أثار الحريق الهائل الذي دمّر مبنى مجلس الشورى الغرفة الثانية في البرلمان ردود فعل غاصبة في الشارع المصري، ففي الوقت الذي قالت الحكومة على لسان مسؤوليها إن الطبيعة التاريخية للبناية وأسقفها الخشبية هي العامل الرئيسي وراء زيادة اشتعال النيران، أرجع خبراء التهام النيران للبناية بأكلمها إلى تأخر عمليات الإطفاء ونظم الإطفاء البدائية. وفتح الحريق ملف التعاطي مع الكوارث على مصراعيه. واستبعد وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي أن يكون الحادث متعمداً أو نتيجة عمل إرهابي، وقال إن"النيابة العامة ستبدأ فوراً تحقيقاتها لمعرفة أسباب الحادث". ودمر حريق هائل مساء أول من أمس الثلثاء مبنى مجلس الشورى بكامله وأدى إلى وفاة جندي كان يعمل ضمن وحدة إطفاء تابعة للمجلس يدعى فؤاد نصار وإصابة ما يقرب من 15 شخصاً باختناقات وجروح طفيفة معظمهم من عمال الإطفاء. وشاركت في عمليات الإطفاء قوات إطفاء الحرائق التابعة للقوات المسلحة ووزارة البترول. وشاهدت"الحياة"البناية من الداخل حيث التهمت النيران الجدران الداخلية والأسقف والنوافذ الخشبية. ولم يبق سوى الجدار الخارجي للمبنى، وهو معرّض للانهيار في أي وقت بحسب خبراء في الهندسة. وظلّت النيران مشتعلة في البناية القديمة الطراز على مدار 8 ساعات، كما أن استخدام عمال الإطفاء للمياه في شكل مكثّف أثار مخاوف من انهيار بعض الجدران الخارجية للمجلس. وبدت قاعة الجلسات التي تم تجديدها منذ ثلاث سنوات، محترقة تماماً، فيما سُدت الطرق المؤدية إليها بالخشب المحترق والطوب جراء انهيار الأسقف من الدور الثالث وحتى الدور الأرضي. ولم يتبق من المبنى سوى الجدران التي يبلغ ارتفاعها نحو 25 متراً. كما لحق الدمار بمقار لجان مجلسي الشعب والشورى، سواء في الدور الأرضي أو الدور الثاني، وكذلك مركز معلومات مجلس الشورى. أما الجزء الخاص بمجلس الشعب البرلمان والذي يحتل الدور الأخير فلم تبقِ النيران على أي شيء فيه واحترق بأكمله وانهارت أرضيته على الأدوار السفلى. واحترق مكتب الصحافة ومكتب الكومبيوتر والعيادة الطبية والمكاتب الإدارية الخاصة بالمجلس والمكتبة. وطوقت قوات الشرطة المنطقة المحيطة بالمبنى الذي يقع قرب مبانٍ حكومية عدة والمبنى القديم للجامعة الأميركية في القاهرة إضافة إلى العديد من السفارات الغربية. ومنعت السلطات الموظفين الذين وفدوا إلى المجلس من دخول المبنى المحترق خوفاً من حدوث انهيارات مفاجئة. ويشبّه مثقفون مصريون حريق الشورى بالحريق الذي شب في مبنى دار الأوبرا المصرية العام 1971. وشيّد هذا المبنى الأثري الشورى إسماعيل باشا المفتش ووزير المال في عهد الخديوي إسماعيل. وفي العام 1922 تم بناء قاعة مجلس الشعب الحالية لتكون مقراً لمجلس النواب بعد الأخذ بنظام المجلسين وتم تخصيص قاعة مجلس شورى النواب لمجلس الشيوخ في ظل دستور العام 1923، واستمر ذلك النظام حتى العام 1952، وتم بعد ذلك إلغاء مجلس الشيوخ وظلت القاعة مغلقة حتى العام 1980. وبعد إنشاء مجلس الشورى الحالي خُصصت القاعة لاجتماعاته. في غضون ذلك رويترز، أفادت صحيفة"البديل"المستقلة ان الطبعة الثانية من عددها الذي صدر أمس مُنعت من الظهور لأن المطبعة التي تملكها الدولة اعترضت على عناوين تغطيتها للحريق الذي دمر مجلس الشورى. وأصدرت الصحيفة بياناً عنوانه"مطابع مؤسسة الاهرام تمنع الطبعة الثانية من البديل بسبب عناوين تغطية حريق مجلسي الشعب والشورى وترفض طبع جزء من الطبعة الأولى".