اقترب موعد امتحان مادة"الريادة الدرامية"السنوي وبعده وضع الدرجات وتوزيع الشهادات على المشاركين، ليخرج الفائز منتصراً على البقية، ويستعد الخاسرون لتوزيع الاتهامات وبدء لعبة"كرة الطاولة"لتبادل إلقاء لوم الفشل وفقدان المنصب الريادي. أبرز المتنافسين هم الدراما المصرية، والسورية، والخليجية، والمدبلجة. وعلى رغم حداثة هذا الامتحان، إلا أنه جاء ليكون بمثابة إيقاظ للدراما المصرية التي ظن القائمون عليها أن اللقب بات مؤمماً. كانت اليقظة الأولى على يد الدراما الخليجية التي خرجت فجأة ومن دون سابق إنذار لتعلن ان المنافسة، قد تأتي من حيث لا يتوقع أحد. وعلى رغم إن الدراما الخليجية نجحت هذا العام في دخول حلبة المنافسة الرمضانية مبكراً، وذلك من خلال تقارب عدد المسلسلات الخليجية الرمضانية وقرينتيها السورية والمصرية، إلا أن العبرة في الامتحان بالفحوى. وعموماً، فإن الهزة الفعلية جاءت محملة بكل مقومات النجاح والانتشار من سورية التي أثبتت خلال السنوات القليلة الماضية إنها قادرة ومتمكنة مما تقوم به درامياً، وذلك على رغم كل ما يقال عن المشكلات التي تواجه الدراما السورية داخلياً من تمويل، ودعم، وفقر المناخ المساعد لازدهار مثل هذه الصناعة. الماراثون الدرامي لهذا العام بدأ كما هي العادة بكم مذهل من التصريحات والتكهنات حول"فرقعة"هذا المسلسل أو تفرد ذاك. هذه التصريحات مصحوبة - بحسب الوصفة المضمونة ? بصور وتسريب أخبار وربما إشاعات حول الأبطال الرمضانيين، وأجورهم، والصراع في ما بينهم في الكواليس، وسواها من الأخبار والنميمة التي من شأنها أن تفتح شهية المشاهد الذي سيجد نفسه بعد أيام قليلة في"حيص بيص". فحالة عدم الاتزان التلفزيوني التي عادة تصيب محبي التلفزيون في رمضان من جراء المحاولات اللاهثة لمشاهدة أكبر كم ممكن من اللقطات الدرامية في بدايات الشهر الكريم ستكون مضاعفة هذا العام، وذلك في ظل التزايد الكبير في الأعداد المطروحة. على صعيد آخر، بدأت الدراما أخيراً تأخذ منحى وطنياً، في ظل بزوغ ظاهرة الدراما السورية والخليجية وأحياناً المدبلجة، إذ يتعامل بعضهم مع مسألة المشاهدة وكأنها تحتوي على عنصر وطني، فكيف يترك المصري مسلسلات بلده ليتوجه إلى مسلسل سوري، وهو يعلم ان الأخير يهدد الأول في عرشه. وكيف يجرؤ المشاهد الخليجي على تخصيص ساعات المشاهدة لمسلسل سوري أو مصري على رغم كل الجهود المبذولة خليجياً، وهكذا. المثير هو انتقال مثل هذه المنافسة التلفزيونية الرمضانية إلى حلبات أخرى. ولعل البرامج الدينية والمسابقات من أبرزها. وهذان المجالان يتميزان بسمة متفردة، ألا وهي عدم خضوع فحوى ما يقدمانه لمسألة اللهجات والبيئات، فالهم الديني هنا هو نفسه المطروح هناك، وسؤال المعلومات العامة أو حتى الفنية لن يختلف في لبنان كثيراً عنه في الكويت أو في ليبيا، وهو ما يوسع دائرة التنافس على عقل المشاهد وسيطرته على الريموت كونترول. ويبقى السؤال حول إمكان تخطي حدود القطرية العربية والنعرات الوطنية درامياً من خلال مسلسل واحد يجمع ممثلي الدول العربية من المحيط إلى الخليج في نسيج واحد بعيد من التاريخ حتى يضمن نسب مشاهدة عالية، علّ الدراما تفلح في ما أخفقت فيه السياسة والاقتصاد.