قبضة الخليج تبحث عن زعامة القارة الآسيوية    6 فرق تتنافس على لقب بطل «نهائي الرياض»    ناتشو: كنا على ثقة أننا سنفوز على النصر    القبض على (4) مخالفين في عسير لتهريبهم (80) كجم "قات"    وفد طلابي من جامعة الملك خالد يزور جمعية الأمل للإعاقة السمعية    أمير المنطقة الشرقية يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    بمشاركة 25 دولة و 500 حرفي.. افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض غدا    مدرب الفيحاء يشتكي من حكم مباراة الأهلي    استقالة مارتينو مدرب إنتر ميامي بعد توديع تصفيات الدوري الأمريكي    بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي    أمانة الشرقية تقيم ملتقى تعزيز الامتثال والشراكة بين القطاع الحكومي والخاص    رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    دوري روشن: التعادل الايجابي يحسم مواجهة الشباب والاخدود    الهلال يفقد خدمات مالكوم امام الخليج    المملكة توزع 530 قسيمة شرائية في عدة مناطق بجمهورية لبنان    اعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم    منتدى المحتوى المحلي يختتم أعمال اليوم الثاني بتوقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج    «الصحة الفلسطينية» : جميع مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    انطلاق مهرجان الحنيذ الأول بمحايل عسير الجمعة القادم    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    الملافظ سعد والسعادة كرم    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    ترمب المنتصر الكبير    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    فعل لا رد فعل    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المكسيك استضافت المؤتمر العالمي ال17 عن وباء فيروس "اتش أي في" وقريته الكونية . الإيدز "يحبط" اللقاح والأدوية والمراهم والآمال معقودة على الختان ... للوقاية
نشر في الحياة يوم 26 - 08 - 2008

لعل أكثر جلسات "المؤتمر العالمي السابع عشر للايدز"، استقطاباً لآلاف المشاركين فيه كانت اثنتين، الجلسة التي استضافت الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون وتلك التي خُصّصت للبحث في ختان الرجال الذي اعتُبِر انه يفتح سبيلاً آخر في الوقاية بنسبة 60 في المئة من انتقال عدوى"فيروس نقص المناعة البشري"Human Immune Deficiency Virus ويُعرف باسمه المختصر"اتش آي في"HIV الذي يؤدي الى الإصابة بمرض"متلازمة نقص المناعة المكتسب"Acquired Immune Deficiency Syndrome واختصاراً"ايدز"AIDS.
خلاف حول الختان
داخل قاعات منشآت رياضية وثقافية ضخمة في مدينة"مكسيكو سيتي"، وضع نحو 22 ألف مشارك في المؤتمر الذي انطلق قبل عقدين وينعقد كل سنتين نجاحاتهم وفشلهم في مكافحة هذا الوباء القاتل، على شاشات الكترونية وعلى الآلاف الأقراص المدمجة ومئات الآلاف من لفافات الورق الأبيض وفوق منابر تكلم من خلالها خطباء من شتى الدول. وناقشوا أفكاراً جديدة، قد ترضي البعض وقد يستنكرها البعض الآخر، لكنها في النهاية خلاصة آلاف البحوث عن فيروس أصاب في العام الماضي مليونين و700 ألف شخص، أي بمعدل 7400 شخص في اليوم، ويبلغ عدد مُصابيه راهناً 33 مليون شخص.
ومن المقلق أن الإصابة بالفيروس تفتح الباب مجدداً أمام أمراض سارية مثل السلّ ساد الظن طويلاً بأنها تحت السيطرة. وتُقدر"منظمة الصحة العالمية"أن السلّ سبب رئيسي في وفاة المتعايشين مع فيروس"أتش آي في"، وأنه يتسبب في ثلث وفيات الايدز.
وعرض المدير التنفيذي لمنظمة"ايدز أليانس"البريطانية التي تدعم المبادرات الاجتماعية ضد الايدز في الدول النامية ألفارو برميجو صورة لذكرين خضع أحدهما للختان. وأوضح أنه يخاطب مجتمعات ليس الختان من مكونات ممارستها الاجتماعية مثل أوروبا وأميركا، إضافة إلى عدد من الدول الأفريقية التي بدا ان الحملة لتنشيط الختان تستهدفها.
بدا الحضور العربي على ضآلته الأكثر اطمئناناً، نظراً الى انتشار هذا النوع من الحماية في بلاده. وكذلك لأن"التقرير العالمي عن وضع الايدز في الشرق الأوسط وشمال افريقيا"يشير إلى تعاطي المخدرات من طريق الابر كسبّب رئيسي في نشر الوباء في تلك المنطقة، وأن انتشاره فيها من طريق الاتصال الجنسي غير المأمون أقل من المعدل العالمي.
وفي المقابل، حذر باحثون من الاعتماد على الختان للحماية الكاملة من الايدز. ورأوا أن التركيز على الختان ربما بعث رسالة مشوشة إلى الرجال المختونين بالتخلي عن الواقي الذكري. وأثارت الباحثة الاجتماعية كارين سميث مشكلة تعميم الختان على الرجال من غير المسلمين أو اليهود في المجتمعات المختلطة، حتى لا يفسر على انه سلب لحرية المعتقد.
وربما تجسدت"الرسالة المشوشة"في قدرة المنظمات الاهلية التي تدافع عن"حقوق"فئات مثل المثليين وممتهني الجنس، على ايصال صوتها بقوة في هذا المؤتمر العالمي. وأشار عدد من المحاضرين إلى أن تجاهل تلك الفئات في الحملات الوقائية ونكرانهما كمرضى كان سبباً في مواصلة انتشار الوباء.
وتمثّل حب هؤلاء الناشطين للحياة بحضور كثير منهم ممن يحملون الفيروس، بعضهم على نفقته الخاصة وجلّهم على نفقة منظمات أهلية عالمية. وفي"القرية الكونية"التي رافقت المؤتمر، رقصوا وغنوا وتظاهروا وصرخوا وناقشوا بأعلى أصواتهم. وأدوا عروضاً جريئة للفت الانتباه إلى مأساتهم.
وواجه المؤتمر تحدياً كبيراً تمثّل بالاعلان عن فشل البحوث المتعلقة باللقاح ضد فيروس الپ"اتش أي في"قبل سنة من انعقاد المؤتمر، وفشل البحث عن مراهم للنساء تبيد الميكروبات microbicides وكان يؤمل بأن تمنع انتقال العدوى المنقولة بالاتصال الجنسي. وفي المقابل، أعلن رئيس المنظمة العالمية للايدز المموّل الأساسي للمؤتمر الدكتور بيدرو كاهن أن الفشل"لا يشكل عذراً للتخلي عن جهودنا في مكافحة انتشار الفيروس". والمعلوم انه مقابل كل شخصين مصابين بالفيروس ويتناولان الادوية المضادة للفيروسات هناك خمسة اشخاص يلتقطون الفيروس.
لماذا يُرحّل المهاجرون؟
في قاعات مركز الإعلام، ارتفعت صرخات كثيرة من مدافعين عن حقوق الإنسان وممثلي منظمات طبية. انتقدت سفيرة منظمة"أوكسفام"آن لونيكس"الأموال الطائلة التي تصرف على التسلح وعلى الصعود إلى المريخ، فيما تُتجاهل أوضاع نساء وأطفال مصابين بالاوبئة". ورفعت صورة طفلة صغيرة تحتضر في افريقيا قائلة انها تشعر بالغثيان من رد فعل العالم تجاه أمثال هذه الطفلة"ويجب ألا نسكت أبداً". وأثارت منظمة"أطباء من أجل حقوق الإنسان"مشكلة النقص الحاد في الكوادر الطبية لمعالجة المصابين بالايدز. وذكرت المنظمة ان أثيوبيا تضم 2000 طبيب يعالجون 77 مليون نسمة.
وذكّر الطبيب الأميركي اريك فريدمان بأنه عندما ظهر الوباء قبل نحو 25 سنة وانتشر في سان فرانسيسكو بين الذين يتعاطون المخدرات بالابر، دُرّبت طواقم طبية واستُنفِرت لمواجهة الوضع... في وقت لا يجري التركيز على هذا الامر في الدول المحتاجة.
وأخذت ناشطة افريقية على الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون والمنظمات التي تهتم بالقارة السمراء أنهم لا يعملون على تقوية القدرات الذاتية لهذه الدول، بل يبقونها رهن مساعداتهم وبرامجهم الخاصة. وصرخت:"لا يريدون ان يعرفونا على حقيقتنا. هذا أنا التي اجلس إلى هذه الطاولة انتم لا تعرفونني".
وأثارت منظمة"هيومن رايتس ووتش"أوضاع المهاجرين الذين يلتقطون عدوى الفيروس في الغرب، ثم يرحّلون إلى بلدانهم التي بدورها تمارس الاضطهاد بحقهم.
وأشارت إلى مهاجرين رُحّلوا من الولايات المتحدة إلى جامايكا بسبب إصابتهم بالفيروس، وبعضهم ترك بلده صغيراً وما عاد ينتمي اليه، ما يضعهم أمام المجهول.
التمييز والوصمة كانا هاجس المؤتمرين لحماية المتعايشين مع الفيروس. وأظهرت دراسات ان المصابين بالفيروس ويعرفون الأمر باتوا يلتزمون حماية الآخرين من مرضهم، ولكنهم يحتاجون إلى حماية من التمييز ضدّهم. وذكرت رئيسة محكمة التمييز العليا في جنوب افريقيا أدوان كاميرون"ان التشدد في القوانين التي تعاقب ناقلي الفيروس أدّت إلى زيادة الوصمة بحق هؤلاء المتعايشين مع الفيروس، كما شكلت حاجزاً أمام من يريد ان يخضع للفحص أو لتناول العلاج".
وأظهرت"القرية الكونية"قوة المنظمات الأهلية التنظيمية ما جعل صوتها أكثر علوّاً من الهيئات العلمية والطبية في المؤتمر.
وعلّقت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان الدكتورة ثريا عبيد على ذلك بتمنيها لو أن"للعرب مثل هذه القوة في دفاعهم عن قضاياهم الشائكة لكانوا نالوا حقوقهم منذ زمن".
ولا تعتقد عبيد أن المؤتمر، الذي تُشكل منظمات الأمم المتحدة عموده الفقري، فشل في تقليص الإصابة بفيروس"اتش آي في"، أو انه يشجع الدول على تشريع محرمات. ونوّهت بجرأة الأمين العام في التوجه إلى المؤسسات الدينية لتحمل مسؤوليتها"يعني انه كان يناديها إلى لعب دور قيادي مع احترام المساحة التي يمكن ان تعمل في ظلها إلى جانب الحكومات". وتتوقّف ملياً أمام زيادة الفقر عالمياً نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغذاء، ملاحِظة أن ذلك يؤثّر في برامج مكافحة وباء الايدز، كما يؤثر سلباً في الخدمات الصحية والتعليمية. وتقول:"كأن الزمن يعيد نفسه منذ خمسينات القرن الماضي... كنا نقول ان تنمية المجتمعات تتطلب معالجة ثلاثة أمراض هي الفقر والجهل والمرض ولا نزال اليوم نطرح الأمراض نفسها على عيادة العالم من اجل الشفاء وإلا سترافقنا الأمراض إلى ما لا نهاية".
"المزج"هو مفتاح الحلول الذي توصل اليه المؤتمر في ختام جلساته، مع ملاحظة أن الايدز واقع وسيبقى ولن يختفي قريباً.
وتحدث الدكتور خوليو مونتانير رئيس"المنظمة العالمية للايدز"التي غطت تكاليف المؤتمر التي بلغت 25 مليون دولار اميركي، ملاحظاً"ان المطلوب مزج الاستراتيجيات الوقائية وتفصيلها من جديد لخفض انتشار الوباء، ومزج العلاج المضاد للفيروسات من اجل خفض نسبة الوفيات بين المصابين، ومزج الاستراتيجيات لتحسين فحوص الايدز ومزج الاستراتيجيات لخفض الفقر والتمييز عالمياً".
وأوضح أن المطلوب ممارسة المزيد من الضغوط على قادة الدول الصناعية الكبرى الثمانية للإيفاء بالتزاماتهم في تأمين الحماية والعلاج والعناية بحلول عام 2010، محذراً من أن"الفشل يعني ارتكاب جريمة بحق الإنسانية جمعاء".
مصابون بين عار الوصمة وجرأة الجهر
يعتقد كثيرون انهم معصومون عن التقاط فيروس"اتش آي في"، ويُسارع بعضهم إلى إطلاق الأحكام المسبقة على حاملي الفيروس أو المصابين بپ"الايدز"، ربما لأن ما رسخ في الأذهان مع بدايات ظهور المرض هو الربط بينه وبين العلاقات الجنسية غير المشروعة بكل أنواعها ومسألة تعاطي المخدرات. هل يدري هؤلاء كم سهل ان نتحول إلى ضحايا الفيروس؟
في ما يأتي وجوه لنساء ورجال وأطفال يتعايشون مع المرض ويتحدون الوصمة التي يلحقها بهم"المعصومون".
لم يكن الشاب عامر يعلم أن علاقة عابرة مع سيدة عربية في بلد المهجر العربي حيث عمل بعيداً عن عائلته اللبنانية، ستقلب حياته بعد اربع سنوات رأساً على عقب. يذكر انه شاهد بحوزة تلك السيدة علبة دواء سألها عنه في حينه فأجابت انه سيعرف لاحقاً. وأضافت انه لن ينساها مدى حياته. ولم يفهم ما عنته بكلامها إلا بعد أربع سنوات حين بدأ يعاني من عوارض مرضية تبين لاحقاً أنها تشير الى إصابته بفيروس"اتش آي في". ووصف نبأ إصابته بأنه كان يشبه"خبر الموت".
أنجبت زوجة عامر طفلاً لينضم إلى شقيقه، وتوجّب عليه ان يتبين ما إذا كانت"خطيئته"أصابت زوجته وطفله، ما يعني مصارحة الجميع بما حصل. وربما كانت بداية التحوّل في حياته في أن زوجته وابنه لم يلتقطا العدوى لسبب ما، وكذلك في تفهّم الزوجة لما حصل ولو بمرارة. ويقول انه اليوم من الأشخاص الذين يتعايشون مع الفيروس بفضل الأدوية التي يتناولها، لكنه غيّر أشياء كثيرة في حياته، بدءاً باختياره المهنة التي يريد مزاولتها في لبنان بعدما كان موسيقياً في بلد المهجر. توجّب عليه اختيار مهنة لا تتضمن إطعام الناس مثل المطعم، لان المجتمع اللبناني ما زال يمارس التمييز ضد حاملي الفيروس. وارتضى ألا يجاهر كثيراً بمرضه، خصوصاً أنه ناشط في التوعية من المرض، نظراً الى حساسية موقف ولديه اللذين لا يحبذان ظهوره على شاشات التلفزة منعاً لإحراجهما أمام رفاقهما.
وتمكن عامر من أن يكون"اكثر فاعلية في مجال مكافحة انتشار مرض الايدز وخصوصاً محاربة الوصمة والتمييز ونشر التوعية الصحية". ونجح في إنشاء"اتحاد المتعايشين مع المرض"في لبنان.
هوروكو سيدة ثلاثينية من مالاوي كرّمها"المؤتمر العالمي للايدز"بمنحها الشريط الأحمر تقديراً لجرأتها ومكافحتها التمييز المجتمعي ضد ضحايا حاملي فيروس"اتش آي في"ومرضى الايدز.
جلست أمام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تروي ما حصل لها قبل سنوات. قالت إنها متزوجة ولديها خمسة أولاد، وكانت تعمل معلمة إلى ان ظهرت عليها عوارض الفيروس. وتبيّن أن زوجها نقل اليها العدوى.
"كرهت زوجي الذي توفي لاحقاً نتيجة المرض. وعملت لأُعيل عائلتي إلى ان سمعت التلامذة يتهامسون"معها ايدز". وتبيّن أن أحد التلامذة يعيش في محيط منزلي، وتبرّع في نقل الخبر إلى المدرسة. ومُنعت لاحقاً في قاعة استراحة المعلمين من تناول القهوة في الأكواب الموجودة في المكان. ولاحقاً منعت من الاقتراب من التلامذة وصار الجميع ينعتني بپ"الجثة المتنقلة".
دافعت هوروكو عن نفسها كثيراً. قالت لمن حولها أنها ليست مريضة"ايدز"وانما تحمل فيروس"اتش آي في"، وأن الأمر مختلف إذ يمكن التعايش مع الفيروس مدى الحياة. تحدثت عن تمييز كبير بحقها، موضحة انها تشعر اليوم بأنها أقوى مما مضى. قالت إنها تؤمن بحياة افضل وتلتزم مساعدة النساء اللواتي هن مثلها ضحايا أزواجهن لمنع المزيد من الإصابات في صفوفهن.
كيرين الهندوراسية 13 سنة، واحدة من بين مليونين ومئة ألف طفل يتعايشون مع الفيروس، بحسب إحصاءات عام 2007 التي بيّنت أيضاً أن 90 في المئة منهم يعيشون في النصف الجنوبي من القارة الافريقية.
انتقل الفيروس إلى كيرين من والدتها أثناء الولادة، وكانت أمها التقطت الفيروس من زوجها، الذي أصيب بالعمى نتيجة مرضه. وأمام حفلة افتتاح"المؤتمر العالمي للايدز"، قالت إنها مثل كل المراهقين من عمرها لديها أحلام كثيرة، لكن كيف يمكن الدخول إلى المدرسة والعيش حياة طبيعية في ظل التمييز الذي يمارس بحقها؟ وتحدثت عن صعوبة التعايش مع والدها الذي تدأب أمها على العناية به، خصوصاً بعد تردي حاله الصحية أخيراً.
في بلادها لم تكن الأدوية التي تعطى لحامل الفيروس متوافرة. تمكنت من خلال جمعيات أهلية ناشطة من التوجه إلى جنيف والبقاء هناك عند أبواب المنظمات الدولية حتى انتزعت حق بلادها في الأدوية، التي باتت ترسل دورياً إلى هندوراس.
تا كيو من كامبوديا، سيدة في عقدها الأربعيني التقطت الفيروس من زوجها قبل عشر سنوات، من دون درايتها. تركت زوجها لأنه أتى بعشيقة له إلى المنزل. وانتقلت مع أولادها إلى منزل ذويها. واضطرت للعمل عاهرة لتتمكن من إعالة أولادها الثلاثة. حين علمت بأنها تحمل الفيروس بعد إصابة بسيطة بالرشح والحمى، لم تخبر أحداً بالأمر، وتحديداً أهلها.
وقالت إنها اليوم ما زالت تمارس الدعارة من دون أن تبلغ زبائنها بأمر مرضها، بل تكتفي بأن تطلب منهم استخدام الواقي الذكري. لا تهتم لحال هؤلاء بل"أهتم لنفسي".
جيريمايا جونسون 25 سنة الأميركي لم يسع لأن يكون ناشطاً في مجال الدفاع عن حاملي الفيروس. كان ناشطاً في مجال السلام. انتقل إلى اوكرانيا لتعليم اللغة الانكليزية و... الوقاية من مرض الايدز. إلا ان جونسون المثلي الجنس التقط الفيروس. ولا ينسى اليوم الذي ظهرت فيه نتيجة الفحوص الروتينية، إذ صدم كثيراً لان الفحص نفسه قبل ستة اشهر كان سلبياً، كشأنه طوال سنوات سابقة.
لامه الناس كثيرا.ً وسألوه كيف يمكن ان يلتقط الفيروس وهو الذي يدعو الناس إلى الوقاية، وكيف تنازل عن حقه في استخدام الواقي الذكري. أجاب ببساطة:"أنا إنسان وهذا المرض إنساني وأنا أخطأت".
دفع جونسون ثمناً باهظاً لخطئه. فُصل من عمله في المنظمة. وطُرد من أوكرانيا التي تعتبر الإصابة بالفيروس فيها وصمة تدفع المجتمع إلى قتل حامله. ولم يكن الوضع أفضل حالاً في الولايات المتحدة على المستويين القانوني والاجتماعي، ما زاد جونسون إحباطاً. وهو لا يزال يحن إلى أوكرانيا التي تلقى من احد تلامذته فيها بطاقة تحمل مشهد غروب الشمس وذيلت بعبارة"سأشتاق اليك".
أرقام الوباء في أوكرانيا وروسيا وأفريقيا والمكسيك
سجل تسارع في انتشار فيروس"اتش آي في"في شرق أوروبا ووسط آسيا. ووفق تقديرات منظمات الأمم المتحدة للايدز، سجّل عام 2007 زيادة في عدد الإصابات بنحو 70 في المئة مقارنة بعام 2006. وتُعتبر تلك أكبر زيادة عالمياً.
تبين الإحصاءات ظهور 150 ألف إصابة و55 ألف وفاة في عام 2007 في تلك المنطقة. وفي كانون الأول من العام الماضي تبين أيضاً ان من بين 175 مليون نسمة يشكلون تعداد سكان 14 دولة في المنطقة يتعايش 1،6 مليون شخص مع فيروس"اتش آي في". ويوضح الباحث الروسي ميخايل كازاتشكان ان المنطقة ما زالت بعيدة من تحقيق أهداف مكافحة المرض وإذا تم البحث علمياً عن الأماكن التي يتركز فيها المرض فهي في روسيا وأوكرانيا حيث بات المرض مُعمماً.
وأكثر المجموعات التي يستهدفها المرض في هذه المناطق هي النساء والأطفال وعاملات الجنس والمهاجرين. وتعتقد فريدو تيشكوفا من طاجكستان ان توسع انتشار المرض يتداخل مع أزمة اقتصادية تشهدها المنطقة خصوصاً انها تترافق مع انتشار المخدرات بواسطة الحقن.
ويشير قسطنطين ليجينتزر الاوكراني إلى ان أنظمة الصحة في المنطقة ليست مهيأة لمواجهة هذه الموجة من المرض"فنحن علينا ان نساعد الشباب الذين يعانون الإحباط والانهيار العصبي وان نعمل في الوقت نفسه على تخفيف مشكلة الوصمة والتمييز".
على رغم كل الجهود التي تبذل من أجل وقف انتشار وباء فيروس نقص المناعة البشري اتش آي في في أفريقيا فإن المنطقة تعتبر من اكثر المناطق المصابة بالوباء.
وتشير إحصاءات قُدّمت في"المؤتمر العالمي عن الايدز"إلى ان أفريقيا تضم اثنين من كل ثلاثة مصابين عالمياً. وتظهر أيضاً أن 45 في المئة من سكان القسم الجنوبي من القارة الافريقية يتعايشون مع الفيروس، على رغم الانخفاض اللافت في عدد الإصابات في بعض دول هذه المنطقة مثل أثيوبيا وكينيا.
وخلّف الوباء في أفريقيا 12 مليون طفل يتيم تم نبذهم وهم معرضون للتحول إلى متعاطي مخدرات ما يعتبر مشكلة أساسية في جنوب القارة وشرقها، إذ ان 50 في المئة من متعاطي المخدرات هم من حاملي الفيروس.
ويجمع الناشطون في هذا الجزء من القارة الأفريقية على ان الفقر والبؤس هما العامل الأساسي لانتشار الوباء، ويطالبون الحكومات باحترام كل المواثيق والاتفاقات التي اتخذت حتى الآن.
تظهر الإحصاءات ان الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية في المكسيك منخفضة 0.3 في المئة بين الأعمار 15 و49 إلا ان وضع الوباء يختلف في شكل كبير في هذا البلد الكبير. وتفيد الإحصاءات الرسمية في البلاد أن نسبة 90 في المئة من حالات الإيدز يعود سببها إلى العلاقات الجنسية غير المحمية.
وتشير التقارير إلى ان نحو 198 ألف شخص في المكسيك يتعايشون مع الفيروس حتى نهاية عام 2007، لكن في آذار مارس من العام الحالي فان 46 ألفاً منهم يتناولون الدواء الثلاثي كعلاج للمرض. ويتبين أيضاً ان 80 في المئة من إصابات الايدز في المكسيك هي بين الشباب والبالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و44 سنة، أما إصابات الجنس غير المحمي بين الرجال فيعتقد انها تشكل اكثر من النصف 57 في المئة من إصابات الايدز التي رصدت في عام 2006.
وفي النصف الأول من العام الحالي، فان 21 في المئة من الحالات التي تم تشخيصها مصابة بالايدز أصحابها من النساء، وثمة إشارات إلى أن المزيد من النساء يصبن بالمرض نتيجة تعدد علاقات الأزواج خارج إطار الزواج، علما ان 4944 مكسيكياً توفوا في عام 2006 بسبب الايدز.
حتى نهاية عام 2007 كان نحو 230 ألف شخص يتعايشون مع المرض في منطقة الكاريبي بما في ذلك نحو 20 ألف شخص أصيبوا بالفيروس في العام الماضي، وتعتبر منطقة الكاريبي ثاني اكثر منطقة مصابة بعد الصحارى الافريقية، واستناداً إلى منظمات الأمم المتحدة التي تعنى بالايدز فإن المرض يتركز في المدن اكثر منه في الضواحي وهناك تأكيدات بأن جمهورية الدومينيكان وهايتي هما اكبر موطنين للوباء في المنطقة، وتشير الإحصاءات إلى ان نحو مليون و700 ألف شخص يتعايشون مع الفيروس في أميركا اللاتينية، وكان مات نتيجة المرض 63 ألف شخص في العام الماضي، وفي المقابل فان 140 ألف شخص أصيبوا أو التقطوا الفيروس في العام نفسه. وتعتبر الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا والمكسيك موطن الوباء الأول في المنطقة بسبب كثافتها السكانية، إذ ان في البرازيل وحدها 40 في المئة من نسبة الإصابات.
وتظهر التقارير ان الجنس غير المحمي بين الرجال عامل أساسي لانتشار الوباء في بوليفيا وتشيلي والاكوادور والبيرو وفي عدد من دول أميركا الوسطى بما في ذلك السلفادور وغواتيمالا وهندوراس ونيكاراغوا وبنما. وأدى ذلك إلى انتقال الفيروس إلى النساء، والمفارقة ان الدراسات التي تركز على عاملات الجنس أظهرت ان نسبة الإصابة بالفيروس تتراوح بين صفر و6 في المئة فقط، ورصدت الدراسة سبباً آخر للوباء يتعلق بانتشار تعاطي المخدرات بواسطة الابر في عدد من دول المنطقة.
يبقى ان نحو 390 ألف شخص في أميركا اللاتينية والكاريبي يتناولون الأدوية الثلاثية للعلاج منذ نهاية العام الماضي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.