هزّ لبنان صباح أمس تفجير إرهابي جديد، ضرب مدينة طرابلس الشمالية التي كتب عليها التعرض للمآسي في الشهور الأخيرة، ما سبب مجزرة باستشهاد 10 عسكريين من الجيش اللبناني و5 مدنيين على الأقل تطايرت أشلاء بعضهم بعيداً، عند محطة انتظار حافلات النقل من المدينة الى بيروت ثم الجنوب، في ساعة اكتظاظ كان من الواضح أن مخططي الجريمة قصدوا منها إنزال أكبر عدد من القتلى، لا سيما من العسكريين. وأوقع الانفجار زهاء 51 جريحاً بينهم 30 جندياً، إصابات بعضهم خطرة. وتردد مساء أن عدد الشهداء بلغ 18. وجاء التفجير الإجرامي قبل ساعات قليلة من مغادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بيروت الى دمشق، وفي وقت يتولى الجيش اللبناني حفظ الأمن في المدينة، بعدء الاشتباكات التي اندلعت قبل زهاء شهرين بين جبل بعل محسن ومنطقة باب التبانة، وفي حين استشرى الاحتقان المذهبي على امتداد المناطق اللبنانية منها الشمال، بفعل التأزم السياسي في البلاد. راجع ص 5 و6 وأدت قوة الانفجار، على رغم أن زنة العبوة هي في حدود 1.5 كيلوغرام من مادة ال"ت ن ت". واقتصار الحفرة التي خلفتها على 30 سنتم، الى أضرار كبيرة في السيارات والحافلات والشقق السكنية في الشارع. وإذ طوق جنود لبنانيون مكان الانفجار وبدأت الأدلة الجنائية تحقيقاتها في مسرح الجريمة وكذلك القضاء، أوضحت قيادة الجيش اللبناني ان العبوة وضعت في حقيبة عند نقطة توقف باصات يقصدها العسكريون. وجاء في بيان للقيادة أن الانفجار"يستهدف الجيش في شكل مباشر ويصب في خانة الاستغلال الواضح من قبل الإرهاب لتداعيات السجالات السياسية". وذكرت معلومات أن معظم العسكريين الشهداء والمصابين هم من منطقة عكار الشمالية. ولقيت الجريمة إدانة اجتماعية في لبنان والخارج، واستنفرت المستوى السياسي، لجهة كيفية مواجهة تداعياتها واحتمالات حصول جرائم مماثلة وسط مخاوف على الوضع الأمني في البلاد، في الشمال وغيره. وأكد الرئيس سليمان في بيان أن الجيش اللبناني والقوى الأمنية"لن تخضع لمحاولات إرهابها بالاعتداءات والجرائم". ودعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى التضامن والوحدة ونبّه من أن"محاولة إرباك النظام العام ستبقى هدف المجرمين". وأكد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أن لبنان"لن يركع ولن يستسلم للمجرمين". ودعا زعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري الى عقد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء يخصص لبحث وضع طرابلس والى تعزيز قدرات الجيش اللبناني والقوى الأمنية. واتصل ببري وأطلعه على اقتراحه إدراج الجريمة في عداد الجرائم التي أحيلت على المحكمة ذات الطابع الدولي. ودان قادة طرابلس جميعاً يتقدمهم الرئيسان السابقان عمر كرامي ونجيب ميقاتي الجريمة، فيما دعا رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط الى اعتبار الانفجار"إنذاراً يوجب على الحكومة إعطاء الجيش الصلاحية المطلقة لجمع السلاح". وفي المعارضة اعتبر زعيم"التيار الوطني الحر"العماد ميشال عون ان الجريمة"نتيجة الإهمال في مكافحة الإرهاب"، فيما رأى"حزب الله"إنها تستهدف"المؤسسة العسكرية بما تمثله من ضمان للسلم الأهلي". وصدرت إدانات خارجية عدة للجريمة واعتبرت السفارة السعودية في بيروت انها"تستهدف الاستقرار الأمني والسياسي في وقت يسعى الشعب اللبناني الى ترسيخ المصالحة والوحدة الوطنية"كما دانها مصدر رسمي سوري، ورأى موسى أنها"تهدف لإرباك الموقف السياسي والأمني وإعاقة انطلاقة الحكومة الجديدة". واستنكر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي"الاعتداء الجبان"، وصدرت مواقف مشابهة عن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وإسبانيا. وفيما تحدثت مصادر أمنية عن توقيف الجيش مشتبهاً به في الضلوع بالجريمة للتحقيق معه، ذكرت مصادر أخرى مساء أن عدد المشتبه بهم الذين احتجزوا للتحقيق ثلاثة. وقالت مصادر مراقبة أن انفجار طرابلس أنشأ قناعة لدى الكثير من القادة والمسؤولين أن الوضع في طرابلسولبنان بات يحتاج خطة أمنية شاملة ولم يعد يحتمل المعالجة الموسمية كلما وقع حادث، وأن موضوع السلاح وانتشاره إذا بقي على حاله، يشكل غطاء لاستمرار جرائم من هذا النوع. على صعيد آخر، صدر أمس عن تحالف قوى 14 آذار بيان تضمن رؤيتها للعلاقات اللبنانية ? السورية لمناسبة زيارة الرئيس سليمان دمشق. وجاء في مذكرة اذاعتها أنها تطرح 7 مطالب لتطبيع العلاقات بين البلدين بدءاً من امتناع سورية عن علاقات عسكرية أو تنظيمية مع مجموعات أو فصائل في لبنان وعدم استخدام كل من البلدين أراضيهما معبراً لما يهدد أمن الآخر وترسيم الحدود، مروراً بإقامة العلاقات الديبلوماسية والتعاون السوري في إزالة المراكز الفلسطينية المسلحة خارج المخيمات وحل قضية المفقودين والمعتقلين وانتهاء بإعادة النظر في معاهدة التعاون بين البلدين.