ليس ثمة شك بشأن تحمّس سكان بكين لدورة الألعاب الأولمبية التي تقام الشهر المقبل، غير أن سلسلة المشكلات التي استعصى حلها قد تلاحق الزائرين وربما تمنع كثيرين من الحضور. من غضبة المسافرين بسبب تأخر الرحلات، إلى ضعف مهارات اللغات الأجنبية، تواجه البنية التحتية للسياحة في بكين تحدياً هائلاً في التعامل مع هؤلاء الضيوف الذين حصلوا على تأشيرات دخول بشق الأنفس. ويقول كبير محللي شؤون الصين في شركة اكسيس آسيا للأبحاث بول فرنش:"التجهيزات موجودة ولكن تفتقر إلى آليات التشغيل". وطالما أدركت بكين أنها تواجه تحدياً كبيراً وبدأت التحضير باكراً بوضع عدد أكبر من اللافتات باللغة الإنكليزية وتصحيح الأخطاء اللغوية في اللافتات الموجودة بالمدينة وتشييد طرق جديدة وتوسيع شبكة قطارات الأنفاق. غير أن الكثير من التجهيزات انصبت على المجموعات السياحية - التي يفضل الصينيون عادة قضاء عطلاتهم من خلالها - من دون السياح الأفراد، وهو الأسلوب المفضل للسفر لدى الأجانب، خصوصاً الغربيين منهم. واعترف نائب مدير إدارة السياحة في بكين شيونغ يومي بأنه"وفق البيانات الحالية فإن عدد المجموعات السياحية أقل من المسافرين الأفراد. وهذا يعني مطالب أكبر في ما يتعلق بعامل اللغة وخدمات الاستقبال". وقال شيونغ إن قوائم الطعام المطبوعة باللغتين الإنكليزية والصينية لن تتوافر خلال دورة الألعاب الأولمبية إلا في فنادق معينة وفي ألف مطعم أو نحو ذلك وفي بعض المناطق السياحية الشهيرة، وهو ما يعني أنه لن يتسنى للسائحين التردد على عدد كبير من المطاعم. وبالطبع ستصبح جميع هذه المشكلات محدودة إذا لم يأت السياح بالأعداد المتوقعة. واعترف المسؤولون بأن الدعاية السلبية في الفترة السابقة على بدء الدورة الأولمبية بسبب التلوث وحقوق الإنسان والاضطرابات في التبت والقيود على تأشيرات الدخول وقضايا أخرى دفعت كثيرين للإحجام عن الحضور. وقال فرنش:"اعتقد أن صورة الصين مخيفة الآن. ويفكر الناس... هل ستكون هذه رحلة ممتعة". وأضاف:"اعتقد أنهم يفكرون في التلوث إلى جانب المشكلات الخاصة بالتأشيرات وغرابة السفر إلى هناك وحقيقة أن الاستعدادات لا تبدو كاملة". وتقلق قضيتان المراقبين بشكل خاص، هما ضعف اللغة الإنكليزية ومشكلة التعامل مع نظام النقل في بكين الذي يتسم بالفوضى في بعض الأحيان. وقال رئيس"اي جت انتليجنت ريسكس سيستمز"بروس مك ايندو، وهي شركة لإدارة المخاطر:"سيكون الانتقال، خصوصاً الوصول إلى الأماكن البعيدة، تحدياً. وستكون هناك حواجز اللغة". وسيكون من الصعب استخدام شبكة الحافلات الضخمة من دون فهم ولو بسيط للصينية، كما أن الحافلات تسير ببطء شديد في أوقات الذروة. وعلى رغم التوسّع في شبكة قطارات الأنفاق فإنها لا تغطي مناطق كثيرة في المدينة وتزدحم بالركاب في أوقات الذروة. غير أن الأستاذ في جامعة ولاية نورث كارولاينا شو تشيرنغ فانغ لا يعتقد أن الازدحام المروري يمثل المشكلة الرئيسية، لأن الكثير من سكان بكين سيطلب منهم بكل بساطة البقاء في منازلهم أثناء الدورة الأولمبية. وقال:"حركة المرور يمكن السيطرة عليها. القضية الحقيقية هي مفهوم الخدمة". وذكر فانغ الذي يقدم المشورة لمنظمي الدورة:"ربما تضطر لأن تركب سيارة أجرة للوصول إلى قطار الأنفاق، ثم تركب حافلة للوصول إلى هناك. دمج الخدمات أحد الأمور التي لم تعرفها بكين من قبل. ستكون مشكلة". ويتوقع المسؤولون أن تستضيف بكين ما بين 450 و500 ألف زائر أجنبي خلال الدورة الأولمبية بزيادة طفيفة عن العدد الذي جاءها في الفترة نفسها من العام الماضي وقدره 420 الفاً، على رغم أن آب أغسطس موسم ضعيف للسياحة بسبب حرارة الطقس. وعلى رغم افتتاح صالة جديدة ضخمة من تصميم نورمان فوستر في مطار بكين، فإن هيئة الرقابة على الطيران المدني قلقة من أن تخذل مستويات الخدمة المدينة في المرحلة التي يتعرف فيها معظم الناس على بكين لأول وهلة. وأصدرت الهيئة بياناً مطولاً على موقعها في وقت سابق من هذا العام، يحذر شركات الطيران من أن الحكومة لن تتسامح مع"الأحداث الجماعية"في المطارات، وهو مصطلح رسمي يعني الاحتجاجات. وخلال مهرجان الربيع في العام الماضي استدعيت شرطة مكافحة الشغب لمطار بكين بعد أن هاجم مسافرون غضبوا لتأجيل رحلاتهم بسبب الضباب العاملين في شركات الطيران وحاولوا اقتحام الطائرات التي منعت من التحليق. غير أن هناك عاملاً لا يمكن للهيئة التحكم فيه وهو الطقس. فعادة ما يوقف المراقبون الجويون جميع الرحلات أثناء العواصف الرعدية... والصيف هو موسم العواصف الرعدية في بكين. وأواخر العام الماضي صرح رئيس الهيئة في ذلك الحين يانغ يوان يوان ل"رويترز":"الدورة الأولمبية بمثابة اختبار مهم لنا بالتأكيد". وقال يانغ:"قلنا الأفضل ألا يكون الافتتاح في 8-8. سيكون من الأفضل في 8-9 او 8-10. فالثامن من أغسطس في منتصف موسم العواصف الرعدية من تموز يوليو إلى اغسطس". ومن الطريف اختيار اليوم الثامن من الشهر الثامن لافتتاح الدورة، لأن رقم 8 في الصينية رمز لحسن الحظ والثراء.