هذه المخطوطة جامعة شاملة لأنواع عدة من المعارف والعلوم، وموضوعها يدخل في المراسلات المتعلقة بالدواوين وتفصيلها وتبويبها والعناية بشؤونها، وهي تقع في سبعة أقسام، لمؤلفها ابن فضل الله العمري 1301-1349م الذي عمل في ديوان الإنشاء مع والده كما يذكر الدكتور عبدالله يوسف الغنيم في كتابه"المخطوطات الجغرافية العربية في مكتبة البودليان في أكسفورد"في عهد الناصر محمد قلاوون ? ثم انتقل مع أبيه إلى القاهرة، وصار يقرأ البريد على الملك الناصر. وتذكر الروايات أن ابن فضل الله العمري هو صاحب الفضل في تعيين القلقشندي في ديوان الإنشاء في مصر، وهو الذي وجهه لكتابة موسوعة القيمة"صبح الأعشى في صناعة الإنشاء". ووصفه الصفدي فقال هو:"أحد الأدباء الكمكة الذين رأيتهم... ولم أرقن يعرف تاريخ الملوك المغول من لدن جنكيز خان وهلمّ جرّ معرفته، وكذلك ملوك الهند والأتراك. أما معرفته الممالك والمسالك وخطوط الأقاليم وخواصها، فإنه إمام وقته، وكذلك معرفة الاضطراب وحل التقويم وصور الكواكب". خصص العمري القسم الأول من المخطوطة في المكاتبات، والثاني: في عادات العهود والتقاليد والتفاويض والتواقيع والمراسيم والمناشير. والثالث: في فسخ الأيمان. والرابع: في الأمانات والدين والهُدنْ والمواصفات والمُفاسخات. والخامس: في نطاق كل مملكة، وما هو مضاف إليها من المدن والقلاع والرساتيق. والسادس: في مراكز البريد والحمام، ومراكز هجن الثلج والمراكب المسفرة به في البحر والمناور والمحرقات، والسابع: في أوصاف ما تدعو الحاجة إلى وصفه. وتضمن القسم الخامس وصفاً لمصر والشام والمدن المنسوبة إليهما مع بيان حدود كل إقليم، وهو يقع في 12 صفحة وفيه حديث بإسهاب عن كيفية نقل البلح من دمشق إلى القاهرة، وكيفية ترتيب ذلك. أما القسم السابع، فيحتوي على فصول عدة تدخل في نطاق الجغرافيا على حد كلام الدكتور الغنيم منها: جزء عن الأمكنة، وآخر عن المياه ولوازمها، والكواكب، والأزمنة، والأنواء. وتوجد أكثر من 13 نسخة مخطوطة - للكتاب، هي نسخة مكتبة كارل ماركس بليبزج رقم 659 ونسخة المكتبة البريطانية رقم Add. 7466 ونسختا دار الكتب المصرية رقم 57 أدب و2134 أدب، ونسخة مكتبة أيا صوفيا في اسطنبول رقم 3823، ونسختا مكتبة الإسكوريال رقم 1639 ورقم 1640 ونسختا مكتبة البودليان في أكسفورد رقم poc.170 ورقم Marsh. 707 ونسخة المكتبة الأهلية في باريس رقم Arabe 5872 ونسخة مكتبة برلين رقم 8639 ونسخة مكتبة جامعة ليدن رقم /or.670 ونسخة مكتبة فورزشنك Forschungs في غوتة رقم 1657. ويقول المؤلف في أول المخطوط:"بسم الله الرحمن الرحيم، وبه ثقتي: الحمد لله الذي ميز مقادير الرتب..."، وآخر الكتاب:"إذا كسد عندهم أن له قوماً ينفق عليهم، والله يوفقنا لما هو أصلح ويفتح علينا فقد قرعنا بابه، والله يفتح... أنهاه كتابة كاتبه علي بن عبدالله بن عبدالله الحنفي في العشر الأخير من شوال سنة ست وأربعين وسبعمئة، وسحبان الله ونعم الوكيل". تقع المخطوطة في 259 ورقة من القطع الصغير، ومسطرتها 15 سطراً بخط معتاد، وهي نسخة قديمة كاملة، وربما كان كاتب هذه النسخة هو كاتب الأصل الأول منها. والمعروف أن العمري لم يعش طويلاً، وعلى رغم ذلك، فقد ترك تراثاً غنياً، ولا يزال الكثير منه مخطوطاً، فمن ذلك كتاب"مسالك الأبصار"وهو موسوعة تتضمن مادة جغرافية متميزة، وكتاب"الدرر الفرائد"وهو مختصر كتاب"قلائد العقبان لابن خاقان"وهو في التراجم، وتوجد منه نسخة في الخزانة التيمورية.