى لقاءات أخرى تؤيد تحقيق السلام وتدفعها الى الأمام فسيكون ذلك هو طموحنا السياسي وعلى كل حال لا بد من ان نكون شجعاناً ولا نخاف". وأقام بري على شرف ضيفه مأدبة غداء تكريمية حاشدة، في حضور السنيورة، الرئيسين سليم الحص ورشيد الصلح، رئيس"تكتل التغيير والإصلاح"النائب ميشال عون، وعدد من الوزراء وحشد من النواب ورؤساء البعثات لدول الاتحاد الأوروبي وقائد"يونيفيل"الجنرال كلاوديو غراتسيانو. وألقى بري كلمة رحب فيها ببوترينغ وقال مخاطباً إياه:"إننا في لبنان نتطلع إلى زيارتكم بأمل كبير لأنكم تمثلون إحدى أهم مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وكذلك انطلاقاً من تجربتكم البرلمانية الشخصية ومن اهتمامكم البالغ بحوار الحضارات والثقافات المتعددة لأننا في لبنان ندعي ونزعم أننا نمثل نموذج القرية الكونية التي تتحاور على مساحتها الحضارات والأديان والمذاهب وجميع تعبيرات الأفكار الفلسفية والسياسية، ولأننا نعتقد ان لبنان يمثل نافذة الشرق على الغرب، وواجهة مستقبلية وحتمية للبلدان العربية، ومن دعمكم لتأسيس الجامعة الأوروبية - المتوسطية التي أعلنا في لبنان تأييدنا لقيامها". وشكر بري للبرلمان الأوروبي"الاهتمام المتواصل بلبنان خلال كل مراحل أزمته السياسية، وصولاً الى قرار برلمانكم تأييد اتفاق الدوحة بنسبة 520 صوتاً في مقابل ستة أصوات". وقال:"أود بصفة خاصة أن أشكر دائماً دعمكم بلدنا خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان صيف عام 2006 وتأييدكم منذ الأيام الأولى للحرب دعوتنا إجراء تبادل الأسرى والمعتقلين، تلك المفاوضات التي تمت في ما بعد الأثمان الباهظة للحرب والكلفة البشرية والمادية المترتبة عليها والتي تطرح سؤالاً على المستوى السياسي الإسرائيلي ورئيسه اولمرت: لماذا اتخذت قرار الحرب طالما قبلت التفاوض وقبلت بشروط المقاومة لتحرير الأسرى والمعتقلين في ما بعد؟". وأضاف بري:"خلال الحرب أثبتنا في لبنان عجز القوة الإسرائيلية عن تحقيق أي هدف. في كل ذلك كانت أوروبا تنحاز الى مطلبنا بالدعوة الى وقف فوري للنار. اليوم، بعد مضي عامين على تلك الحرب، لم تعلن إسرائيل حتى الآن وقفاً شاملاً للنار، بل وقفاً للعمليات الحربية، وهي تستمر يومياً في انتهاك المجال الجوي اللبناني وكذلك المياه الإقليمية اللبنانية". وتابع:"انتصر لبنان بالنتيجة في تلك الحرب وتحطمت قدرة الردع الإسرائيلية وصدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي تنتشر بموجبه قوات يونفيل في منطقة جنوب الليطاني، والتي تشكل الوحدات الأوروبية عمودها الفقري". وخاطب بري نظيره قائلاً:"ستزورون الجنوب وسترون وستسمعون وستلمسون ان لبنان على المستوى الرسمي والحزبي ومن دون أي تحفظ يقوم بالوفاء بالتزاماته تجاه القرار 1701، وان اللبنانيين في منطقة القرار الدولي جنوب الليطاني ووحدات الجيش اللبناني المنتشرة هناك، يقيمون أفضل العلاقات مع"يونيفيل"، لذلك فإننا نرفض الحديث الدائم عن حركة مسحورة للسلاح لأن جنوبلبنان يعيش، في واقع الأمر، في أعراس دائمة لا يعكرها سوى حركة السلاح الإسرائيلي في أجوائه ومياهه وعلى حدوده". وأوضح أن"المقاومة في لبنان وكذلك في فلسطين هي نتيجة للاحتلال وليست سبباً له وللعدوانية الإسرائيلية وليست سبباً لها، وهي موضوع فخر واعتزاز وتقدير شعوبنا". وأشار بري إلى أن"لبنان اختار الديموقراطية التوافقية صيغة سياسية لنظامه، وهي صياغة مماثلة معتمدة في دول أوروبية"، داعياً إلى"دعم المساعي اللبنانية المخلصة الإصلاحية لتطوير النظام وتحديثه، والى تطوير آليات الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة، ومنع المساعي لتهميش الديموقراطية في لبنان، ودعم عمل أجهزة الرقابة وتعزيزها لمكافحة الفساد والرشوة والهدر". وألقى المسؤول الأوروبي كلمة أشار فيها إلى أن زيارته لبنان كان يفترض أن تتم العام الماضي"لكن بسبب الأوضاع المأسوية التي شهدها بلدكم والتي انعكست أعمال عنف مروعة وأدت الى شل مؤسسات الدولة، طلب مني أن أرجئها وكما يقول المثل الفرنسي:"بعد سقوط المطر تسطع الشمس"، وبالتالي، من دواعي السرور فعلاً أن أكون بينكم اليوم في بيروت في وقت يعتبر لبنان، ويمكن ان أقول بكل تفاؤل منطقة الشرق الأوسط نقطة تحول نحو طريق الاستقرار والى حد ما الى تطبيع العلاقات، وبالفعل فإن الرياح تهب في الاتجاه الصحيح، وعلينا ان نفيد منها". وأشار الى لقائه الرئيسين سليمان والسنيورة، معتبراً ان"أمام الحكومة تحديات كبيرة كما تبين ذلك في البيان الوزاري الذي من المنتظر ان يناقشه مجلس النواب، إلا أن الإرادة لدى الحكومة للتصدي وتجاوز هذه العقبات والتحديات هي مثيرة للإعجاب فعلاً، وهذا هو الانطباع الذي ساورني عندما التقيت عدداً من الوزراء". وقال:"نتطلع الى المزيد من الحوار والتفاعل مع نظرائنا اللبنانيين، لا سيما في إطار سياسة الجوار". وتابع:"الدول المجاورة في الشرق الأوسط بدأت تتحدث في ما بينها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة سواء كان ذلك بين لبنان وسورية أو لبنان وإسرائيل أو سورية وإسرائيل. ونحن كأوروبيين نشجع هذه المساعي والجهود المبذولة، ونحن، بطبيعة الحال مستعدون، للمشاركة كوسطاء صادقين كلما شعرنا بأن ذلك أمر ملائم". وقال:"إن التسوية السلمية الشاملة هي في مصلحة الجميع في المنطقة وخارج المنطقة، وقد يكون خطأ فادحاً أن نتصور انه يمكن دولة ان تقوم بمفردها، فالمواجهة والعنف لا فائدة منهما، بينما التفاهم المشترك والتعاون وبناء الثقة والمصالحة كل ذلك هو الحل"، معرباً عن اعتقاده بأن"للبنان دوراً مهماً في هذا المجال وهو يؤمن إيماناً راسخاً بأن الجسور بين البرلمانيين، وبالتالي بين الشعوب التي يمثلها هؤلاء البرلمانيون هي قيمة مضافة أساسية تضاف الى أعمال الديبلوماسية التقليدية ومزاياها".