كشفت وثائق أعدتها هيئة تحقيق في مجلس الشيوخ الأميركي عن كيفية تطوير مسؤولين في وزارة الدفاع البنتاغون برنامج التعذيب المثير للجدل في سجن قاعدة غوانتانامو العسكرية في كوبا ان جوناثان فريدمان، المحامي في قسم مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي أي، نصح مسؤولي وزارة الدفاع باستخدام التعذيب خلال التحقيق مع المعتقلين في غوانتانامو نهاية عام 2002. وأفادت صحيفة"واشنطن بوست"ان فريدمان دافع عن أساليب"الإيهام بالإغراق"ووسائل تعذيب أخرى باعتبارها شرعية، على رغم أن القوانين الأميركية والدولية تحظر استخدامها. وأوردت إحدى الوثائق العشرين ان فريدمان قال لمجموعة من العسكريين ورجال الاستخبارات في اجتماع عقد في غوانتانامو في الثاني من تشرين الأول أكتوبر 2002 لبحث كيفية تحسين آلية الحصول على معلومات من المعتقلين بعد اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001، إن"التعذيب يخضع في الأساس إلى الإدراك الحسي"، وأضاف:"إذا توفي المعتقل فانتم تستخدمون التعذيب في شكل خاطئ". واستعرض فريدمان منافع ومضار التصوير بالفيديو، وكيفية تفادي تدخل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مدافعاً عن أسلوب"الإيهام بالإغراق"، فيما طالب بمراقبة خبراء طبيين المعتقلين. ولدى انعقاد الاجتماع كانت"سي آي أي"طبقت فعلياً أسلوب"الإغراق الوهمي"على معتقلين من تنظيم"القاعدة"في أحد السجون السرية في الخارج، وذلك بموافقة محامي إدارة الرئيس جورج بوش. وأشارت الوثيقة الى دور أكبر مما كان يعتقد للاستخبارات في تقديم النصح للمحققين، كما كشفت أخرى بذل مساعدين كبار لوزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد جهوداً منهجية لاستخدام وحدة تدرب الجنود الأميركيين على مقاومة المعاملة غير الإنسانية في الأسر، في وضع مناهج قاسية لاستجواب معتقلين. وتشمل التقنيات الحرمان من الإحساس والإجبار على التعري والترهيب عبر استخدام كلاب، والتي أقرت للاستخدام تدريجاً في غوانتانامو، ثم توسعت الى المعتقلات الأميركية في أفغانستان والعراق. وأظهرت الوثائق ان"البنتاغون"اعتمد صيف عام 2002 لوائح لتحقيقات قاسية وآراء داعمة من"سي آي أي"وآخرين، وطبق الممارسات على رغم معارضة محامي الجيش الذي اعتبر التكتيكات المقترحة غير شرعية ويمكن أن تضر بالقوات الأميركية. واستناداً الى ألبرتو مورا، المستشار القانوني السابق لقوات البحرية, فان أساليب التحقيق واجهت مقاومة شديدة من الأوساط القانونية في وزارة الدفاع وحلفاء الولاياتالمتحدة. وأضاف ان مذكرة أصدرتها الكولونيل ديان بيفر، المسؤولة القانونية في معتقل غوانتانامو، تضمنت دفاعاً قانونياً عن استخدام مجموعة واسعة من أساليب التحقيق القاسية,"ما فتح إضافة الى رسالة وجهها رامسفيلد بالكامل حدود إساءة معاملة المعتقلين". وتابع مورا:"عرفت على الفور ان القرار خاطئ ويستند الى تحليلات قانونية غير كافية"، مؤكداً ان حلفاء الولاياتالمتحدة ترددوا في الانضمام الى العمليات القتالية ورفضوا التعاون مع القوات الأميركية في التدريب على التعامل مع المعتقلين بسبب مخاوف من إساءة معاملة القوات الأميركية للمعتقلين". وكشف ان مسؤولين كباراً من الحلف الأطلسي غادروا أي اجتماع تطرق فيه مسؤولون أميركيون الى إساءة معاملة معتقلين خشية اتهامهم بالضلوع في هذه الممارسات". وعلق السناتور الجمهوري ليندسي غراهام بأن التوجيهات التي قدمت خلال تلك الفترة"ستسجل في التاريخ كأسوأ تحليل غير مسؤول وقصير النظر قدم لجيشنا واستخباراتنا". وسأل رئيس لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ السناتور الديموقراطي كارل ليفين:"بحق السماء كيف وصلنا الى نقطة يمكن ان يقول فيها محامو الإدارة ان التعذيب مسألة إدراك". وأضاف:"لم تنتج الأساليب المستخدمة من تصرفات فردية أو قلة فاسدة تتصرف من تلقاء نفسها، كما قال بعض المسؤولين الأميركيين في ذلك الوقت. لقد سعى كبار المسؤولين في الإدارة الى الحصول على معلومات عن الوسائل العدوانية والقفز فوق القانون لخلق شكل يضفي شرعية عليهم ويخولهم حق استخدام هذه الوسائل".