لم يؤد توقيع الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي على اتفاق لوقف النار، صاغته فرنسا بطلب روسي ورضا أميركي، إلى خفض التوتر في العلاقات الروسية ? الغربية. اذ اتهمت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بعدم الوفاء بتعهده سحب قواته من جورجيا فور توقيع الاتفاق، فيما اعتبر ميدفيديف ان الاتفاق يلقي على عاتق موسكو مهمة ضمان الأمن في منطقة القوقاز في انتظار نشر قوة سلام دولية، ثم سارع إلى تأكيد أن سكان اوسيتيا الجنوبية وأبخازيا"لا يثقون إلا بقوات السلام الروسية". وترافق الغموض والارتباك في مسار الصراع في القوقاز مع تقارير عن مواصلة القوات الروسية تقدمها في اتجاه العاصمة الجورجية تبليسي، ووصول آليات روسية الى مسافة لا تبعد اكثر من 40 كيلومتراً عن المدينة، فيما شن الرئيس الأميركي جورج بوش هجوماً شديد اللهجة على روسيا متهماً إياها ب"الاستقواء"على جاراتها و"ترهيبها"، ومشيراً الى ان هذين الأسلوبين"غير مقبولين في السياسة الخارجية في القرن الحادي والعشرين"راجع ص 7. وبدا ان الأزمة الروسية - الأميركية مرشحة للتصعيد في أماكن أخرى شرق أوروبا، بعد توقيع واشنطن ووارسو على اتفاق لنشر الدرع الصاروخية في بولندا، وتأكيد الرئيس الروسي ان هذه الدرع تستهدف بلاده، فيما أعلن نائب رئيس الأركان الروسي اناتولي نوغوفيتسين ان بولندا تحولت بهذا الاتفاق هدفاً للجيش الروسي بنسبة"مئة في المئة". ولاحظت الخارجية الروسية أن الاتفاق المبدئي حول"الدرع"الذي وقع عليه نائب وزير الخارجية البولندي اندريه كريمر وكبير المفاوضين الأميركيين جون رود، يتزامن مع الأزمة في جورجيا، ما يؤكد ان الدرع الصاروخية الأميركية تستهدف روسيا. وكانت تشيخيا وقعت على اتفاق مماثل مع الولاياتالمتحدة لاستضافة نظام رادار أمني للدرع، لكن برلمانها لم يعط بعد موافقته عليه. واستقبل ميدفيديف في منتجع سوتشي الروسي أمس، المستشارة الألمانية انغيلا مركل التي أبلغته معارضتها استخدام روسيا القوة ضد جورجيا في شكل"غير متكافئ". وفي مؤتمر صحافي عقب محادثاتهما، أكدت مركل ان جورجيا واوكرانيا المناهضة ايضاً لروسيا ما زالتا مرشحتين لعضوية حلف شمال الأطلسي، مشيرة إلى أن الأزمة الأخيرة لم تؤد إلى تغيير في هذا الموقف. وأعلنت مركل أن"من غير المقبول التشكيك في شرعية الحكومة الجورجية المنتخبة ديموقراطياً، ولا يمكن إعادة النظر في سيادة جورجيا ووحدة أراضيها خلال مفاوضات سياسية مقبلة"، وذلك رداً على رغبة الروس في تنحي ساكاشفيلي. في المقابل، اعتبر ميدفيديف ان"المشكلة تكمن في ان الأوسيتيين الجنوبيين والأبخاز لا يثقون الا بقوات السلام الروسية". وزاد:"نقوم بمهمتنا في حفظ السلام وسنواصلها، ولكن اذا واصل أحد الاعتداء على مواطنينا وجنودنا المكلفين حفظ السلام، سنرد كما فعلنا". وأكد ميدفيديف تأييد موسكو لأوسيتيا الجنوبية وابخازيا اللتين استبعد عودتهما عن رغبتهما في الانفصال عن جورجيا، وهو الأمر الذي أشعل الصراع في القوقاز. وفي تبليسي، لام الرئيس الجورجي الغرب لعدم رده بقوة كافية على التحركات العسكرية للروس التي سبقت اجتياحهم بلاده، ولعدم منح جورجيا عضوية الحلف الأطلسي. وبعد إعلانه توقيع اتفاق وقف النار الذي نقلته رايس من باريس، قال ساكاشفيلي:"ننظر اليوم الى الشر في عينيه"، في إشارة إلى روسيا. وشدد على ان جورجيا لن تقبل احتلال روسيا لأي بقعة من أراضيها. في الوقت ذاته، اتهمت رايس الرئيس الروسي بأنه"لم يف"تعهداته بوقف العمليات العسكرية في جورجيا. وقالت خلال مؤتمر صحافي مع ساكاشفيلي ان الولاياتالمتحدة تعتبر ان"الوضع يتطلب نشر قوات دولية لحفظ السلام تكون حيادية في النزاع"، في إشارة إلى تأكيد ميدفيديف بقاء قواته في المنطقة. الى ذلك، اقترح الرئيس الأوكراني فيكتور يوتشنكو على نظيره الروسي بدء مفاوضات عاجلة حول الأسطول الروسي في البحر الأسود، المتمركز في جنوبأوكرانيا.