أعلنت الحكومة العراقية أمس انطلاق عملية "بشائر السلام" العسكرية في العمارة 390 كلم جنوببغداد بعد انتهاء المهلة التي منحها رئيس الوزراء نوري المالكي للمسلحين لتسليم أسلحتهم، باعتقال عدد من المشتبه بهم، بينهم قائمقام المدينة نائب المحافظ رافع عبدالجبار. وتوقفت اللجنة الأمنية والعشائرية التي شكلها رئيس الوزراء في العمارة قبل أربعة أيام، عن تسلم الأسلحة وبدأت القوات الأمنية عمليات دهم واسعة للمنازل، منذ ساعات الفجر الأولى، وضبطت كميات كبيرة من الأسلحة. وأكد اللواء عبدالعزيز محمد جاسم، مدير العمليات العسكرية في وزارة الدفاع ل"الحياة"أن العملية"ستستمر لأكثر من أسبوع وستقتصر على الدهم والتفتيش ولن تنجر إلى المواجهات إلا إذا بدأ المسلحون الهجوم أو التعرض لقوات الأمن في المدينة"، مشيرا الى"العثور على كميات كبيرة من الأسلحة والقبض على عدد من المشبه بانتمائهم إلى الجماعات المسلحة والخارجين عن القانون". ولفت الى تقسيم العمارة الى"أربعة قواطع عسكرية وفرض طوق أمني حولها لتسهيل سير العملية ومحاصرة المسلحين الذين ما زالوا يحتفظون بأسلحتهم". الى ذلك طالب محافظ ميسان عادل مهودر"قوات الامن بتوخي الحذر أثناء عمليات الدهم". وأكد في تصريحات صحافية انه لا يريد"مآسي إنسانية في المدينة على غرار ما حصل في البصرة أثناء عملية صولة الفرسان قبل أكثر من شهرين". وأفاد الناطق باسم وزارة الدفاع اللواء محمد العسكري ل"الحياة"ان"العملية بدأت الساعة الخامسة فجر اليوم أمس باعتقال مجموعة من المطلوبين ومصادرة اسلحة واعتدة عثر عليها في اماكن متفرقة". وقال ان العملية"ترمي الى ملاحقة الخارجين عن القانون". وأكدت مصادر امنية ان المالكي أمر القادة الميدانيين بتسهيل حركة المواطنين في ميسان وعدم فرض حظر التجوال. واوضح اللواء حسين العوادي، قائد الشرطة الوطنية، ان"قوات الجيش والشرطة نفذت الخميس حملات دهم وتفتيش في مناطق المعلمين و الرسالة وابو رمانة وفي قاطع 30 تموز". واكد ان حملات التفتيش جرت"من دون حدوث اي مواجهة او اشتباك، بل هناك تعاون كبير من المواطنين"واضاف:"تم العثور على ذخائر واسلحة متروكة في الشوارع التي دخلتها قوات الأمن". وكان عشرات المسلحين سلموا انفسهم أول من أمس، قبل ساعات من انتهاء فترة العفو. الى ذلك طالب الشيخ صلاح العبيدي، الناطق باسم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، قوات الأمن بالالتزام بتوصيات المالكي بعدم التعرض لأنصار التيارلمجرد الانتماء". وقال ل"الحياة"إن قوات الأمن"اعتقلت عدداً من أنصار التيار من دون توجيه التهم إليهم". وأضاف ان"التيار حذر في وقت سابق من توجيه عملية بشائر السلام ضده وأكد ضرورة أن تتعامل الحكومة بتوازن أكثر معه وباقي المكونات والأحزاب وان لا تجعل منه كبش فداء لعملية فرض القانون في الجنوب". من جهة أخرى، اعلن العقيد مهدي الاسدي، االناطق باسم الشرطة في ميسان أ ف ب اعتقال"16 مطلوباً للعدالة بينهم قياديان في جيش المهدي ومسؤولون حكوميون". لكن رئيس الهيئة السياسية في التيار الصدري لواء سميسم قال:"نحن مع فرض القانون في اي مكان شرط ان يتم بمهنية واستقلالية كاملة ولا يتخذ ذريعة لتحقيق اهداف سياسية". وشدد على"اصرار التيار على فرض القانون ... وان لا تطبق عملية الاعتقالات والمداهمات بشكل عشوائي انما وفقا للقانون". وأكد الفريق الركن علي غيدان، قائد سلاح البر في مؤتمر صحافي"مصادرة اسلحة وقواعد صواريخ القاها مسلحون في البرك والانهار والساحات العامة ... من الصعوبة تفتيش كل المنازل لكن الاعتماد على المواطنين سيساعد في العثور على الاسلحة". واضاف ان"العملية تسير بشكل طبيعي"موضحا ان"لابناء المحافظة من العشائر والشخصيات دورا مميزا في التمهيد والاعداد للخطة الامنية". وتابع ان"هذا التعاون ادى الى نجاح العملية في مراحلها الاولى، حيث لاحظنا استجابة يعجز عنها الوصف ... الامور تجري بسلام، ونأمل تنظيف المدينة من العناصر المسلحين وحصر الامور الامنية بيد الدولة". وتفيد معلومات متداولة على نطاق واسع ان العمليات التي تنفذها القوات العراقية هدفها الحد من نشاط الميليشيات الشيعية، خصوصا التيار الصدري، قبل انتخابات مجالس المحافظات المتوقع اجراؤها مطلع تشرين الاول اكتوبر المقبل. واكدت تقارير اعلامية فرار عدد كبير من عناصر ميليشيا"جيش المهدي"التي لوحقت في البصرة ومدينة الصدر، الى محافظة ميسان المتاخمة للحدود مع ايران. واثار ذلك ريبة ومخاوف التيار الصدري من ان تكون العملية تستهدفه، الا ان المالكي اكد ضرورة"عدم اعتقال المنتمين الى التيار الصدري لمجرد الانتماء"مشددا على"اعتقال الخارجين عن القانون فقط"ومتمنيا"تعاون قيادات التيار الصدري في عزل هؤلاء العناصر والابلاغ عنهم للتخلص منهم". بدوره، قال الفريق الركن حسين العوادي قائد قوات الشرطة"سيتم استقبال ثلاثة الاف متطوع في الشرطة، من خلال آلية محددة والقطاعات العسكرية ستبقى في المحافظة حتى بناء قوات وطنية كبيرة من شرطة وجيش، ولو استمر الامر لمدة سنتين". وفي هذا السياق، اعلن غيدان"اعادة ضباط الجيش السابق من رتبة عقيد وما دون الى الخدمة"، وطالبهم ب"الالتحاق بالوحدات العسكرية، وفقا لاجراءات محددة".