وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إلى العاصمة الأميركية أمس في زيارة قد تكون الأخيرة له في منصبه، اجتمع خلالها مع الرئيس جورج بوش وأركان إدارته في لقاءات تصدرها الملف النووي الإيراني وعملية السلام والمساعدات العسكرية. ووصفت أوساط قريبة من أولمرت زيارته للولايات المتحدة بأنها"استراتيجية من الدرجة الأولى"، بينما نقل عنه قوله إن المسائل التي يبحثها مع بوش ونائبه ديك تشيني ووزيري الدفاع والخارجية"مصيرية بالنسبة إلى إسرائيل"وفي مقدمها"الملف الايراني"فضلاً عن"الرزمة الأمنية"الموعودة بها إسرائيل"التي ستكون بمثابة هدية وداع لأولمرت"، في إشارة إلى أن هذه الزيارة قد تكون الأخيرة لرئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي الذي يتهدد السقوط حكومته على خلفية قضية الفساد الأخيرة المنسوبة إليه. وتحت عنوان"هدية الوداع من الرئيس بوش"، كتبت صحيفة"يديعوت أحرونوت"في صدر صفحتها الأولى أن أولمرت غادر إلى واشنطن حاملاً معه"سلة مشتريات"، وأنه سيحصل على منظومة دفاعية متطورة مضادة للصواريخ وسيطلب طائرات من طراز"إف 22". ويأتي اجتماع أولمرت وبوش في البيت الأبيض بعد أقل من ثلاثة أسابيع على اجتماعهما في القدسالمحتلة، حين شارك بوش إسرائيل احتفالاتها بالذكرى الستين لقيامها. وتابعت الصحيفة أن القضية المركزية في محادثات أولمرت في واشنطن"تتعلق بالسيناريوات المختلفة التي طرحت في الفترة الأخيرة بهدف منع إيران من التزود سلاحاً نووياً". وأضافت أن"هذه السيناريوات"تم تداولها خلال زيارة بوش الأخيرة لإسرائيل"في إطار مقلص جداً ضم وزير الدفاع إيهود باراك ورئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غابي أشكنازي". وأفادت"هآرتس"أن أولمرت سيحاول إقناع الرئيس الأميركي بالاعتماد على تقارير الاستخبارات الإسرائيلية التي تؤكد أن ايران تواصل برنامجها للتسلح النووي لا على تقارير الاستخبارات الأميركية التي قالت عكس ذلك. وتابعت الصحيفة أن أهمية"الملف النووي"كانت وراء إقناع أولمرت بالسفر إلى واشنطن للمشاركة في مؤتمر لجنة العلاقات العامة الأميركية - الإسرائيلية"ايباك"، بعدما تردد كثيراً على خلفية العاصفة السياسية الداخلية التي رافقت كشف ضلوعه في قضية فساد جديدة تنذر بإسدال الستار على مشواره السياسي. لكن مصدراً سياسياً رفيع المستوى أشار إلى أنه"لا يتوقع اتخاذ قرارات"خلال المحادثات في شأن هذا الملف. وتوقع المراسل السياسي لصحيفة"يديعوت أحرونوت"شمعون شيفر أن يعلن الرئيس الأميركي"رزمة أمنية"لإسرائيل تشمل منظومة دفاعات مضادة للصواريخ البالستية بعيدة المدى هي الأكثر تطوراً في العالم، إذ تشمل أجهزة رادار ترصد الوقت الحقيقي لانطلاق الصواريخ البالستية من أي نقطة في العالم. وأضاف أن الولاياتالمتحدة لم تزود حتى اليوم أي دولة بمثل هذه المنظومة، كما ستحصل إسرائيل في إطار"الرزمة"على عتاد للمنظومة الدفاعية ضد الصواريخ قصيرة المدى مثل قذائف"القسام". وتشمل الرزمة مساعدة الأميركيين لإسرائيل في تطوير مشروع صاروخ"حتس 3"و"حوماه"، والاتفاق على بيع إسرائيل طائرات حديثة،"وتحديداً رفع مستوى العلاقات الاستراتيجية بين البلدين". وأضاف المراسل أن أولمرت سيتقدم بطلب رسمي لشراء 183 طائرة مقاتلة من طراز"إف 22"التي لم تبع واشنطن منها لأي دولة في العالم، ثمن كل منها 150 مليون دولار. وتتميز هذه الطائرات بأن منظومات الرادار ليست قادرة على كشفها. وأضاف أن واشنطن سبق أن لمحت لإسرائيل بأنه في إطار الجهد الدولي المشترك ضد"محور الشر"سيكون في وسعها اقتناء هذا النوع المتطور من الطائرات، كما تسعى إسرائيل إلى الحصول على مجموعة طائرات مقاتلة من طراز"إف 35"الأكثر تطوراً في العالم. ومن المفترض أن يطلع أولمرت مضيفيه على آخر المستجدات على المسارين التفاوضيين السوري والفلسطيني وعلى فرص التوصل إلى تهدئة في قطاع غزة. ونقلت هآرتس عن مصدر في مكتب أولمرت قوله إن الأخير سيركز في محادثاته مع المسؤولين الأميركيين على محاولات لوقف البرنامج النووي الإيراني. وبدأ أولمرت زيارته بالمشاركة في المؤتمر السنوي ل"ايباك"قبل أن يلتقي بوش في البيت الأبيض. وأكدت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة"في واشنطن أن الإدارة الأميركية قلقة من الأزمة السياسية التي تعترض أولمرت والفضيحة المالية التي قد تؤدي الى استقالته، وتداعيات هذا الأمر على عملية السلام وجهود الإدارة لإحداث اختراق قبل نهاية ولاية بوش. وأشارت المصادر إلى أنه حتى في حال تخطي رئيس الوزراء الإسرائيلي الأزمة، فإن واشنطن تتخوف من ضعف موقعه السياسي الراهن وشلّ قدراته على تقديم تنازلات مطلوبة لإحداث أي اختراق قبل نهاية العام. ورأت المصادر التي اجتمعت أخيراً مع مسؤولين أميركيين في مجلس الأمن القومي والخارجية، أن الاستياء الأميركي تزايد من عدم إحراز تقدم في عملية السلام، وأن الادارة ترى نفسها"عاجزة عن إقناع الإسرائيليين بفك حاجز أو فتح معبر حالياً". وتتخوف من ضيق عامل الوقت وضعف القيادتين الفلسطينية والاسرائيلية، في شكل يصعب معه التوصل إلى اتفاق في الوقت المطلوب. إلا أن المصادر نفسها كشفت عن تفاؤل وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني بمجريات المفاوضات السرية مع الفسلطينيين، خصوصاً في مسألتي الأمن واللاجئين، وتحدثت عن"اختراقات محتملة"في هذا الصدد. وستتوجه وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، التي ستجتمع مع أولمرت، إلى المنطقة الأسبوع المقبل لاجتماعات ماراتونية مع القيادتين في رام الله وتل أبيب لمتابعة مسار المفاوضات. وتتقاطع زيارة أولمرت مع وجود خصمه زعيم حزب"ليكود"بنيامين نتانياهو في واشنطن للمشاركة في مؤتمر"ايباك"الذي سيخاطبه المرشحان الديموقراطيان للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون وباراك أوباما، بعد المرشح الجمهوري جون ماكين الذي توجه إلى المؤتمر أول من أمس وتعهد حماية التفوق العسكري الإسرائيلي وعزل إيران في حال انتخابه.