تروي وزيرة الشباب والرياضة المغربية نوال المتوكل، أول عداءة عربية وأفريقية تحرز لقباً أولمبياً، أن مواطنتها حسناء بنحسي كانت واثقة من الصعود إلى منصة التتويج في سباق 800 م، إذ حلت في المركز الثالث ونالت الميدالية البرونزية في دورة الألعاب الأولمبية المقامة حالياً في بكين. وقالت المتوكل التي انتخبت على هامش الألعاب الحالي عضواً في اللجنة التنفيذية للجنة الأولمبية الدولية:"كنت في القرية الأولمبية صبيحة السباق، وحاولت حثها على بذل الجهود لكي تشرف المغرب، خصوصاً أنني كنت أعلم بصعوبة مهمتها وسط منافسة عداءات حققن أرقاماً أفضل منها هذا الموسم ويتفوقن عليها بدنياً". وأضافت:"كانت حسناء واثقة من نفسها، وقالت لي سأكون على منصة التتويج وقد وفّت بوعدها". وخاضت بنحسي سباقاً تكتيكياً ذكياً، فهي أدركت منذ البداية بأنها لن تقوى على مجاراة العداءتين الكينيتين باميلا جيليمو وجانيث جيبكوسغي، فبقيت تراقب منافساتها الأخريات وعينها على المركز الثالث، وقبل نهاية السباق بنحو 300 م زادت من سرعتها النهائية، لتتخطى عداءة روسية في طريقها إلى نيل البرونزية. وتعتبر بنحسي صغيرة في الحجم مقارنة مع منافساتها اللواتي يتمتعن بكتلات عضلية ضخمة، لكنها كبيرة في الإنجازات التي حققتها طوال مسيرة طويلة بدأت في دورة ألعاب المتوسط 1997 ذهبية 800 م، ولن تنتهي بالتأكيد في أولمبياد بكين. وحافظت بنحسي وهي أم لطفلة تدعى فرح على ثبات مستواها، لأن برونزيتها هي الميدالية الرابعة لها في الألعاب الأولمبية وبطولات العالم، بعد فوزها بثلاث فضيات في أثينا 2004 وهلسنكي 2005 واوساكا 2007 إضافة إلى ذهبية 1500 م في بطولة العالم داخل قاعة، لتصبح أحد 4 عدائين منحوا المغرب أكبر عدد من الميداليات في البطولتين الأولمبية والعالمية. وتقول المتوكل عن إنجاز بنحسي:"إنها عداءة مجتهدة، وما حققته يعتبر إنجازاً، لأنها كانت تواجه عداءات أقوى منها بدنياً، وأفضل منها توقيتاً، وأكثر منها خبرة، كالموازمبيقية ماريا موتولا، واحتاجت إلى تحقيق أفضل رقم لها هذا الموسم لتفوز بالبرونزية". وتابعت:"أكّدت بنحسي في السنوات الأخيرة أنها عداءة يحسب لها ألف حساب، ولم تخيب أمال الشعب المغربي والجهاز الفني والإداري". ونظراً إلى أهمية الإنجاز، هرعت المتوكل إلى المكان المخصص لإجراء المقابلات مع الفائزين، ورافقها النجم المغربي الفذّ هشام الكروج، ورئيس الاتحاد المغربي عبدالسلام احيزون لتحية بنحسي على إنجازها. اما بنحسي فعبرت عن سعادتها لفوزها بالبرونزية، وقالت:"أنا سعيدة بالبرونزية، صحيح أنني كنت أصبو إلى الأفضل، لكن هذا أفضل ما كان يمكنني أن أحقق خلال السباق". وبنحسي المولودة في 1 حزيران يونيو 1978 في مدينة مراكش، والمتزوجة من عداء 800 م أيضاً محسن الشهيبي، عداءة مخضرمة، لفتت الأنظار في سن مبكرة، وتحديداً عندما كان عمرها 18 عاماً، إذ كانت تلعب مع نادي سيدي يوسف بنعلي في مدينة مراكش، وتألقت معه في سباقات عدة، ليتم استدعاؤها إلى المركز الوطني لألعاب القوى في العاصمة الرباط، الذي يضم أبرز العدائين والعداءات في المغرب. ولم تتأخر بنحسي في تأكيد جدارتها بالانضمام إلى المنتخب المغربي، فشاركت في بطولة العالم للشباب 1996 في سيدني، وبلغت الدور نصف النهائي لسباق 800 م. وفي 2001 وخلال بطولة العالم في ادمونتون الكندية، ضربت بنحسي بقوة عندما توجت بطلة للعالم في سباق 1500 م. ثم غابت بنحسي لمدة عامين بسبب إنجابها، واعتبر كثيرون أنها انتهت على الصعيد الرياضي، لكنها احتاجت إلى بضعة أشهر للاستعداد لأولمبياد أثينا، إذ انتزعت الفضية عن جدارة بفضل إرادة الصبر والعزيمة القوية التي تتمتع بهما هذه العداءة المجتهدة. واستمرت بنحسي في التواجد على المنصات، فحصلت على المعدن الأصفر أيضاً في بطولة العالم في هلسنكي 2005، والمعدن نفسه في أوساكا العام الماضي. وتعترف بنحسي بكون مواطنتها المتوكل بطلة أولمبياد لوس انجليس 1984 في سباق 400 م، هي من شجعتها على تكريس مستقبلها لألعاب القوى، وتقول في هذا الصدد:"إنجاز المتوكل شجعني كثيراً على ممارسة هذه الرياضة، وجعلني أطمح إلى الصعود إلى منصة التتويج مثلها". يذكر أن بنحسي هي إحدى سبع سيدات عربيات أحرزن ميدالية في الألعاب الأولمبية، بعد أن فتحت المتوكل الطريق في أولمبياد لوس انجليس 1984 بذهبية 400 م حواجز، ثم جاء دور الجزائرية حسيبة بولمرقة في برشلونة 1992 بذهبية 1500، والسورية غادة شعاع في اتلانتا 96 السباعية، والجزائرية نورية مراح بنيدة ذهبية 1500 م والمغربية الأخرى نزهة بدوان برونزية 400 م حواجز وكلتاهما في سيدني، والجزائرية ثريا حداد في الجودو في بكين.