بعد تفكير طويل قررت أن أبدأ بممارسة رياضة السباحة، فمضى اليوم الأول على ما يرام، ولكن في اليوم التالي أخذت أعاني من آلام مزعجة في عضلاتي خصوصاً في عضلات الكتفين والذراعين، فأوقفت السباحة. لازمتني الآلام العضلية مدة خمسة أيام قبل ان تولي أدبارها. ... كنت ألعب كرة القدم، وفجأة داهمني تشنج عنيف في عضلة ساقي اليسرى الأمر الذي اضطرني الى التوقف عن اللعب. ... عكفت أخيراً على ممارسة رياضة الهرولة السريعة كل صباح فركضت للمرة الأولى لمدة ساعة تقريباً ولكنني عانيت مساء من التصلب المؤلم في العضلات. لا شك في أن النشاط البدني مهم لجسم الإنسان لأنه يسمح بالحفاظ على صحة جيدة، فهو يزيد من اللياقة الجسمية، ويسهم في تأمين التناسق في العضلات، ويحسن من عملية الهضم والنوم، ويرفع من قدرة الرئة على الاستفادة من الأوكسيجين، ويزيد من كفاءة عمل القلب والدورة الدموية، ويشجع على إضاعة الوزن الزائد، ويقلل من مستوى الكوليسترول السيئ في الدم في حين أنه يرفع الجيد منه، ويلعب دوراً في تنظيم مستوى السكر، والى جانب هذا كله يبعث النشاط البدني على إفراغ الشحنات السلبية التي تفرزها الضغوط الحياتية اليومية كما يبعث الإحساس بالراحة النفسية، ويعود السبب الى ان الرياضة تحث الجسم على إفراز هرمونات الأندورفين الشبيهة بالمورفين التي تبعث على الراحة والاسترخاء. ان ممارسة النشاط البدني المستمر والمنتظم يعتبر خطوة مهمة على الطريق الصحيح، ولكن ما هو غير صحيح المباشرة في الخطوة على غفلة أي من دون التحضير السليم لعضلات الجسم كي تواجه العبء الذي ينتظرها. والتحضير السليم للعضلات يتم بالتحمية المناسبة التسخين من أجل تهيئة القلب لتلقي ما يلزمه من الدم والأوكسيجين وتقوية المفاصل وإعطاء الفرصة للعضلات كي تكتسب المرونة والقوة والمقاومة للقيام بجهود أكثر حدة، ما يقلل من الأخطار التي يمكن ان تحدق بالقلب والعضلات كما تساعد على تحسين إنجاز التمارين الرياضية من دون مشاكل. ان إغفال تحمية العضلات يقود الى الحالات الآتية: الآلام العضلية، ويطلق عليها إسم آلام الغد لأنها لا تظهر في العادة يوم ممارسة الجهد الرياضي بل في اليوم التالي، وتحدث هذه الآلام نتيجة استعمال العضلات في شكل غير عادي، فعندما تتعرض العضلات للإجهاد تصاب جدران خلايا العضلات والأربطة والأنسجة بالتلف، وينتج عن هذا التلف إفراز مركبات كيماوية داخل الألياف العضلية فتتورم هذه وتنتفخ مسببة الوجع الذي يظهر بعد 24 الى 48 ساعة من تنفيذ الجهد الرياضي، وفي الحالة العادية تزول تلك الآلام العضلية بعد مرور 3 الى 7 أيام من دون أي علاج طبي. التشنجات، ويمكن ان تحدث هذه عند الرياضيين وغير الرياضيين وسببها الإنقباض المتواصل للألياف العضلية، ويمكن ان تستمر من بضع ثوان الى ساعات. والتشنجات العضلية مخادعة تدهم صاحبها على حين غرة من دون انذار. وتشاهد التشنجات في أي عضلة غير أن مكانها المفضل هو الساق وبالتحديد بطة الساق. أما أسبابها فغير معروفة لكن العوامل الآتية تسهم في شكل أو في آخر في إطلاق العنان لها ومنها: - نقص المعادن، خصوصاً الكالسيوم والمغنيزيوم والبوتاسيوم والصوديوم. - الأمراض الوريدية كالدوالي. - تضيق شرايين الفخذ. - التهوئة الزائدة التي تنجم عن التسريع غير المفيد للتنفس. - الوضعية الخاطئة التي تعرقل إمداد العضلات بالدم اللازم للقيام بمهامها. - بذل جهد طويل وشديد في جو حار يشجع على ضياع السوائل والأملاح عن طريق التعرق. - البرد الشديد. التمزق العضلي، ويدل عليه حدوث ألم موضعي مستمر وهو ينتج عن تمزق الألياف العضلية خلال القيام بجهد ما تعرضت خلاله العضلة الى جذب أكبر مما تستطيع تحمله، ويكون الألم أعنف كلما كان التمزق العضلي أكبر لذا لا بد من إيقاف التمارين الرياضية لتفادي أذيات أوسع في العضلات الأمر الذي يؤدي الى تأخير الشفاء. ويحصل التمزق العضلي في وسط العضلة أو في أحد أطرافها ولكن معظم حالات التمزق تشاهد في المنطقة القريبة من ارتكاز العضلة لأن المرونة تكون على أقلها في هذه المنطقة. أما الأسباب التي تقف وراء التمزق فهي: - عدم القيام بالتحمية اللازمة الأمر الذي يؤدي الى تحجر العضلات وتصلبها وبالتالي تصبح هذه أكثر عرضة للتمزق. - عدم وجود التناغم بين العضلات العاملة والعضلات المضادة لها، إذ أن هناك عضلة مضادة لكل عضلة عاملة مهمتها الحفاظ على التوازن في حركاتها. - افتقار العضلات الى المرونة اللازمة خصوصاً في حالات التعب والإرهاق. - الشد العضلي المفاجئ والعنيف. - الاستعمال الخاطئ للعضلة. - نقص في أحد المعادن. - في حال وجود تشوه يفرض عملاً زائداً على عضلة معينة. ان التمزق العضلي يكون على درجات، فقد يكون خفيفاً أو متوسطاً أو شديداً. وفور وقوع التمزق يجب اللجوء الى الاستراحة المطلقة مع وضع أكياس الثلج على العضلة المؤلمة إضافة الى رباط ضاغط، وإذا كان الثلج يؤلم الجلد فيجب وقف استعماله على الفور. ومن المهم عدم اللجوء الى استعمال أي مصدر حراري أو الى التدليك تفادياً لحدوث النزف الذي يزيد الطين بلة. التهاب أوتار العضلات، وهو إصابة ناتجة عن الإجهاد المتكرر للوتر العضلي نفسه أو للمفصل، ويشاهد هذا الالتهاب أكثر عند الذين يقومون بأفعال تتطلب التكرار وهناك أمثلة عدة منها، مثل التهاب وتر عضلة مرفق يد لاعب التنس، والتهاب أوتار عضلات الكتفين لدى السباحين، والتهاب عضلة عقب القدم عند العدائين وغيرها. وإذا أردنا تفادي الوقوع في مطب الإصابات العضلية فما علينا الا الانصياع الى النصائح الآتية: 1- التحمية ثم التحمية. فهي ضرورة لا غنى عنها من أجل تهيئتها للقيام بمجهود أكثر حدة وشدة. أيضاً التحمية تعطي المجال للأوتار العضلية كي تصبح أكثر مرونة ومطاطية لمواجهة العبء الواقع عليها. 2- في حال الشروع للمرة الأولى بممارسة النشاط الرياضي يجب ان يكون بسيطاً في البداية ومن ثم تُرفع شدته رويداً رويداً. 3- التغذية الجيدة والمتوازنة خصوصاً بالسكريات البطيئة الامتصاص التي تشحن العضلات والكبد بالطاقة اللازمة لمواجهة العبء الناتج عن الجهد الرياضي. 4- تناول ما يكفي من الماء قبل الجهد الرياضي وبعده من أجل تجنب الجفاف الذي يسبب الإرهاق للعضلات فيجعلها أكثر عرضة للتشنجات والتمزقات. كما ان الماء ضروري لإنجاز العمليات الاستقلالية المولدة للطاقة وكذلك لتخليص الخلايا من النفايات السامة المتراكمة فيها. 5- تدليك العضلات قبل القيام بالنشاط البدني للوقاية من التشنجات العضلية. 6- التدليك أيضاً بعد ممارسة الجهد الرياضي لأنه يسمح بتدفق أفضل للدم في العضلات وفي تخليصها من المخلفات السامة المتكومة فيها. 7- تناول البروتينات بعد الانتهاء من التمارين الرياضية من أجل ترميم وإعادة بناء الخلايا العضلية. 8- تناول معدن المغنيزيوم لأنه عنصر محوري في توليد الطاقة وفي المشاركة الفاعلة في عملية التقلص العضلي. 9- الاسترخاء عقب الجهد لصيانة العضلات. أخيراً، إذا كنت ممن يعانون التنشجات والآلام العضلية بعد ممارسة الرياضة فحبذا لو أخذت بنصيحة باحثين أميركيين ومفادها أن تتناول جرعات داعمة من الفيتامين ي لأنه يعمل كالإسفنجة في امتصاص الشوارد الكيماوية الحرة الضارة الناتجة عن الجهد الرياضي والتي لها ضلع في إطلاق عقال الآلام العضلية. أما الجرعة التي ينادون بها فهي ألف وحدة دولية يومياً سواء للمسنين أو للشباب وعلى ما يبدو فإن الفائدة أكبر عند الشباب.