طُرحت قضية الهجرة غير الشرعية الى أوروبا بخاصة، في أفلام عدة في الآونة الأخيرة، سواء عربية أم غربية، منها الفيلم الإيطالي"فتى الغلاف.. الثورة الأخيرة"للمخرج كارميني أموروزو. ويدور هذا الفيلم حول المهانة التي يتعرض لها المهاجرون غير الشرعيين، ويتساءل إلى أي مدى يمكنهم الاستمرار على هذه الحال؟ المهاجر في الفيلم ليس من دول العالم الثالث كما هو معتاد، إنما هو من أوروبا الشرقية إلى أوروبا الغربية. لكن الأوجاع واحدة والمعاناة واحدة والمهانة أيضاً واحدة. يبدأ الفيلم بالطفل الجميل لوان وهو يطرح سؤالاً على أبيه الطبيب:"هل يمكننا شراء سيارة مرسيدس بعد القبض على تشاوشيسكو؟"، ولا يمضي وقت طويل على سؤال الطفل حتى يقتل أبوه أمام عينيه في إحدى الهجمات الثورية على مبنى البرلمان الروماني. يختبئ الطفل في أسفل سيارة والده عند مشاهدته موته ثم يعلو بوجهه نفسه من سيارة أخرى وقد صار شاباً وسيماً في إشارة إلى مرور سنوات على الثورة التي كانت عرفتها رومانيا قبل أن تمر بأوقات عسيرة في فترة ما بعد الحقبة الشيوعية. يعرض أحد الأصدقاء على لوان فكرة الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا. يفعلان ولكن فيما لا يستطيع الصديق الإفلات من قبضة الشرطة على الحدود ينجح لوان في الوصول إلى روما التي يتعرف فيها إلى مايكلي وهو طباخ في الأصل لكنه لا يمارس مهنته لندرة الفرص، وعوضاً عن ذلك يعمل في مسح أرضية محطة القطار. غير ان هذه الوظيفة التي قبل بها على مضض لم تعد تقبل به إذ تخبره مديرته أن سنه تجاوز الأربعين وأن هذا العمل في حاجة إلى شاب أصغر سناً. تنشأ علاقة صداقة قوية بين لوان ومايكلي خصوصاً بعد أن يوفر الأخير مسكناً للوان. لا يجد لوان عملاً سوى تنظيف زجاج السيارات الواقفة عند إشارات المرور. وذات يوم يتقابل مصادفة مع صديقه الروماني الذي حضه على الهجرة وقد بدت عليه مظاهر الثراء. وسرعان ما يكتشف أن الصديق متورط في أعمال منافية للآداب ويريد إشراكه معه. عندما ينهره لوان يجيبه الصديق:"إذا كنت تريد أن تعيش فيجب أن ترضى بأي شيء يجيء إليك". "موديل" يقابل لوان مصورة فوتوغرافية تعرض عليه نقوداً مقابل الذهاب معها إلى ميلانو لتصويره وإعداده كپ"موديل". في البداية يسعد لوان بهذه الفرصة وبالفعل كاد أن يصبح نجماً في هذا المجال لكنه يستيقظ من حلمه الجميل على صدمة قوية أصابته بالحيرة والغضب الشديدين إذ تبين له أن المصورة استغلته أسوأ استغلال بعد أن وضعت صورة له وهو عار كانت التقطتها في أثناء لقاء بينهما، على غلاف إحدى المجلات وفي خلفية الصورة ركبّت لقطة من لقطات الثورة في رومانيا وكتب على الصورة"ارتدى الثورة". بعد تأنيبه للمصورة أمام جمع من الناس ورد الإهانة لها يعود لوان إلى روما ويقابل مايكلي مجدداً حالماً بالعودة إلى رومانيا مصطحباً معه ميشيلي. يحسب للفيلم أنه جسد صورة لمهاجرين وليس لواحد فقط، واحد منهما مهاجر داخل الوطن إذ لم يكن هناك فارق كبير بين أحوال لوان ومايكل. فكلاهما يعاني الظروف الشاقة نفسها، المعاناة نفسها والغربة نفسها وعدم الأمان الاجتماعي. فإذا كانت المصورة استغلت لوان، وإذا كان صديقه اضطر لممارسة الرذيلة فقد انتهى الأمر بمايكلي إلى شوارع روما محاولاً دفع سائحيها لشراء ميداليات تذكارية عليها صورة البابا. يحسب للفيلم أيضاً السيناريو المتماسك والإيقاع المتزن والموسيقى المتناسبة وأحداثه وتصويره لعالم عروض الأزياء في شكل مبدع جديد. كما يحسب له مناقشته قضية أصبحت من أهم القضايا على المستوى العالمي لا سيما أنها ارتبطت هنا بفترة اضطراب سياسي واجتماعي كبيرين.