يميل ثيران المصارعة في إسبانيا الى الموادعة والانقياد الى مربيهم ومدربهم. فالثيران تدرب على الاستعراض وعالمه. وفاق عدد استعراضات مصارعة الثيران 11 ألف استعراض في السنة الماضية. وبلغ عدد جمهور هذه المصارعة نحو 40 مليون شخص توافدوا الى حلبات المصارعة للفرجة على الاستعراض الترفيهي. وتحل مصارعة الثيران في المرتبة الثانية، بعد كرة القدم، في سلم رواج أنواع الرياضة المختلفة بإسبانيا، على رغم تراجع عائدات بث هذه"الرياضة"التلفزيوني. وتعود مصارعة الثيران ب 1.5 بليون يورو على الدولة الإسبانية، وتوفر مئتي ألف فرصة عمل. وثمة جمعيات تدافع عن حقوق الحيوانات، وتناهض مصارعة الثيران. والحوار بين مؤيدي المصارعة ومناوئيها غير مجد. فالطرفان متمسكان بوجهتي نظرهما. ويرى مؤيدو مصارعة الثيران وهواتها أنها"فن"راق ينبغي ألا يخلط بينه وبين التعذيب. ويأخذون على أنصار البيئة غفلتهم عما يترتب على حظر مصارعة الثيران، وهو انقراض الپ"تورو برافو". وترى ايزابيل كاربيو، أمينة اتحاد مربي الثيران العامة، وهو يشرف على 368 مركز لتربية الثيران، أن مربي الثيران هم أبرز المحافظين على البيئة. ويعود الفضل الى مصارعة الثيران في تخصيص اتحاد مربي الثيران مساحة 540 الف هكتار من البراري لتربية الثيران. وهذه البراري هي محميات انتخبتها أجناس حيوان في طور الانقراض، مثل اللقلق الأسود وطيور الكركي البيضاء، ملجأ لها وملاذاً. ويبلغ عدد مراكز تربية الثيران في إسبانيا 1300 مركز. ويرى ادواردو ميورا، وهو صاحب مزرعة تربي 600 ثور، أن ثيران ميورا أي تلك المتحدرة من مزرعته، لطالما بعثت الخوف في صدور الناس. فهذه الثيران ذائعة الصيت. وهي عدائية، ويصعب التكهن بحركاتها. ونطحات عدد من هذه الثيران قاتل. وقضى كثر من المصارعين بضربات قرونها. ولكن الطلب على هذه الثيران العدائية والبرية تراجع. ويقول ميورا:"نبيع 60 ثوراً الى حلبات تحبذ المصارعة الصعبة في إشبيلية، وبامبلون، وبيزييه. وعلى رغم أن زبائننا أوفياء ولم يتخلوا عن ثيران ميورا، يُطلب منا عرض ثيران مروضة ووديعة تتعاون مع التوريرو، مصارع الثيران. فالثيران لا تبعث على الخوف، بل على التعاطف معها والحزن عليها، على ما يقول، أنتونيو لوركا، محرر"رياضة"مصارعة الثيران في صحيفة"إل باييس". ففي مجتمع الترفيه، فقد الثور عدائيته ووحشيته. ويقول لوركا:"تبدو عروض مصارعة الثيران أقرب الى رقص الباليه منها الى مصارعة بين ثور وإنسان". ويندد كثر بتشذيب قرون الثور وقطعها، واستبدالها بقرون اصطناعية تحمي المصارع من مخاطر الضربات القاتلة. ويرى هؤلاء المعترضون أن استبدال قرون الثور الطبيعية بأخرى اصطناعية تقوض جوهر فن مصارعة الثيران، أي المواجهة مع الموت. والحق أن دور الثور في مصارعة الثيران لم يعد واضحاً. فالثيران، اليوم، تخضع قبل ولادتها لعملية انتقاء جينية، وتتغذى بأعلاف غير طبيعية. ويفوق حجم الثيران حجمها في الماضي. ولكن الثيران تعاني، اليوم، ضربات مصارع الثيران، وحركاته المتقنة، وقتاً طويلاً في أثناء جولة المصارعة. ولا يولي الاسبان أداء الثور أهمية تذكر، ويكتفون بالاحتفاء بأداء مصارع الثيران، على خلاف الفرنسيين. عن فرانسوا ميسو،"لو بوان"الفرنسية، 7/8/2008